Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

يتقدّم نموذج التجارة الالكترونية على التسوق التقليدي ليوفر للمستهلكين فرصة اختيار المنتجات عبر الانترنت من المتاجر الالكترونية المباشرة. يُشكل التسوق الرقمي تجربة تفاعلية مختلفة لا تزال الدول النامية تعمل على إنجاحها على الرغم من كل التحديات.

 يتوقع الخبراء نمو سوق التسوق الالكتروني مع انتقال أغلب المتاجر التقليدية إلى شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. تُمثّل اليوم متاجر أمازون ومحلات التجزئة العالمية المثال الأبرز مؤكدةً أهمية التكنولوجيا  ودورها في انعاش التجارة الرقمية على الصعيدين المحلي والاقليمي. لضمان الاستمرارية بعد الوباء، كان تحويل التسوق التقليدي إلى تجارة إلكترونية من العوامل التي استحوذت اهتمام الجميع على نطاق واسع. ووفقاً للدراسات، ارتفعت نسبة المبيعات على الانترنت بعد الجائحة ما إن واجه العملاء صعوبة بالتنقل جراء الوباء.وقد استفاد قطاع التجارة والتسوق الالكتروني من الأزمة الصحية ليس فقط لخدمات التكنولوجيا المتوفرة بل للأنظمة الآمنة التي تحافظ على معلومات وبيانات المستخدم وتمنع اختراق حساباته للتسوق بأمان ومرونة. كذلك تلعب البنية التحتية الرقمية اتصالات جيّدة تُسهّل عملية الشراء وتصفّح المواقع الالكترونية. كما تشهد الدول العربية والعالم نمواً بحجم مبيعات التجارة الالكترونية لتحقق المليارات خلال العام الحالي عبر تطوير المنصات الرقمية وتسهيل تشريعات التجارة الإلكترونية التي تهدف إلى تنظيم العلاقة بين المستهلكين والشركات من كل الأحجام. فكيف سيكون اتجاه الأسواق العالمية بعد الجائحة وما مسار التجارة الالكترونية للسنوات المقبلة؟

 

الجائحة تغّيّر معايير التجارة الالكترونية إلى الأبد

تحوّلت التدابير الوقائية إلى عادات يعتمدها المستخدم بشكل يومي فما بعد كورونا ليس كما قبلها. ومن أبرز هذه العادات تفضيل التسوق الرقمي عبر الانترنت؛ حيث عمدت العلامات التجارية الكبرى إلى جذب العملاء إليها من خلال تحسين الخدمات الالكترونية ودعم التمويل لتأمين العوامل اللوجستية المطلوبة.

ازدهرت المنطقة العربية والتجارة فيها متأثرة بالتحول الرقمي على كل المستويات إذ أن الدراسات تشير إلى نمو سوق التجارة الالكترونية في الدول العربية التي أصبحت محوراً أساسياً للانتاج والبيع مع استمرار زيارة المواقع الالكترونية والاستفادة من التخفيضات الخاصة والمنتجات الفريدة.

أما عن التجارة الالكترونية في بعض من الدول العربية، فقفز حجمها بشكل غير مسبوق في السوق السعودي ليسجل 20 مليار دولار بعد الجائحة. وتُترجم هذه النتائج تحوّل المزاج السعودي واهتماماته بعدما أصبحت المتاجر الرقمية منافسة للأسواق التقليدية. تمتلك اليوم المملكة العربية السعودية امكانات واسعة في هذا المجال تجعلها تتصدر في قطاع الخدمات اللوجستية والتجارة. توازياً شهدت الامارات تحولات كبيرة بعد ارتفاع مبيعات التجارة الالكترونية خلال العام الجاري إلى 50 مليار دولار. يعتبر الانفاق على التسوق الرقمي هو الأعلى في الامارات مقارنةً بدول المنطقة ليسجّل إنفاق المتسوق الواحد 1648 دولاراً. يبحث المتسوقون في الشرق الأوسط وأفريقيا على المنصات الآمنة للتسوق عليها في وقت أصبح فيه الانترنت من أولويات الحياة والتجربة السلسة ترتبط بمواقع رقمية تحترم شروط الخصوصية ومعايير السلامة السيبرانية.

كذلك مصر فقد سجّلت تطوراً ملموساً في مجال التسوق الرقمي حيث جاءت في المرتبة الثانية من حيث حجم وقيمة التجارة الإلكترونية على مستوى دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط. في السياق، بلغ حجم التجارة الإلكترونية في مصر نحو 4.9 مليارات دولارخلال العام 2021 فيما وصل حجم تداول السلع إلكترونياً  إلى 3.6 مليارات دولار قبل انتشار الوباء. وتعتبر التجارة الالكترونية ثالث أكبر القطاعات في مصر التي شهدت نمواً في معدلاتها السنوية وذلك بعد قطاع الاتصالات والتكنولوجيا. 

بدورها بقيت شركات الاتصالات قريبة من مشهد صناعات التجزئة فاستفادت من التحول لتُطور تطبيقاتها وتقدّم باقات فريدة للتسوق الرقمي. مع ارتفاع حركة البيانات ارتفعت نسبة المبيعات وعدد المعاملات الرقمية فاتخذت شركات الاتصالات اجراءات خاصة للحفاظ على الأمن السيبراني وحماية العملاء في جميع أنحاء العالم مع تحديث البرامج ومتابعة التحديثات الأخرى بدقة. ومع تعزيز البنية التحتية الرقمية، تمكّنت الدول النامية وبالتعاون مع شركات التكنولوجيا والتقنية من التميّز في تجربة التسوق الرقمي على الهواتف المحمولة.

 

عوامل تعيق رحلة التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط

بين اختلاف المقومات والقدرات التقنية والمالية تمكّنت الدول من إنشاء بيئة إلكترونية واضحة المعالم قادرة على تبني التطورات الجديدة، توظيف المهارات التجارية وتقديم نموذج فعال للتسوق الالكتروني الناجح. كانت الشركات قد تكيّفت مع التغييرات الأخيرة من خلال انتقالها السريع إلى الأدوات الذكية والحلول الرقمية. ولما حصلت هذه الانجازات لولا تعاون القطاعين العام والخاص لتغيير المفاهيم التقليدية في عملية بيع المنتجات إلى جانب تعزيز الابتكار المستمر لتحقيق الريادة. تُعد المدفوعات الرقمية نتيجة عمل مشترك بين شركات الاتصالات والتكنولوجيا الصغيرة والمتوسطة، فيجسد هذا التحول الاستراتيجية المستقبلية لمواجهة التحديات والظروف الاقتصادية الصعبة.

تتفاوت نسبة نجاح التجارة الالكترونية بين دولة وأخرى  حسب التوعية حول هذا المفهوم، وقدرة الحكومات على الانتقال السلس من الأنظمة التقليدية إلى الأنظمة المتطورة الحديثة. فلا يزال أسلوب الدفع النقدي مسيطراً بين معظم دول الشرق الأوسط بينما لا يزال نشاط جزء كبير من التجار والبائعين ضعيفاً على الانترنت. تشجع الحكومات المستهلكين على اعتماد البطاقات المصرفية الآنية للدفع عبر الانترنت بسرعة وتوفير الجهد والوقت بالاضافة إلى تحميل تطبيقات الدفع الالكتروني لتسهيل العملية خصوصاً لشراء المنتجات من دولة إلى أخرى. كما تلاحظ الدراسات أن نحو 15% من الشركات هي نشطة على الانترنت مما يجعل الخيارات ضّيقة أمام المستهلكين.

بالرغم من هذه العقبات، لا تزال نسبة التسوق الرقمي ترتفع في الدول العربية بصورة خاصة حيث الطقس الحار فبفضل العديد من المستهلكين الذين يتصفحون مراكز التسوق على الانترنت بدلاً من التجوّل في الاماكن العامة المزدحمة؛ تواصل التجارة الالكترونية ازدهارها في المنطقة.

 

كيف يبدو التسوق الإلكتروني في المستقبل؟

يتوجه المتسوقون إلى استخدام هواتفهم الذكية أكثر مع تطورها وتنوع المنصات والتطبيقات عليها، فبحسب الدراسات، 63% من الاعلانات الهاتفية سيطرت على سوق الاعلانات في العام 2018. ومثل غالبية القطاعات، أخذ التسويق الالكتروني وجهاً جديداً حيث أصبح يتألف 30% من محتوى فيديو مصوّر مع جمل قصيرة تحاكي العصر السريع. تعتبر التحليلات أن الذكاء الاصطناعي سيكون ركناً من أركان التسويق الالكتروني خلال الفترة المقبلة فهو قادر على تحليل البيانات ونقلها لشركات الاعلانات لفهم مزاج المستهلك وتطلعاته. كما تساهم هذه التقنية بتحسين تجربة البحث على الانترنت ليصبح التسوّق تفاعلياً. أما من ناحية الشركات فلمست زيادة في انتاجيتها مع التحول إلى خطط تعتمد بالدرجة الأولى على الذكاء الاصطناعي.

تطوّر سلوك المستهلك بعد الاغلاق العام والتخمينات تتحدث عن مليارات من الاستثمارات في عالم التسوق الرقمي والانترنت والاتصالات لتقديم تجربة فريدة تكون على قدر التوقعات. فإن نجاح هذه الخطط سيغيّر طريقة التواصل والاتصال بين الشركات والمستهلكين لبيع المنتجات بطريقة حديثة وأكثر ذكاءً.

توازياً، يحذّر الخبراء من المواقع الالكترونية المزيّفة والاعلانات الخبيثة ومخاطر استخدام الانترنت غير الآمن في ظل موجة واسعة من الهجمات السيبرانية التي تطال المنطقة والعالم. لذلك تحرص الجهات والمنظمات المعنية على زيادة الوعي حول كيفية التسوق على الانترنت بشكل آمن وعدم تصفّح المنصات أو المواقع غير الرسمية والتأكد من مصدر الروابط لتجنّب سرقة الأموال والبيانات في حال الدخول إليها.

من أبرز العوامل التي أسهمت بازدهار التسوق الرقمي عامل النمو الاقتصادي والاجراءات المتخذة لدعم الاعمال على الانترنت فضلاً عن المشاريع الناشئة وما رافقها من مواقع إلكترونية خاصة بالتسوق أونلاين عززت ثقة العملاء والعودة سريعاً إلى مراكز البيع الرقمي.