Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

عمار طبا، نائب رئيس شركة هواوي للعلاقات العامة والإعلام في منطقة الشرق الأوسط

 

وضعت العديد من دول الشرق الأوسط استراتيجيات وأطر عمل وطنية لدفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي خلال العقد القادم، ومن المثير للاهتمام وجود العديد من النقاط المشتركة بين تلك الأطر وخرائط الطريق التي تم وضعها لتطوير قطاع تقنية المعلومات والاتصالات تحديداً خلال العقد القادم.

 تسعى معظم الحكومات إلى تطوير القطاعات الرئيسية كالرعاية الصحية والنقل والتمويل والطاقة، وتركز على تزويدها بقدرات أكثر ذكاءً لتحسين كفاءة عملياتها والخدمات الجديدة التي تقدمها كما هو الحال مع الجراحة عن بُعد في مجال الرعاية الصحية ورفع كفاءة العمليات التشغيلية لقطاع النفط والغاز باستخدام أنظمة المراقبة والدعم عن بعد. وتتابع السيارات ذاتية القيادة انتشارها في شوارعنا. ومن المتوقع أن تتولى الروبوتات أيضاً مزيداً من المهام التقليدية واليدوية، مما سيتيح للبشر مزيداً من الوقت للقيام بالمهام الإبداعية والأنشطة الترفيهية. والعامل المشترك في ذلك ضرورة ترقية قطاع تقنية المعلومات والاتصالات ليتم تسخيره لصالح تطوير مستقبل سائر القطاعات والصناعات الأخرى..

 ستسهم البنية التحتية المتينة وخاصة بنية الاتصالات في تمكين التحول إلى العالم الرقمي الذكي. وفيما بات استخدام تقنيات الجيل الخامس واقعاً ملموساً ضمن عدد من القطاعات، فإن تقنية الجيل الخامس والنصف (5.5G) تعد بالكثير من الميزات الإضافية لمسيرة الرقمنة من خلال تمكين تجربة تتيح سرعة اتصال 10 جيغابايت في الثانية وتخدم 100 مليار اتصال وقد اقترحت شركة هواوي  لأول مرة مخططًا لـشبكة الجيل الخامس والنصف في عام 2020، وأطلق مشروع شراكة الجيل الثالث"3GPP" على المفهوم اسم تقنيات الجيل الخامس المتقدّمة "5G-Advanced" عام 2021. وباعتبارها نسخة مطورة من تقنية الجيل الخامس، فإن مزاياها الكبيرة كسرعة الاتصال وخدمة المليارات من نقاطه، بالإضافة لميزة الذكاء الجوهري، وقدرات توفير الطاقة، ستعمل على تعزيز مجالات عديدة كإنترنت المركبات "IoV"، وإنترنت الأشياء"IoT "، وعمل الروبوتات، والتصنيع، ما يشكل قوة داعمة رئيسية للاقتصاد الرقمي، وبالتالي إعطاء دفعة قوية لمختلف منظومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول المنطقو والعالم.

 ومن المتوقع لتقنية 5.5G  أن تدخل حيّز الاستخدام التجاري على نطاق واسع بحلول عام 2025 لتعمل على إضافة ميزات رقمية جديدة للأعمال والمجتمعات، وتسرع التحولات الذكية الصديقة للبيئة. وفي عام 2025، سيوفر مدى التنوع والحجم الكبير في شبكات تقنية المعلومات والاتصالات إمكانات جديدة سيستفيد منها المشغلين والمستهلكين على حد سواء. فعلى سبيل المثال، ستنشئ تقنية الاستشعار القائمة على تقنية 5.5G  سوقاً جديداً لمشغلي شبكات الاتصالات، وستساهم بتزويد حالات الاستخدام بالطاقة النظيفة للنقل الذكي وأنظمة الأمن منخفض الأخطاء.

 وفي القطاع الصناعي الذي شهد نمواً متسارعاً على مستوى تطبيق الرقمنة، سيتم دمج الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع في عمليات الإنتاج، وسينمو حجم سوق إنترنت الأشياء القائم عل تقنية 5.5G بسرعة. وسيؤدي التعاون بين الروبوتات والأشخاص ضمن سيناريوهات معقدة لتوفير مزيد من المنتجات والخدمات غير المسبوقة.

 سيناريوهات كثيرة يمكن للتقنيات الحديثة أن تؤثر من خلالها في حياتنا اليومية، أهمها حماية البيئة وتوفير الطاقة، ما تعتبره هواوي أولوية وتوليه عتاية خاصة. وسيفتح الاستخدام المتزايد لتقنيات المعلومات والاتصالات ضمن المجالات والتطبيقات الصناعية لتقنيات 5.5G الباب واسعاً أمام المساهمة بشكل أكبر في جهود الحفاظ على الطاقة وتقليل الانبعاثات. ووفقاً لتقرير صادر عن الجمعية العالمية للاستدامة الإلكترونية "GeSI"، فإن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات سيكون مسؤولاً عن 1.97٪ فقط من مستوى الانبعاثات الكربونية العالمية بحلول عام 2030، لكن تطبيق تقنيات المعلومات والاتصالات المتقدمة في صناعات جديدة سيقلل من الانبعاثات الكربونية بنسبة 20٪، ما يعني خفض إجماليها بمعدل أعلى بعشر مرات مما سينتجه قطاع تقنية المعلومات والاتصالات لوحده.

 على غرار جميع تقنيات الشبكات السابقة، ستتطلب تقنيات 5.5G العمل على توحيد المعايير عالمياً، وإنشاء أطر عمل مشتركة تضمن قيمة مضافة منصفة لجميع الأطراف المعنية، ولن ينتج عن تجزئة جهود توحيد المعايير سوى سلبيات أهمها تكبد المستخدمين لتكاليف أعلى. ولا شك أنه من بتعاون النظام العالمي للاتصالات المتنقّلة "جي اس ام ايه"، ومشروع شراكة الجيل الثالث "3GPP"،  والمنظمات الأخرى المعنية بتوحيد المعايير، ستزدهر أعمال المشغلين ويستفيد المستخدمون من خدمات فائقة الجودة وبأسعار معقولة..

 نعمل مع عملائنا وشركائنا في النظام الإيكولوجي على وضع أسس راسخة للاقتصاد الرقمي بمساعدة جميع القطاعات على التحول الرقمي، مع التركيز على خفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز التنمية المستدامة وإعادة النظر في التحديات الجديدة التي قد تواجه الأمن السيبراني وحماية الخصوصية في ظل التزايد السريع لحركة البيانات وانتشار التقنيات الجديدة. وتبقى مسألة إعداد الكوادر التقنية المحلية وصقل المواهب الرقمية ضرورة قصوى من أجل سد الفجوة الرقمية القائمة حالياً في القطاع.

 ولنكون عمليين حيال التعامل مع إجراء التحول الرقمي المطلوب ضمن مختلف القطاعات، يجب تغيير أسلوب تفكيرنا، وأن نتوقع ونحلل بشكل استباقي التوجهات والنماذج المستقبلية لتطوير القطاع على ضوء أهميته لمستقبل القطاعات الأخرى وطبيعة نشاط سلاسل القيمة الجديدة في النظام الإيكولوجي وجوانبها الرئيسية والأدوار المنوطة بكافة الأطراف والجهات المعنية. ومن هذا المنطلق، يتوجّب تفعيل مزيد من أطر العمل المشترك بين مختلف القطاعات للتكيف مع احتياجات وخصائص كل قطاع بالارتقاء بالقيمة التي توفرها التقنيات، لأنها الطريقة الوحيدة الكفيلة ببناء أنظمة إيكولوجية أكثر متانة للقطاع بشكل أسرع، وإحراز تقدم ملموس في رقمنته، وبالتالي رقمنة القطاعات الأخرى.

 الاقتصاد الرقمي هو بالدرجة الأولى اقتصاد أخضر وصديق للبيئة. وأصبحت التنمية الخضراء منخفضة الكربون هدفاً عالمياً مشتركا تستثمر المزيد من البلدان والشركات فيه للانتقال إلى الطاقة النظيفة والمتجددة. واستناداً إلى خبراتها في مجال إلكترونيات الطاقة وتخزينها، توظّف هواوي إمكاناتها التقنية المتقدمة في تقنيات الجيل الخامس السحابة الالكترونية والذكاء الاصطناعي لتوفير حلول الطاقة منخفضة الكربون أو حتى خالية من الكربون لمختلف القطاعات، وتقدّم المساعدة والعون لقطاع الطاقة كي يصبح أكثر ذكاءً من خلال تعزيز التعاون بين طاقة الحوسبة والكهرباء، وتعمل على زيادة نسبة الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة وتحسين نماذج العرض والطلب على الطاقة، وتسريع خطى التحول نحو قطاع طاقة صديقة للبيئة مع مستويات منخفضة من الانبعاثات الكربونية، ليعود هذ التوجّه في نهاية المطاف بالنفع على المجتمعات البشرية.

تعطي العديد من دول الشرق الأوسط اليوم الأولوية للتنمية المستدامة، والجيد في الأمر أن عدداً من دول المنطقة تتصدّر عمليات نشر وتطبيق تقنيات الجيل الخامس والاستفادة من فوائدها ومزاياها لقطاعات مختلفة. ولا شك أن هذه الدول الريادية ستقود الحقبة التالية من الاتصال المستدام بدءاً بتقنيات 5.5G، لكن تضافر جهود كافة الأطراف المعنية، سواء داخل قطاع الاتصالات أو خارجه تبقى ضرورة لاستكمال التوثيق المطلوب للتقنيات والأنظمة والأعمال وتوحيد المعايير لتحقيق الاستفادة الكاملة من إمكانات تقنيات الجيل الخامس المتقدمة في توفير خدمات الذكاء الرقمي للجميع. وسنواصل في هواوي رفد دول المنطقة بكل الدعم اللازم لتقصّي حالات الاستخدام والممارسات المبتكرة والمنتجات والحلول الأفضل وإعادة صياغتها لتتناسب مع احتياجات الأسواق المحلية، لتعيد بدورها صياغة عالمنا الذكي ومستقبلنا.