Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

 يُمثل الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في عالم الاستثمارات والأعمال فمن خلاله تحقق الدول اليوم نمواً بارزا ونقلة نوعية على كافة الأصعدة إنطلاقاً من تحديث أسلوب العمل وصولاً إلى اتخاذ القرارت والاستراتيجيات المستقبلية. على هامش التحولات التي تمرّ بها المنطقة، تطمح الدول أن يكون الذكاء الاصطناعي هو البديل الأول لسائر الاستثمارات وذلك من خلال تطوير الابتكارات ودعم الشركات والمشاريع الناشئة في هذا المجال.

 

إختلفت نظرة العالم تجاه الذكاء الاصطناعي، فلم يعد تقنية منافسة للبشر أكثر مما هو وسيلة داعمة للقدرات البشرية. على الرغم من النظريات المعارضة، يُعالج الذكاء الاصطناعي البيانات ويُحلّلها بشكل أسرع بكثير من الدماغ البشري. يتّخذ القرارت من تلقاء نفسه وهو قادر على التحكّم والتأقلم مع الظروف المحيطة والتصرّف في آن واحد على عكس البرامج التقليدية. هذه المميزات رفعت قيمة الذكاء الاصطناعي عالمياً حتى بات يُستخدم ليس فقط في القطاع التكنولوجي إنما بات حاجة ماسة لسائر القطاعات ومتطلباتها. في العام 2021، بلغ الاستثمار العالمي في الذكاء الاصطناعي 77.5 مليار دولار كما حظيت هذه التقنية باهتمام الدول العربية التي راحت تتسابق لتطويره واعتماده في كافة المجالات. عالمياً، تتنافس الولايات المتحدة، الصين والاتحاد الأوروبي في اتخاذ مسارات خاصة لاعتماد الذكاء الاصطناعي مع تطوير الجامعات والأبحاث في هذا المجال. وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الأولى باستخدامها الذكاء الاصطناعي. أما الصين فتحتل المرتبة الثانية عالمياً. أما خليجياً، فتعتمد الدول الخليجية الذكاء الاصطناعي مع تكثيف الدعم المادي والحكومي  تماشياً مع الرغبة في تحقيق التحول الرقمي.

 

الذكاء الإصطناعي يقود ثورة عالم الأعمال

يحتفظ الذكاء الاطصناعي بمكانة كبيرة له في قطاع الأعمال وعالم الاستثمارات حيث يفتح المجال أمام المستثمرين لتقديم المزيد من الأفكار لم يكن من السهل تطبيقها سابقاً. بحسب رجال الأعمال فإن دخول التقنيات التكنولوجية والذكية إلى الصناعة والأعمال غيّر الكثير في تنفيذ العمليات اليومية بدءاً من تسهيل التعامل بين العملاء والموظفين، تسريع دورة العمل، رفع الانتاجية وتحسين شروط العمل واتخاذ القرارات الأنسب.

يرتكز عمل الذكاء الاصطناعي على جمع البيانات إلا ان بعض الشركات تتخوّف من اعتماد هذه التقنية لخطورة فشلها في المراحل الأولى. لكن لمَ تفشل هذه المشاريع؟ بحسب الدراسات، 85% من مشاريع التحول الرقمي تنتهي بالفشل نظراً لعدم توافق شروط العمل التقليدية مع التقنية الحديثة إلى جانب عدم توفّر العناصر البشرية والمادية الضرورية لصيانة أجهزة الذكاء الاصطناعي وضمان استمراريتها. لذلك لا بدّ من تصميم استراتيجية واضحة قبل الانتقال بشكل تام إلى الذكاء الاصطناعي مع الأخذ بالاعتبار أنها تقنية "مكلفة" تحتاج إلى رأس مال لتطبيقها. في هذا الإطار يلفت الخبراء إلى أن مجموع الانفاق على حلول الذكاء الاصطناعي قد يصل إلى 58 مليار دولار خلال السنوات القادمة.

مع اتجاه الشركات والمؤسسات إلى الأعمال الرقمية سهّل الذكاء الاصطناعي عملية التوظيف حيث أصبحت الطلبات تُفرز وحدها من خلال الخوارزميات لاختيار الأفضل بينها.

أما من ناحية التسويق الالكتروني، فتعمتد الشركات على الذكاء الاصطناعي لمراقبة العملاء وفهم نشاطهم على المواقع الالكترونية واكتشاف اهتماماتهم مما يساعد المسوقين على تنسيق حملاتهم التسويقية بطريقة صائبة أكثر لتنال إعجاب المستخدم وتلبي حاجته.

تُنظّم اليوم الشركات استطلاعات رأي اعتماداً على الخوارزميات والتعلم الآلي لتحديد الأسئلة والتوجه بها إلى العملاء ليقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل النتائج بعد جمعها.

وبالحديث عن تحسين خدمة العملاء تنتقل الشركات من استخدام الروبوتات إلى خدمات الذكاء الاصطناعي للتعامل مع العملاء عن بُعد والاستجابة إلى رغباتهم بسرعة. بهذه الطريقة يتجنّب أصحاب الشركات المشاكل التقنية التي قد تصدر عن الروبوتات للتفاعل أكثر مع أجهزة الذكاء الاصطناعي.

 

الشرق الأوسط يتبنّى المهارات ويدعم القدرات في مجال الذكاء الإصطناعي

تستثمر الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط في المهارات الشابة الموجودة للارتقاء بالخدمات الرقمية لريادة الأعمال. بحسب الدراسات، تُشكّل الفئة الشابة 30% من إجمالي عدد سكان الشرق الأوسط حيث يمكن الاستثمار بهؤلاء لتأهيلهم إلى مجال التكنولوجيا بكل أشكاله والتعامل مع الذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة.

وتسعى المنطقة العربية إلى التقدّم أكثر في مجال التقنية والذكاء الاصطناعي حيث احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى والمرتبة 22 عالمياً في مؤشر الذكاء الاصطناعي. وتخطط المملكة لتطوير قدراتها الشابة وإنشاء المراكز المؤهلة لتقديم الخدمات الالكترونية وتضع المملكة في الصدارة لتتنافس مع الدول النامية على المستويين المحلي والعالمي.

أما تونس  فتطوّر إمكاناتها التقنية والبشرية لاستخدام الذكاء الاصطناعي خصوصاً بعد التداعيات التي تركها تفشي الوباء. كذلك تعزز الحكومة القطرية مكانتها لتنمية البنية التحتية الرقمية وتبني أجهزة الذكاء الاصطناعي ورقمنة مختلف القطاعات منها الاتصالات، التعليم، الزراعة والاقتصاد؛ والجدير بالذكر احتلت  قطر المرتبة الثالثة عربياً والمرتبة 42 عالمياً.

تواكب مصر العصر الرقمي مع تأهيل القطاعين العام والخاص لكيفية تبني حلول وبرامج الذكاء الاصطناعي. كذلك تم الاعلان عن أول جامعة معلوماتية متخصصة في الذكاء الاصطناعي في الدولة إلى جانب نشر الوعي وتعريف العملاء بأهمية الذكاء الاصطناعي وتأثيره الايجابي على تطوّر المجتمع الرقمي والاقتصادي.

 

إستراتيجية الأمن الإلكتروني والذكاء الاصطناعي

يصعب على خبراء التقنية مواكبة الهجمات السيبرانية الجديدة نظراً لعددها الكبير وأنواعها اللامتناهية. في وقت يتخوّف فيه البعض من تأثير امكانات الذكاء الاصطناعي على ارتفاع عدد الانتهاكات الالكترونية، تكشف الدراسات أن 95% من انتهاكات الأمن الالكتروني يتسبب بها العامل البشري وليس التقنيات الذكية. كما يساهم الذكاء الاصطناعي بمحاربة البرامج الضارة والتعرّف إليها وتحديد الروابط المزيّفة قبل أن تنتقل إلى العملاء والمستخدمين.

على ضوء ذلك، يستعين خبراء الأمن الالكتروني بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحديد الثغرات الأمنية الجديدة لحماية البيانات والحفاظ عليها. أما اليوم ومع تطوّر تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت عملية التحول الرقمي أسرع وأسهل من قبل حيث تستفيد الشركات والمؤسسات والحكومات من هذا الواقع لتحسين أدائها وفرض مكانتها رقمياً للتنافس مع العلامات التجارية الأخرى.

لم ينتشر الذكاء الاصطناعي عربياً وعالمياً للارتقاء بتجربة العملاء فقط، بل يمكنه أيضاً تغيير الطريقة التي تعتمدها الشركات داخلياً. على هذا الخط، توسّع المنطقة استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي، فبعد الإمارات ها هي المملكة العربية السعودية تسعى إلى تأسيس نحو 300 شركة ناشئة في الذكاء الاصطناعي حتى حلول العام 2030. وتنظر الدول إلى هذه التقنية وغيرها من الحلول الذكية على أنها مصدر لزيادة الدخل ونمو الاقتصاد، لذلك تعمل الحكومات المعنية على البنية التحتية الرقمية وتوقيع المزيد من الاتفاقيات والشراكات الهادفة إلى تعزيز دور التكنولوجيا ودمجها في المجتمع.