Advertisement

Typography

في مقابلة حصرية مشتركة مع تيليكوم ريفيو، تحدث الخبيران في المجال السيّد أحمد رضا، رئيس قطاع التكنولوجيا والميديا والاتصالات في شركة EY الشرق الأوسط وأفريقيا، ورئيس قطاع الجيل الخامس والتكنولوجيا الممتدة في شركة EY فؤاد صديقي، عن أهم الاتجاهات في المنطقة ومتطلبات التحول الرقمي إلى جانب استراتيجيات التواصل، بالإضافة إلى مواضيع أخرى مثيرة للاهتمام.

 

برأيك، ما هي الاتجاهات الخمسة الأساسية  التي ستواصل تأثيرها على قطاع التكنولوجيا والاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا؟

أحمد: تقدم شركات الاتصالات خدمات رقمية شاملة على جميع مستويات سلسلة الإمدادات تطال الشركات والعملاء حيث يكون الدافع الأساسي هو متطلبات العملاء، وفرص سوق خدمات الأعمال الرقمية وتدفقات الإيرادات المستقبلية. يشهد القطاع العديد من الفرص الجديدة نتيجة لرقمنة الاقتصاد الذي يستفيد من شبكات مشغلي الاتصالات. إلى جانب ذلك، تؤثر موجات الرقمنة على طلبات العملاء، حيث تفتح أمامهم فرصاً جديدة في خدمات الاتصالات.

إن العوامل التكنولوجية المُساهمة في عملية تحوّل شركات الاتصالات إلى تقديم خدمات رقمية هي: الجيل الخامس، السحابة، إنترنت الأشياء والأمن السيبراني. تعتبر تكنولوجيا الجيل الخامس من أولويات رواد الاتصالات، وهي لاعب أساسي لقطاع الاتصالات نظراً للتحولات التي تأتي بها إلى القطاع.     

كذلك، تُعيد شركات الاتصالات التفكير بحجم ووتيرة استثماراتها في الجيل الخامس بسبب المخاوف من مشاكل في الشبكة، والاعتماد على المزودين الخارجيين والهجمات واسعة النطاق. أصبحت تكنولوجيا السحابة من العناصر الأساسية لشركات الاتصالات نسبةً للفوائد التي تُقدّمها. كما تستفيد شركات الاتصالات من المنصات السحابية لتطوير اتجاهات دورها في إنشاء نماذج أعمال جديدة وتقديم تجربة مميّزة للعملاء. وكذلك تستفيد شركات الاتصالات من إنترنت الأشياء لتقديم حلول مختلفة تماماً، مثل السيارات المتصلة بالانترنت وحلول المدينة الذكية ومنصات إنترنت الأشياء الخاصة بالثورة الصناعية الرابعة وغيرها العديد.

والجدير ذكره، في حين  تعمل شركات الاتصالات على تثبيت مكانتها للتوسع في التقنيات التكنولوجية المذكورة، سيتوجّب عليها الانتقال من فكرة "الانتشار أولاً، توفير الحماية لاحقاً" إلى "التحول - الانتقال" والأخذ بالاعتبار تدابير الأمن السيبراني في أسرع وقت ممكن عند اعتماد هذه التقنيات التكنولوجية.

 

 تبرز القوة التحولية للجيل الخامس في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. ما الذي يمكن أن ينجزه مزودو الخدمات لتأمين إنتاجية الشبكات واستمراريتها ومرونتها وتطويرها؟

فؤاد: أطلق معظم مزودي الخدمات في المنطقة عروض الجيل الخامس التجارية والاستهلاكية بنجاح. تكمن الفرصة الأهم والاستراتيجية الأكبر في قطاعات ريادة الأعمال. إن تمكين ورقمنة القطاعات - مثل الطاقة والصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والزراعة - تُشكل فرصةً لنمو شركات الاتصالات. ومع ذلك، الاختبار الحقيقي هو بجهوزية مزودي الخدمة وتحركهم. بحسب  EY، هناك فرصة عالمية بقيمة 700 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030، على مستوى بعض القطاعات الرئيسة.  تكمن القيمة الحقيقية في تطوير حزمة تقنية متكاملة، بما في ذلك حلول شبكات الجيل الخامس الآمنة ذات المهام الدقيقة وحلول السحابة الطرفية مع الذكاء الاصطناعي المدمج؛ إن السماح بتوسيع نطاق القدرات لتحسين هذه القطاعات من خلال مكاسب الإنتاجية ومزايا الاستدامة هو أمر أساسي.

يبرز ذلك أهمية تمكين أداء هذه الأعمال في الكثير من القطاعات. مثلاً، يعرض المنتدى الاقتصادي العالمي عدّة شركات من هذه المجالات والتي شهدت على الكثير من الفوائد. لانتهاز هذه الفرصة وتعزيز النطاق وحجم الخدمات، سيتطلب ذلك اعتماد طريقة مختلفة لطرح بنية مرنة وآمنة مع واجهات برمجة تطبيقات مفتوحة تعتمد معياراً معيّناً وموحداً، ولكن مع التخصص المناسب وفقاً للقطاع لدعم حالات الاستخدام الناشئة.

 

ما هي المقاربة الأفضل لدمج التجربة الرقمية وتجربة العملاء لخلق قيمة مضافة على المدى البعيد؟

أحمد: يدفع التحول الرقمي والتكامل الشركات إلى تغيير نماذج أعمالها والتكيّف مع واقع السوق الجديد. إن العملاء هم الذين سيقودون هذا التحول. اليوم، يتوقّع العملاء محتوى وخدمة ذات صلة في ما يتعلق باحتياجاتهم في أي وقت وفي أي مكان وعلى أي جهاز من اختيارهم. لمواكبة هذا النوع الجديد من العملاء، يجب على الشركات تبني التكنولوجيا لتقديم تجربة لا مثيل لها.

حالياً، غالباً ما يقوم العملاء بتقييم المؤسسات بناءً على تجربة العملاء الرقمية الخاصة بهم أولاً. تتيح تطبيقات الأجهزة المحمولة والتعلم الآلي والأتمتة وغيرها الكثير للعملاء الحصول على ما يريدون تماماً في الوقت الآني. تسبب ذلك بتغيير توقعات العملاء، مما أدى إلى ظهور فئة جديدة من المستخدمين المعاصرين. يُحتّم واقع السوق الجديد على المؤسسات تغيير وتبني التحول الرقمي كقاعدة لبناء استراتيجية أعمالها.  

تتطلّب الرقمنة من الفرد إعادة التفكير في كيفية التفاعل مع العملاء. بالنسبة لفرق مبيعات الأجهزة والأعمال B2B و B2C ، تعني الرقمنة الانتقال أكثر إلى البيع الاجتماعي. بالنسبة لفرق التسويق، تعني الرقمنة تقليل الإنفاق على أنشطة التسويق غير المتصلة بالإنترنت واستخدام القنوات الرقمية والتسويق القائم على الحساب واستراتيجيات التسويق عبر البريد الإلكتروني. أما بالنسبة لفرق خدمة العملاء، فإن الأمر كله يتعلق بمساعدة العملاء بشكل استباقي. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع المراجعة والفعاليات والاجتماعات جزءاً مهماً من النظام الايكولوجي لخدمة العملاء.

كل شيء يحدث الآن في وقته الآني، لذا تحتاج الشركات إلى توفير السرعة والتخصص وإمكانية الوصول لعملائها.

 

برأيك، ما هي الاستراتيجيات الأساسية لتتوافق التطورات الرقمية مع الاستخدامات المستقبلية المفيدة؟

 

فؤاد: أحد الأبعاد المهمة لضمان نجاح حالات الاستخدام هذه هو بناء القدرات والشراكات مع الجهات الفاعلة في النظام الايكولوجي. بحسب دراسة النظام الايكولوجي من EY لعام 2022، 69% من قادة الأعمال يدينون لشراكات النظام الايكولوجي باعتبارها عنصراً أساسياً لنجاحها. يمكن للقطاعات في المنطقة تمكين إنشاء ونمو أنواع جديدة من الشركات من خلال الاستفادة من هذه الشراكات. أما بالنسبة لقطاع الاتصالات، فنشهد اندفاعاً قوياً، حيث قام البعض بشراكات مع رائدين في المجال. عقدت بعض شركات الاتصالات شراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. في بعض الحالات على مستوى عالمي، استحوذت شركات الاتصالات أو استثمرت في شركاء النظام الإيكولوجي، وهذا ما يأخذه العملاء بعين الاعتبار. في دراسة EY Reimagining Industry Futures ، 73% من المدراء التنفيذيين الذين شملهم الاستطلاع يسعون لإعطاء الأولوية للموردين الذين يمكنهم توفير علاقات النظام الايكولوجي ذات الصلة.

 

في ظل السعي لتحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وتطبيق الأهداف الوطنية، كيف يمكن للاعبين في مجال الاتصالات أن يحافظوا على مكانتهم في ظل المنافسة والتعاون في تقديم منتجاتهم وخدماتهم؟

أحمد: تبعاً لرؤية 2030، حقق قطاع الاتصالات في المملكة العربية السعودية قفزة كبيرة. أدى تحرير القطاع وتنظيمه بالإضافة إلى إدخال العديد من اللاعبين الجدد إلى نقل المنافسة في السوق إلى مستوى جديد. ومع ذلك، يدرك القطاع أن التعاون مع المنافسين هو من الأمور المهمة للتعامل مع الضغط على هوامش الربح وبناء ميزة استراتيجية.

تستمر المنافسة المتزايدة في تقليل الهوامش، بينما يطلب المستهلكون خدمات أكثر تطوراً بأسعار منخفضة. من ناحية أخرى، يجب على مشغلي الاتصالات الامتثال للتراخيص التنظيمية التي تفرض تغطية الشبكة في المناطق غير المربحة، مما يسمح بتطبيقات الفيديو والأفلام عبر الانترنت  والعديد من لوائح تحرير السوق الأخرى التي تؤثر على الايرادات.

لمواجهة هذه التحديات، يبحث مشغلو الاتصالات في كيفية إيجاد طرق خاصة للتعاون من خلال مشاركة كل أو جزء من مناطق الإنفاق الأكبر مع المنافسين. وجدنا العديد من المبادرات لمشاركة تكاليف البنية التحتية للشبكة وأبراج الراديو وغرف البيانات وما إلى ذلك.

 

مع كثرة الحديث عن الجيل السادس، بينما يتوسع انتشار الجيل الخامس، ما هي الاستراتيجية التي يجب على قطاع التكنولوجيا والاتصالات اتباعها لاقتناص فرص الاتصال؟

فؤاد: بحلول العام 2030، سندخل عصر الجيل السادس، عصر الذكاء في كل مكان والذي يتم تمكينه من خلال شبكة من الشبكات الحسية المترابطة التي ستتجاوز الحدود الجغرافية والتكنولوجية. إن اعتماد القطاع لشبكات الجيل الخامس المتطوّرة والبنية التقنية المرتبطة بها والتي توفر بنية أساسية سحابية غير مركزية وذكاء اصطناعياً، هي من المتطلبات الأساسية المهمة والضرورية للعديد من الفرص الناشئة الأخرى. ستوفر شبكة الجيل السادس اتصالاً متيناً  وتوحّد البيانات عبر تقنية ميتافيرس المستقبلية وتقدّم بنية أساسية للحوسبة الموزعة للويب 3.0. ستوسّع شبكة الجيل السادس هذه القدرات على مدى أبعد ونطاق وموثوقية جديدة. أما تقنية الجيل الخامس المتقدمة فتتيح اندماج حياتنا المادية السيبرانية عبر المجالات الخدماتية والصناعية، في حين يشمل الجيل السادس ذلك ويضيف بُعدًا جديدًا من خلال دمج الحياة الإلكترونية أو الجانب الإنساني السيبراني.

 

في عصرنا الحالي يعتبر الابتكار من الأولويات. كيف يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مواكبة متطلبات التحول الرقمي المستمرة من قبل العملاء والشركات؟

أحمد: يجب على شركات الاتصالات أن تصب تركيزها على الابتكار. يُعد تطوير المنتجات الحديثة أمراً أساسياً هنا كونه يركز على التطوّر السريع والقابل للتكيّف إلى جانب المشاريع المستقبلية. وهو ضروري أيضاً لأنه يركز على بناء منتج حول متطلبات العميل. من الأمور التي لا بدّ من تعلّمها من التحديات، هي أن النجاح يكمن في تلبية تفضيلات العملاء المتغيرة بسرعة وفعالية.

على مدى العقد الماضي، كانت إيرادات الاتصالات إما تتقلص أو تنمو بشكل ضعيف. يمكن تفسير ذلك من خلال بطء أو عدم اتخاذ إجراء ضد التغييرات في السوق. شهدنا تحولًا بارزاً في تكنولوجيا الهاتف المحمول، وظهور تطبيقات الأجهزة المحمولة، بالاضافة إلى التغيرات في سلوك العملاء والمنافسة الجديدة من مزودي خدمات الوسائط الرقمية لمحتوى الفيديو والألعاب عبر الانترنتOTT ، مما وضع العروض الاساسية للاتصالات تحت الضغط.

يبرز الابتكار بين الحلول البارزة لمواجهة التحديات المذكورة أعلاه. وهذا يعني الاستفادة من التقنيات الجديدة والأنظمة الأساسية وتفضيلات المستهلك مع العمل بسرعة على الفرص التي يقدمها كل من هذه العناصر.

بعض المجالات التي تحتاج الاتصالات للاستثمار فيها لتظل قادرة على المنافسة في العصر الرقمي هي: احتضان خدمات الوسائط الرقمية لمحتوى الفيديو والألعاب عبر الانترنت، والاستفادة من البيانات وتمكين تطبيقات إنترنت الأشياء. تًستهلك الموسيقى والأفلام والتلفزيون بشكل متزايد عبر الإنترنت، مما يوفر فرصة كبيرة لنمو الإيرادات. يتجه العالم نحو البيانات الضخمة للاستفادة منها حيث تتمتع الاتصالات بإمكانية الوصول إلى كميات هائلة من البيانات، ويمكن للعديد من الشركات استخدام هذه البيانات للإعلان، وصيانة الشبكة التنبؤية، وتسجيل الائتمان، وما إلى ذلك. أما عن تطبيقات إنترنت الأشياء فلا حصر لها ويمكن أن تقدم فرصاً جديدة في مجالات متعددة مثل المدن الذكية وإدارة الطاقة والعديد من تطبيقات الصناعة 4.0.

 

كيف يمكن استخدام التقنيات الخلوية والتكنولوجيا الناشئة معاً لتشكيل أجندات النمو والتحول داخل المنطقة؟

فؤاد: تهيمن على المنطقة بعض القطاعات كالنفط والغاز والطاقة والنقل والخدمات اللوجستية التي دخلت في رحلات التحول الرقمي الخاصة بها. من خلال الجمع بين الأعمال التجارية الشاملة والمخزون التكنولوجي، المكوّن من مجموعة من التقنيات الناشئة مثل الجيل الخامس، وسحابة الحافة، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي المضمّن، والأمن الكمي، مع الفرصة التي يقدمها هذا المزيج عبر القطاعات، يمكن مساعدة كل المجالات والاستفادة من إعادة تصور كيفية عملها حالياً ومستقبلياً. تعمل EY، إلى جانب الشركات الرائدة في قطاع الطاقة، على ريادة هذا النموذج من خلال النظر في كيفية تغيير طريقة عمل المصافي وخطوط الأنابيب والمحطات، وكذلك تقديم هذه الخبرات والقدرات إلى قطاعات أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تقدم مبادرة محددة مثل رؤية المملكة العربية السعودية 2030 دوراً مباشراً للتكنولوجيا الناشئة لاستثمارات البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المستقبل عبر الخدمات العامة والخاصة. ومن الأمثلة على ذلك جدول أعمال التنويع، الذي يشمل النمو في قطاع الزراعة. هذا النهج يغير بالفعل الطريقة التي يتم بها تصميم الزراعة العمودية وتشغيلها. بينما في المدن الذكية، ستقدم هذه التقنيات الناشئة طريقة جديدة لتوفير السلامة العامة وخدمات المواطنين.