Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

بقلم: شونلي وانغ، نائب رئيس شركة هواوي في منطقة الشرق الأوسط

 

نشهد اليوم ثورة رقمية شاملة تغير جذرياً الكثير من ملامح حياتنا ومجتمعاتنا. وتنشأ مع هذه المتغيرات فرص كبيرة وتحديات لا مفر من مواجهتها. ويأتي التحول الاجتماعي والاقتصادي مدفوعاً بالمقام الأول بالقدرة على التعامل مع كميات هائلة من البيانات وكيفية استخدامها وتحليلها. ويشمل أثر البصمة الرقمية المتنامية نشاطات الأفراد وعمل الشركات ضمن مختلف المنصات والتطبيقات الرقمية.

أصبحت شبكات الجيل الخامس حالياً الممكّن الرئيسي لمجتمعات المستقبل الرقمية، والركن الجوهري في بناء الاقتصاد الرقمي بسبب طيفها الواسع من المزايا كالسرعة والموثوقية العالية وانخفاض فترة الكمون أي الوقت الفعلي للخدمات التفاعلية. ووفقاً لتقرير القيمة الاقتصادية الصادر عن الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA)، ستساهم شبكات الجيل الخامس بنحو 960 مليار دولار من إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام 2030، وسيكون نحو 610 مليارات دولار منها مدفوعاً بنطاقات التردد المتوسط لشبكات الجيل الخامس.

 

دول مجلس التعاون الخليجي تقود تطور الجيل الخامس لاستشراف الاقتصاد الرقمي

بفضل السياسات الحكومية والقوانين التنظيمية المحكمة والاستشرافية واستثمارات المشغلين الاستراتيجية، تتصدر دول مجلس التعاون الخليجي المساعي العالمية لنشر شبكات الجيل الخامس واستخداماتها التجارية على نطاق واسع. وبنهاية النصف الاول من العام الحالي 2022، تكون ست دول من منطقة الشرق الأوسط قد أطلقت 15 شبكة للجيل الخامس تغطي 74% من سكانها ووصل عدد المستخدمين إلى 13 مليوناً. ومع تفعيل مزيد من الاستثمارات في التقنيات السحابية والذكاء الاصطناعي، باتت دول المنطقة تتمتع بميزة إضافية لبناء الاقتصاد الرقمي الآخذ في التطور بوتيرة متسارعة.

وضمن شريحة خدمات المستهلكين المدعومة بشبكات الجيل الخامس، سيؤدي النمو السنوي الحالي لمستخدمي الهاتف المتحرك والزيادة المطردة في الخدمات الجديدة المقدر بـ 4 أضعاف إلى استمرار مضاعفة استخدام بيانات الهاتف المتحرك لكل مشترك شهرياً. ووفقاً لأحدث توقعات صادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات، سيتجاوز استخدام بيانات الهواتف المتحركة 250 جيجابايت لكل مشترك شهرياً حول العالم بحلول عام 2030. ولتلبية هذه الاحتياجات، سيحتاج المشغلون حول العالم للنطاق الترددي المتوسط بمقدار 2 جيجاهرتز في المتوسط ضمن كل دولة.

وعلى مستوى الخدمات المقدمة للمنازل، تتضاعف خدمات اتصال الجيل الخامس اللاسلكي الثابت سنوياً في المملكة العربية السعودية والكويت، وتغطي 1.3 مليون مشترك بفضل تحديثات الشبكات الترددية للمنازل، والتي ساعدت المشغلين على زيادة إيراداتهم بنسبة 10%. وفي الدول الرائدة في الاتصالات اللاسلكية الثابتة، تستهلك المنازل فيها اليوم 200 جيجابايت من البيانات شهرياً، وسيصل هذا الاستهلاك بسهولة إلى 1000 جيجابايت شهرياً بحلول عام 2025. وسيكون وجود طيف مرخص مناسب، لا سيما ضمن نطاق التردد المتوسط، أمراً هاماً لتطوير خدمات الاتصالات اللاسلكية الثابتة وضمان تكلفتها اليسيرة على المدى الطويل.

أما على مستوى الخدمات التجارية المقدمة للشركات، فمنطقة الشرق الأوسط متفوقة بالفعل في هذا المجال. فهنالك اليوم نحو 27 ألف مستخدم لخط خاص من الجيل الخامس في الشركات الصغيرة والمتوسطة على غرار المستشفيات والبنوك والمؤسسات التعليمية والفنادق والمطاعم، بالإضافة لعقود تجارية في صناعات مختلفة مثل النفط والغاز والموانئ والكهرباء. وستؤدي الخدمات الرئيسية إلى زيادة كبيرة في تدفق البيانات عبر الهواتف المتحركة، مما يبرز الحاجة الملحة إلى الارتقاء بالتقنيات وتعزيز نطاق الطيف الترددي ومواقعه.

 

الاستراتيجية الطموحة للطيف الترددي للجيل الخامس ضامن الاقتصاد الرقمي المستدام

تمثل ريادة دول مجلس التعاون الخليجي في تطوير شبكات الجيل الخامس نتاج النجاح في تخصيص طيف ترددي كافٍ وداعم للجيل الخامس، وهو أمر ينطوي على أهمية كبيرة  على طريق بناء الاقتصاد الرقمي المستدام، إذ يتعين على شبكات الجيل الخامس أن تشتمل على مزايا سعة التغطية وعمقها. وفي ذات الوقت، يسر الخدمات  وسلاستها ووصولها للمناطق الحضرية والضواحي والأرياف على حد سواء. وبناءً على تجربة البلدان الرائدة في هذا المضمار، فإن عوامل نجاح سياسات الطيف الترددي للجيل الخامس تتلخص في تحرير نطاقات التردد الصحيحة؛ وتخصيص الطيف الكافي؛ وانخفاض أسعار الطيف الترددي وطرق الدفع المواتية.

بالنسبة لتخصيص الطيف الكافي، تستخدم شبكات الجيل الخامس تقنيات رئيسية على غرار النطاق العريض الضخم، وتقنية تعدد المدخلات والمخرجات MIMO، لتقديم أفضل تجربة اتصال ممكنة. ومن المفضل نشر نطاقات التردد المتوسطة مع النطاق العريض الضخم بسرعة 80 إلى 100 ميجاهرتز لتلبية متطلبات طبقة القدرة وزيادة كفاءة الطيف وتقليل تكاليف البت.

أما بالنسبة لانخفاض أسعار الطيف الترددي وطرق الدفع المواتية، فيحتاج المشغلون في عصر الجيل الخامس لدفع رسوم سنوية عن النطاقات الترددية من الجيلين الثالث والرابع. ونتيجة لذلك، يشكل إجمالي رسوم النطاقات الترددية نحو 5% من الإيرادات السنوية للمشغلين حول العالم. ويوصي الخبراء بألا تتجاوز تكلفة النطاقات الترددية للجيل الخامس بالنسبة للمشغلين إيرادات شهرين (أربعة أشهر للجيل الرابع وستة أشهر للجيل السادس). ولذلك من المفضل اللجوء لخيار التقسيط المرن وتأجيل السداد. وعلى سبيل المثال، يمكن للمشغلين تأخير دفعات رسوم النطاق الترددي في السنوات الأولى، الأمر الذي يقلص بشكل كبير الأعباء المالية الملقاة على عاتقهم في المراحل الأولى من تأسيس الشبكات. وسيشجع العائد الجيد على الاستثمار ضخ مزيد من الاستثمارات وبالتالي الوصول إلى أساس أكثر قوة للاقتصاد الرقمي.

قادة الثورة الصناعية الرابعة يظهرون سريعاً للواجهة، لذلك فإن شبكات الجيل الخامس تدفع بالاقتصاد الرقمي وتحفز الثورة الصناعية. وعلى المدى الطويل، يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي الحفاظ على زخم سياساتها الطموحة والمعنية بالنطاق الترددي لشبكات الجيل الخامس لترسيخ مكانتها الريادية. وعلى مستوى التطور التقني، يعتبر تحسين أداء النظام أو الارتقاء بتجربة المستخدمين عنصراً رئيسياً. كما ينمو عرض النطاق الترددي للطيف الأساسي لكل مشغل بمعدل 4 أو 5 أضعاف من جيل لآخر.

وفي إطار الاستعداد بشكل أفضل لإطلاق ونشر شبكات الجيل الخامس وتعزيز مسارات بناء الاقتصاد الرقمي، يمكن لأسواق منطقة الشرق الأوسط الناشئة أن تقتدي بالممارسات الناجحة لدول الخليج وتستفيد من تجربتها الريادية. فالطيف الترددي مورد مشترك، ويتعين على الحكومات السعي لاستخدامه بكفاءة وفاعلية، والحرص على ضمان توفره لتحفيز وتيرة التقدم الاجتماعي والاقتصادي بالاستفادة من التقنيات الحديثة.