Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تقع الشركات الناشئة أو حتى الشركات الكبرى ضحية عصر السرعة والتسابق المستمر لطرح تقنيات جديدة في وقت يجب التركيز فيه على الحلول المستدامة وبعيدة المدى. في هذه المرحلة من النمو، يكون ثمن الإخفاق على كل الأطراف باهظاً، فإما الصمود الموقت أو الاستمرارية الدائمة.

يتحدّث خبراء في التقنية والمعلومات عن ديون التكنولوجيا؛ مشكلة تواجهها المؤسسات اليوم مع رغبتها في التوسع والنجاح سريعاً... فماذا عن الجودة إذاً؟ قد تصل ديون التكنولوجيا أو التقنية إلى مليارات الدولارات خصوصاً لدى الشركات التي لا تزال المهارات الرقمية فيها ضعيفة وأداؤها الانتاجي متأرجحاً مما يؤدي إلى تراجع أسهمها في السوق. تُشكّل ديون التكنولوجيا مشكلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات ورؤسائها والأسباب خلفها تتعدد.

كيف تقع الشركة بديون التكنولوجيا؟

بين السرعة والتميّز والاستمرارية، تدرس عمالقة التكنولوجيا والشركات خططها لمواكبة العصر الرقمي بكل ما فيه من ابتكارات، والبداية مع الانتقال من النهج التقليدي إلى العمليات الادارية الحديثة. أسباب عدّة تعيق تطوّر الشركة والفرق العاملة فيها وتوقعهم في ديون التكنولوجيا. ومن أبرز هذه الأسباب اعتماد الحل السريع بدلاً من الحل الأصح والأنسب لمعالجة الأزمة. هذا إلى جانب الفجوة الرقمية والمعرفية لا سيّما في قطاع التقنية والمعلومات، غياب التنسيق بين أقسام الشركة والعمل بشكل مستقل، كما أن اعتماد الحلول "في اللحظة الأخيرة" وعدم تدارك الأزمة بمراحلها الأولى قد يوصل الشركة للوقوع بالديون التقنية بالاضافة إلى عدم المعرفة بالبرامج الموثوقة وعدم استيعاب متطلبات العمل المتغيّرة والمُماطلة في عملية إعادة الهيكلة مما يعيق توزيع المهام على كافة الأقسام بالمسار الصحيح.  

قد يكون من الصعب الخروج من الديون بمرونة وهذا ما يُحتّم على القادة إعادة التفكير بالسياسات المتبعة والبحث بالآثار المالية التي ستتحمّلها الشركة إن لم تُعالج المشكلة كما يجب. فالتركيز على المرحلة المستقبلية من الأمور الملحّة لأي مشروع إنما التنسيق الداخلي هو المفتاح الأساس لتحسين أداء العمل والاستجابة لمتطلبات العملاء بوضوح وسلاسة.

في وقت يرى فيه البعض بالديون التقنية مشكلة فعليّة، يعتبر البعض الآخر أن الحلول دائماً واردة للمعالجة. إنما في حال لم تتم معالجتها في الوقت المناسب، قد تصبح الديون التقنية مشكلة خطيرة مما سيؤدي إلى تراكم الأمور حتى يفقد الفريق السيطرة وهنا تصبح المشكلة كارثية.

ديون التقنية وأنواعها

يختلف تفسير ديون التكنولوجيا بين شركة وأخرى إلا أنه يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات متنوعة: ديون التقنية المتعمّدة ويمكن أن تُعرف على أنها قرارات يتخذها الشخص عن علم مسبق. تختار الشركة تعليمات برمجية سيئة، مما قد يؤدي إلى مخاطر رقمية على مستوى التعليمات البرمجية، كما سيؤثر ذلك سلباً على الأداء المتقطع أو غير المنتظم مع تراجع تجربة المستخدم. وعلى الرغم من أن معرفة هذه المشكلات ليس الحل الأمثل، إلا أنها تسمح للفريق بالتوثيق والقياس والتحديث عند الحاجة.

الفئة الثانية هي الديون غير المتعمّدة وهي الفئة التي تُنشأ فيها الأعمال عشوائياً دون أي اختبار أو تجربة سابقة ويتم الارتقاء إلى المرحلة المقبلة دون مراجعة المعنيين بالأمور التقنية أو التصميم أو الكلفة الانتاجية فقد تغيب عن القيمين معلومات أساسية عن المنتج أو البرنامج. وهذا النوع من الديون التقنية هو من الأخطر باعتبار أن بعض المشكلات قد تمتد لفترة طويلة دون الادراك لوجودها.

أما الفئة الثالثة فهي فئة الديون المرتبطة بالظروف المحيطة. يتم تعريف هذه الفئة على أنها الدين الذي زاد بمرور الوقت دون أي تطور نشط من داخل الكود أو البرمجية نفسها. عوامل أخرى خارجية قد تؤدي إلى هذا الدين مثل تحديث نظام التشغيل، مما يؤدي إلى تعطل شيء ما أو عدم عمله بشكل صحيح. كما قد تؤدي التحديثات الأمنية إلى إيقاف التطبيق فيخرج عن الخدمة. حتى لو كان الكود الأصلي صالحاً، فإن الدين التكنولوجي سيزداد تدريجياً.

إستراتيجيات للحدّ من الديون التقنية وتعزيز الفرص في الشركة

يمرّ قطار النمو بسرعة كبيرة على العالم أجمع مما يزيد التحديات، لذا تهتم الشركات والمؤسسات بعمليات حلّ ديون التكنولوجيا للتصدي للعوائق المرتقبة ومعالجة المشاكل في هذا الصدد. تشمل الحلول المقترحة:

أتمتة مرحلة الاختبار للتخلص من الديون التقنية: تصحيح الأخطاء الآلية والعمليات الأخرى ذات صلة والبحث عن مشكلات التعليمات البرمجية في كل مرة يتم فيها تحديث البرمجية. كما من المهم إجراء مراجعات دورية للأنظمة المعتمدة في الشركة والتأكد من سلامتها وجودتها لاستقبال التعليمات من البرمجيات الجديدة بلغات متعددة.

إعادة هيكلة كود المصدر:  من خلال هذه الخطوة يمكن تصحيح الثغرات في البرمجيات المعتمدة وإعادة هيكلتها بطريقة مختلفة للتعامل مع الديون التقنية والاستفادة من كود المصدر وتعزيز أدوات الاختبار الآلية. ومع ذلك، تؤثر الخبرة بنسبة كبيرة في هذا المجال حيث يجب دعم المهارات الرقمية مع الحاجة إلى مزيد من الدورات التدريبية والتعليمية لزيادة الوعي حول أهم الاستراتيجيات التي يجب اعتمادها للنجاح في حقل التكنولوجيا.

استخدم أفضل ممارسات الترميز: يجب على الشركات والمؤسسات وضع معايير ترميز داخلية ليقوم المطورون باتباعها وتنفيذها. ومع توحيد الكود المستخدم، يمكن التخلص من الديون التقنية منذ البداية دون هدر الوقت.

خطة استراتيجية: تُعد الهيكلة الداخلية من أهم عناصر نجاح واستمرارية الشركات أما البرمجيات والكودات المستخدمة فهي أيضاً من المشاريع الضرورية للاسراع بعملية التصحيح وضمان سير العمل وفقاً لمعايير موحدة وضمان التقليل من حجم ديون التكنولوجيا على الشركة والتعامل مع المشكلة بالوقت الفعلي.

قد تكون ديون التقنية أمراً حتمياً، إلا أن احتمال تجنّب هذه المشكلة وارد دائماً خصوصاً بالنسبة للشركات المتمكنة من حيث قاعدتها الرقمية وجاهزيتها على ضوء التحولات. فإن استباق المشكلة قبل وقوعها والتأكد من سير العمليات التشغيلية وحفظ البرمجيات من الثغرات الأمنية كلّها خطوات للابتعاد عن شبح الدَين والمضي قدماً.  

في حين تُتاح في السوق أدوات عدّة يمكن استخدامها للحدّ من ديون التقنية ومنعها، ينصح الخبراء باستخدام البرمجيات الخاصة لاكتشاف الثغرات ونقاط الضعف الأمنية مع الحفاظ على أحدث المعايير. بالاضافة إلى تحديث سياسات الأمان وقابلية صيانة البرمجيات لرفع الجودة وتحقيق التنمية والاستدامة. بالنسبة للخطط التقنية الناجحة وتأثيرها، تُظهر الشركات أداءً متفوقاً في مجال المعلومات والتكنولوجيا مع تسريع العمليات التشغيلية بنسبة 42%. إن قياس "تكلفة التأخير" في المشاريع التقنية يساعد الشركات على تحديد اطار زماني لبناء الأولويات على أساسه والهدف من ذلك هو استكمال أكبر عدد ممكن من المشاريع دون تكبّد خسائر الديون التقنية فالادراة هنا تبقى الأساس. وفقاً للدراسات، سيقوم قادة قطاع التكنولوجيا بإدارة الديون التقنية والعمل على تخفيضها خلال العام الجاري. إن الممارسات التي تقوم بها الشركات حالياً تدعم أهداف الأعمال الاستراتيجية من جهة وتحفظ مكانة الشركة من جهة أخرى. لا يمكن تحسين الأداء دون مراقبة سير العمل على مدار السنة، فإن قياس الديون التقنية وكيفية إدارتها بفعالية أصبح من الأمور البديهية لخلق الميزة التنافسية المرجوة.