Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

يصعب التنبؤ بالكوارث الطبيعية قبل حدوثها بالرغم من مراقبة الاشارات الجيوفيزيائية والتحركات الأرضية. فخلال السنوات الماضية، تمكّن العلماء من احراز تقدم كبير في هذا المجال مع تطوير أنظمة خاصة تكشف مقاييس الهزات الأرضية وترسل تنبيهات مباشرة - قبل ثوانٍ - إلى الهواتف المحمولة عبر التطبيقات الذكية المعتمدة.

 لا تزال التطبيقات التحذيرية في بدايتها إلا أن الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وسوريا والذي أودى بحياة الآلاف فضلاً عن الخسائر المادية التي قدّرت بمليارات الدولارات صعّدت وتيرة الأبحاث والتطوير لتعزيز فعالية البرامج الذكية التي يمكن أن تتيح للأفراد فرصة للاستعداد قبل حدوث الكارثة ولو بوقت قليل. فكما كانت التقنيات الذكية مصدراً لحل مشاكل معقدة، تعتبر موجة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي من العناصر الاساسية اليوم التي يحاول من خلالها الانسان التنبؤ بالتحركات الطبيعية: تسونامي، زلازل أو حتى أعاصير. في وقت يؤكد فيه الخبراء أنه يستحيل التنبؤ بالكوارث الطبيعية بشكل محدد ودقيق، هل ستقلب الحلول التكنولوجيا كل المقاييس والمعتقدات؟

 

الحلول الذكية ودورها في تجنّب الكوارث الطبيعة

يستخدم الباحثون خوارزميات التعلم العميق لجمع بيانات بشكل أفضل من خلال تحليل الموجات الصوتية والزلزالية على عكس التقنيات السابقة التي يقتصر دورها على انتقاء أصوات محددة يتم تسجيلها وتحليلها في ما بعد. ووفقاً للمعلومات، يمكن للتقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أن تحدد الوقت المتبقي لحدوث الزلزال مع احتمال حدوث خطأ لا تتجاوز نسبته الـ 10%. كما يمكن لأنظمة التعلم الآلي تحليل كمّ هائل من البيانات لتقديم تنبؤات واقعية حول حركة الأرض وقراءة الاشارات الصادرة عند الفوالق بدقة عالية. تسمح أنظمة التعلم الآلي بمراقبة النظام الفيزيائي المستقبلي للأرض أو ترقّب الحركة في حال حدوث أي احتكاك غير اعتيادي في باطن الأرض.

في ظلّ سلسلة من الأبحاث المتعلّقة بهذا المجال، قام الخبراء المتخصصون بتطبيق نموذج محوّل التعلّم العميق على مجموعة من الانبعاثات الصوتية للتنبؤ بحركة الصفائح الأرضية وارسالها عبر التطبيقات المحمولة. يرتكز الذكاء الاصطناعي على البيانات السابقة التي تُرسل إليه وهي بدورها تُمكّنه من وصف حالة الأرض وبالتالي توقع الانزلاقات.

على هذا الخط، أنشأت مجموعة من الباحثين من مركز علوم الحوسبة في أحد معاهد الزلازل نماذج للحد من الكوارث الطبيعية والاستجابة لها في الوقت الآني بالاعتماد على التعلم الآلي وبرامج التعلم العميق والذكاء الاصطناعي. هذا ويقوم الخبراء الحاليون بتطوير استراتيجياتهم لمحاكاة الزلازل الأرضية مع تقديم معلومات دقيقة وموثوقة. بحسب العلماء: تستخدم أنظمة الانذار المبكر المتعلقة بالزلازل الحالية مقاييس الزلزال لاستغلال سرعات الموجات المختلقة ومتابعة حركتها.

تستخدم بعض المراكز مساحات كبيرة من الألياف الضوئية لتحليل أجزاء من الحركة الأرضية فيتم تحديد الاضطرابات بناءً على الوقت. قد تتمكن التطبيقات أيضاً من جمع البيانات في الأماكن التي لا توجد فيها محطات رصد زلزالية مناسبة، مثل المناطق الريفية التي تمتد تحتها كابلات الألياف الضوئية. نظراً لأن هذه الكابلات موجودة تحت سطح البحر - تمتد على طول السواحل وتربط القارات عبر المحيطات - يمكنها التقاط الزلازل من أي مكان. بعد سلسلة من التجارب تبيّن أن الكمبيوتر قادرعلى التقاط اشارات في البيانات الصوتية الناتحة عن الاحتكاك في الفوالق الأرضية وهي تتبدّل بشكل مستمر مما يتيح للخبراء والباحثين عرض هذه الاشارة الصوتية وتحديد الوقت الذي قد يحصل فيه الزلزال.

وفي هذا الخصوص يتم الحديث اليوم عن تقنية الاستشعار الصوتي الموزع التي تعتمد على فحص ذبذبات مسار الضوء داخل الألياف الضوئية. كما يتأثر هذا الضوء بشكل كبير بكل التموجات اليومية أو الترددات الأولية التي تشهدها الأرض، فيما تقوم التقنية بقياس هذه التموجات وحسابها من خلال خوارزميات محددة لاستباق الموجات الأكثر فتكاً بظرف وقت قليل.

يتوقع الخبراء أن تتمكّن المراكز المختصة من اكتشاف حركة الأرض ورصدها من خلال اعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي مستقبلياً على أن تتطور كل الأنظمة في هذا المجال بغضون السنوات القليلة المقبلة.

أما بشأن كلفة تقنيات الانذار من الألياف الضوئية وسواها من الحلول، فهذا الأمر يرتبط بمدى جاهزية البنية التحتية التي قد تختلف بين دولة وأخرى، فهناك من يفتقر إلى قدرات نشر الانترنت السريع أو الحلول التي تعتمد على الألياف الضوئية بينما هناك القسم الآخر من الدول النامية التي تمتلك عدداً كبيراً من الألياف الضوئية التي يمكن استخدامها لقياس حركة الضوء والنشاط الزلزالي لحظة بلحظة.

 

تقنية جديدة للتنبؤ بالفيضانات

يعتبر التنبؤ بالمستقبل والأحداث المرتقبة أحد أهم الأهداف بالنسبة لعلماء التكنولوجيا والفيزياء فلا يجوز الاستسلام إلى "غضب الطبيعة" مع وجود كل هذه البرامج والأنظمة والتطبيقات الذكية الصديقة للانسان. تعد برامج الكمبيوتر التي يمكنها التنبؤ بحركة الأمطار هي الأداة المثلى لمراقبة حركة المياه وتنبؤ حدوث فيضانات في الوقت الفعلي. تتطلب نماذج تطبيقات التحذيرمن الفيضان كميات هائلة من قوة الحوسبة لا سيّما مع زيادة الاحتباس الحراري وارتفاع احتمال حدوث هكذا كوارث مع عدم قدرة الهيئات المعنية على تحمّل الأضرار والتداعيات الناجمة عنها.

ستشهد المدن الذكية أنظمة موسعة تسمح بالتنبؤ بالكوارث الطبيعية مهما كانت حدّتها لمساعدة السكان قبل ثوان قليلة والتخفيف من الخسائر المدنية والمادية.

موجة ذعر وخوف يعيشها العالم جراء الزلزال الكبير والأمل يبقى بشركات التكنولوجيا التي تسعى جاهدة إلى توفير كل الانذارات الذكية لتجنّب الهزات والكوارث الطبيعية على أنواعها والاستجابة إلى حالات الطوارئ. صحيح أن هذه الحلول لا تزال في بداياتها والتساؤلات حولها عديدة، لكن المؤكد هو أن الذكاء الاصطناعي وبمساعدة الانسان سيتمكّن من الحفاظ على المجتمعات والثروات البيئية والطبيعية مع تطوير آلات التنبؤ ونشر الابتكارات المستقبلية ودعمها بشبكات الجيل الخامس والأجيال القادمة تلبية للنداء السريع.

موجات اهتزازية يترقبّها العالم بحذر لذا يبقى العمل جارٍ على أنظمة الانذار المبكر التي ترتكز على الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والشبكات اللاسلكية والألياف الضوئية لرفع نسبة النجاة وأخذ التدابير الاحترازية للحماية قبل وقت قليل من خلال تتبع استشعارات التطبيقات الذكية.