Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

 طُرح ميتافيرس كفكرة لخيال علمي يُجسّد من خلاله العلماء تطلعاتهم وأحلامهم لتحقيقها في عالم افتراضي. من خلال هذه التقنية، يتفاعل الانسان مع صور ورموز إلكترونية على شكل أفاتار يُمثّله في مجالات عدّة منها العمل والتعلم والتسوق والألعاب والسفر وغيرها الكثير.

يجمع ميتافيرس بين الواقع المعزز والافتراضي والمختلط والذكاء الاصطناعي لتعزيز ورش العمل والعلاجات عن بُعد. لغاية الآن، لا تزال مسألة انتشار وتوسع ميتافيرس مجهولة، فمن غير المقرر ما إذا ستكون هذه التقنية مجالاً واحداً يجمع كل هذه التطبيقات أم أنها ستتكوّن من مختلف المجالات القائمة على الواقع المعزز والافتراضي لتلبية كافة احتياجات المستخدم. يصف الخبراء ميتافيرس بأنه عالم إلكتروني ثلاثي الأبعاد يتيح للمستخدم شبكة من الأدوات والبنية التحتية المترابطة التي تحمل مختلف أنواع الخدمات لتتطابق الحياة الواقعية مع صورة الحياة الافتراضية إلى حد كبير. لم تقتصر تقنية ميتافيرس على ذلك فحسب بل أصبحت مرجعاُ للاستثمارات وشراء العقارات والمنازل بلغت قيمتها مليارات الدولارات. كما تتجه الشركات العالمية والتكنولوجية إلى الاستثمار في ميتافيرس باعتباره السبيل الأمثل لتطوّر الانسان خلال العقد المقبل ليحمل قدرات خارقة وسرعة بديهة تتطابق مع السرعات الالكترونية مما سيفتح أمامنا آفاقاً جديدة ومجالات مخفية لم نكن نتخيّلها من قبل. تساعد تقنية ميتافيرس الانسان للدخول إلى العالم الافتراضي ومحاكاته، فقد تم تطوير الأدوات التي تجعلنا نشعر بالواقع الافتراضي منها قفازات مليئة بالمستشعرات أو ملابس ذكية أو نظارات افتراضية تدعم هذه التقنية لتجعل مرتديها قادراً على الشعور بالأشياء  كما لو كانت حقيقية؛ من الهواء والشكل والحرارة. لم ينفصل تطوير مفهوم ميتافيرس عن رؤية الدول العربية التي تطمح إلى اعتماد أحدث التقنيات لمستقبل مليء بالابتكارات. وعلى ضوء ذلك، تم إطلاق مجموعة من المبادرات الهادفة إلى تحسين شروط الانخراط في تقنية العالم الافتراضي لتحقيق الازدهار على كافة المستويات.

 

الدول العربية في العالم الرقمي الجديد

في وقت تستعد فيه شركات التكنولوجيا لمستقبل ميتافيرس وتدرس إمكاناته وكيفية تطبيقه، تُناقش الدول العربية والعالم آثار هذه النقلة على المجتمع والاقتصاد والأعمال. يتوقع الخبراء أن يُغيّر ميتافيرس العالم الذي سيصبح قرية كونية صغيرة يمكن التنقل  فيها بثوان معدودة. بلغت قيمة ميتافيرس في العام 2021 نحو 209.8 مليارات دولار على أن تصبح 716.5 ملياراً بحلول العام 2027.

في هذا الاطار، تُعزز الدول العربية وجودها في العالم الافتراضي حيث أطلق سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، "استراتيجية دبي للميتافيرس" لترسيخ مكانة دبي ضمن أفضل 10 مدن رائدة في عالم ميتافيرس وسعياً لأن تصبح الدولة مركزاً رئيساً لمجتمع ميتافيرس. تطمح دبي إلى زيادة استثماراتها في هذا المجال ودعم الشركات الناشئة للدخول إلى العالم الافتراضي مع استقطاب نحو 1000 شركة متخصصة في تقنية البلوك تشين والميتافيرس وغيرها من الابتكارات التكنولوجية. تدعم هذه النقلة نحو 40 ألف وظيفة افتراضية ليلتحق ذلك بازدهار اقتصاد دبي بحلول العام 2030. وتمتلك دبي كل الامكانات اللوجستية لتكون نموذجاً يُحتذى به في مجال التقنيات المتطورة، فمن خلال "استراتيجية دبي للميتافيرس"، تستعد الامارة إلى التحول كلياً لهذا الواقع خلال السنوات القليلة القادمة مع تبني بيئة رقمية مؤهلة للتقنيات الجديدة. توازياً يُطوّر مزودو الخدمات شبكات الاتصال لبناء قاعدة أساسية تدعم شبكات الجيلين الرابع والخامس المتوافقة مع الآليات الذكية والحلول الرقمية.

يخلق ميتافيرس عالماً جديداً بكل مقوماته فهو يعزز التجارة والصناعة والشركات والقطاعات العامة والخاصة. يعتمد اقتصاد دبي على المعرفة والتقدّم ما يميّزه عن سائر دول المنطقة ويقفز بالدولة إلى أعلى المراتب ضمن المؤشرات العالمية التي تُحفّز الابتكار.

يرسم ميتافيرس عالم الانترنت الجديد في الامارات ودبي خصوصاً، فهو سيساهم بزيادة اقتصاد البلاد إلى 4 مليارات دولار بحلول العام 2030. كما سيكون ميتافيرس محفزاً لتطوير الأعمال وتحسين التنمية المستدامة وتنفيذ العمليات على أكمل وجه.

بدورها أطلقت قطر مجموعة من المبادرات والعديد من المنصات الرقمية لدعم ميتافيرس ومساعدة المجتمع على بناء قاعدة له يسمح للأفراد أيضاً بالتفاعل أكثر. وكان لشركات الاتصالات دور بارز في هذا الاطار، حيث كشفت شركة اتصالات قطر Ooredoo في وقت سابق عن بث فعاليات كأس الرياضات الالكترونية  EA Sports FIFA22 عبر تقنية ميتافيرس. وقد عبّر القيّمون على هذا الحفل عن امتنانهم لدخول دولة قطر إلى عالم التكنولوجيا المتطورة والويب 3.0 من خلال الألعاب الالكترونية، فعالم ميتافيرس يحمل الكثير من الوعود للدولة والمنطقة.

هذا ويتوقع الخبراء أن تجتاح عالمنا النظارات الذكية التي ستكون الأداة الرسمية للاتصال بعالم ميتافيرس الافتراضي. لذا تركّز العلامات التجارية على استراتيجية خاصة  تختبر من خلالها تأثير ميتافيرس على حياتنا اليومية وأهمية المزج بين العالم الواقعي والعالم الافتراضي.

 

توجهات ميتافيرس للسنوات القادمة

لا تزال بعض الشركات والأفراد يخشون الانغماس بميتافيرس، فهو تقنية مجهولة بعض الشيء، إلا أن مع التحول الرقمي والتوجه الحاصل، يبرزان وجود العالم الافتراضي.

وبينما نجح البعض في استخدام التقنيات التكنولوجية  والحلول الذكية، فشل البعض الآخر في حسن الاستخدام. كذلك هي الحال مع ميتافيرس الذي تمكّنت بعض الشركات من اعتماده في الأمور العملية كتدريب الموظفين، إقامة ورش عمل، تمكين المبيعات والتدريب والتعليم والتجارة والصناعة.

مع ازدهار ميتافيرس يبرز الروبوت المدعوم بالذكاء الاصطناعي للتفاعل مع العالم الافتراضي فهو يمتلك كل المميزات التي تخوّله فهم الصور والتحدّث والشعور بمحيطه. لذا تسعى المشاريع الناشئة الى استخدام الروبوت للتفاعل مع العملاء الرقميين وتعزيز المبيعات في عالم ميتافيرس. فبحسب شركة غارتنر، سيخصص معظم مدراء التسويق لدى مؤسسات البيع للمستهلك ميزانية لتطبيقات الانسان الرقمي ضمن عالم ميتافيرس بحلول العام 2027.  

على الخط نفسه، سيحتاج سوق العمل إلى مهارات وخبرات وكفاءات تتماشى مع الواقع الافتراضي حيث سيتيح ميتافيرس الفرصة لتجربة المزيد من التطبيقات والخدمات ليصبح حضور الفعاليات والأحداث إما شخصياً أو افترضياً في عالم ميتافيرس.

يتحدّث الخبراء عن الحوسبة المكانية التي تجمع بين المقومات الرقمية والمادية لتعزيز الفضاء المادي بحلول رقمية. كما تستفيد المؤسسات من هذه التقنية لتوسيع أصولها الافتراضية الرقمية. فمن المتوقع أن تنتشر نظارات الحوسبة المكانية وظهور الجيل الثالث منها بحلول العام 2026 لتقديم تجربة فريدة أكثر اتصالاُ.

وبالحديث عن ميتافيرس لا يمكن إلا التطرّق إلى العملات المشفرة وتقنيات الرموز غير قابلة للاستبدال NFTs التي سترسم ملامح الاقتصاد الرقمي. من المرجّح أن تنتقل أغلب الأعمال إلى العالم الفضائي بحلول العام 2025 حيث سيكون فريق العمل أكثر انتظاماً للتعامل مع الخيارات المتوفرة لتجسيد عناصر العالم الافتراضي بالعالم الحقيقي. هذا بالاضافة إلى بروز بعض اللاعبين الأساسيين في نمو عالم ميتافيرس ومنها شركة كوالكوم المتخصصة في صناعة أشباه الموصلات، حيث أطلقت خلال شهر مارس صندوقاً بقيمة 100 مليون دولار، للاستثمار في شركات ومطوري أجهزة الواقع المختلط – الافتراضي والمعزز - وانتاج سماعات رأس الواقع الافتراضي، ونظارات الواقع المعزز. فيما تعمل شركات عالمية أخرى مثل أمازون للدخول إلى عالم ميتافيرس لتمكّن العملاء من التسوق في أي مكان في العالم بالاعتماد على تقنية الواقع المعزز.

 

مستقبل الانترنت وميتافيرس

يطال التحول الرقمي كل القطاعات من دون استثناء وهذا ما يشكّل صورة عن عالم ميتافيرس المستقبلي. بالنسبة لمزودي خدمات الاتصالات، توفر هذه التقنية الكفاءة والانتاجية. ويُغيّر ميتافيرس مفهومنا للانترنت وللمحتوى الرقمي بالاجمال. هذا ما سيليه تحولات على مستوى الشركات والشبكات لتكون أكثر جاهزية.

مع اعتماد ميتافيرس يزيد الطلب على الشبكة للاستجابة إلى حركة البيانات ومعالجة النطاق الترددي العريض بمدة زمنية قصيرة. تبنى مزودو خدمات الاتصالات شبكات الجيل الخامس لدعم الرقمنة وتسريع التقنيات، إنما ذلك كان له تأثيره الايجابي على احتضان عالم ميتافيرس بسهولة. كما تقدم شركات الاتصالات خدمات جديدة لتحسين التجربة وتمكين المزيد من الأنظمة الرقمية. لذلك يرتبط نجاح ميتافيرس بتوسع شبكات الجيلين الخامس والسادس التي توفر الموثوقية والتطور للمشغلين في المجال وبيئة رقمية آمنة في آن.

تعتبر تجربة المستخدم من العناصر المهمة في نجاح ميتافيرس لطرح الابتكارات الغامرة وزيادة الاستثمارات. على ضوء ذلك، يحدد مزودو الخدمات وشركات الاتصالات استراتيجياتهم المتعلقة بالسحابة والشبكات المستقبلية لتطبيق الواقع الافتراضي مع الأخذ بالاعتبار كل التحديات المستجدة من ناحية اليد العاملة البشرية أو المقومات التقنية.