Advertisement

Typography

 قد يبدو لك أن المسافة بين أفكارك ومحيطك الخارجي بعيدة جداً، فلا يمكن لأحد أن يدرك ما يدور في داخلك من تطلعات وقرارات مستقبلية. إلا أن التطوّر التكنولوجي أثبت أن العكس هو الصحيح. فمع التقنيات الرقمية اختصرت الأجهزة الذكية المسافات وسهّلت المهام، لتصبح نظرة واحدة كفيلة بأن تُنفّذ لك كل أفكارك في وقت آني.

يعمل خبراء الانترنت ورواد تكنولوجيا المعلومات على تعزيز الروابط بين الواقعين الماديّ والافتراضي. فبعدما كان العالم بعيداً عن التقنيات الحديثة بسبب تخوّفه من تداعياتها على أمن البيانات  والخصوصيّة الرقمية، أصبح اليوم أقرب إليها أكثر من أي وقت مضى، والآتي أعظم! وفي وقت تعرّف فيه مستخدمو الانترنت على حقيقة الذكاء الاصطناعي ومدى فعاليّته، إلى جانب إنترنت الأشياء والأجيال المتتالية لشبكة الانترنت والواقع المعزّز، يبرز ما هو معروف باسم إنترنت الحواس ليأخذ هذا المصطلح الاتجاه نحو النمو السريع مع حلول السنوات القليلة المقبلة. بعد عام 2021، لن تواجه مشاكل النسيان إبداً، فأفكارك تحت السيطرة على مدار الساعة.

 

إنترنت الحواس: تقنية المستقبل القريب

منذ فترة ليست ببعيدة بدأ الناس يعترفون بقدرات إنترنت الأشياء الذي يتيح لهم الاتصال بكل الأجهزة الذكية المحيطة بهم. منذ ذلك الحين، بات من الضروري وجود هذه التقنية الحديثة في كل القطاعات والمجالات لا سيّما التكنولوجيا والاتصالات.

على ضوء ذلك، ظهر مفهوم إنترنت الحواس الذي من المرتقب أن يكون التقنية المعتمدة للسنوات المقبلة أي مع مطلع عام 2021 إلى عام 2030.  وفي هذا الاطار، يعتبر بعض المستهلكين لشبكة الانترنت أنه مع حلول عام 2030 ستتقدم لنا مجموعة من الخدمات التكنولوجية التفاعلية المتصلة بحواسنا السمعية والبصرية والتلامسية، لتتفاعل مع أفكارنا وحتى نشاركها مع الآخرين.

 

تحكَّم بالأمور بمجرّد التفكير بها!

لقد فاق عصر التكنولوجيا الزمان والمكان، ليزيل كل العوائق والفواصل بين حياتنا اليومية والعالم الافتراضي. فهل تخيّلت أنك ستتمكّن من التفكير وتنفيذ فكرتك في ثانية واحدة؟ أو رؤية مختلف الوجهات أمامك بمجرّد ارتداء النظارات الذكية؟ 59% من المستهلكين  يعتقدون أننا سنصبح قادرين على رؤية مسارات الطرقات بمجرّد التفكير في الوجهة.

في هذا الاطار، يشير تقرير "Hot Consumer Trend 10 "  الى أن الاعتماد على إنترنت الحواس يعني إبراز دور دماغ الانسان الذي سيتحكّم بكل شيء، فلا حاجة لأجهزة تحكّم أو لوحات مفاتيح بل يكفي التفكير فقط ليُنفّذ الأمر على الفور من دون لمس أي شاشة. ومع هذه التقنية ستكون هناك الفرصة المؤتية لاختبار فئة جديدة من الأجهزة الرقمية سريعة الاستجابة التي تتفاعل بشكل أسرع مع المستخدم.

على الخط نفسه، قد تسمح لنا التقنية الجديدة مع السنوات المقبلة كتابة رسائل نصيّة والردّ على الهاتف المحمول بالاستعانة بأفكار الدماغ فقط. أما بالأرقام، فـ 40% من المستجيبين يجدون أن في المستقبل سيكون لديهم القدرة على مشاركة أفكارهم مع أصدقائهم. فبحسب الخبراء، يعتبرون أن التقدم التكنولوجي سيربط عقل الانسان بكافة مهامه اليومية.   

بالتوازي مع ذلك يتخوّف البعض من تداعيات هذا التقدم، فليس كل أفكارنا يمكن أن تكون مستباحة للآخرين. فماذا عن خصوصية الأفكار التي لا نريد مشاركتها؟

 

إشارات الدماغ لقراءة أفكار ذوي الاحتياجات الخاصة

أهم ما في الابتكارات التكنولوجية أن وجودها قد يكون الحل الأنسب لتجاوز الكثير من التحديات والمشاكل.

غير أن هذه الأخيرة تسمح اليوم لكل من يعاني من مشاكل جسدية أو صعوبة في التحرّك من ممارسة نشاطات حياته اليومية بصورة طبيعيّة. قد يلجأ ذوو الاحتياجات الخاصة إلى التقنيات والحلول الرقمية التي تساعدهم على التعبير والتفاعل مع العالم الخارجي. في هذا الاطار، كشفت دراسة نشرتها دورية "برين" العلمية البريطانية المختصة بدراسة الدماغ البشري، أن التقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الحواس ممكن أن تجتمع بالقدرات الدماغية لتتنبأ بحركة الأطراف والتحكم بمن يعانون من الشلل أو الباركنسون، كذلك الأمر لفاقدي الأطراف.

وبحسب الدراسات، يتّجه العالم اليوم إلى اعتماد كافة الأجهزة  التي تستخدم إشارات الدماغ للتفاعل مع المستخدم، حيث يتم زرع مجسمات كهربائية داخل مناطق معينة في الدماغ، لتنظّم النشاط الدماغي لدى أصحاب الأمراض الحركية على أنواعها، فيكفي أن يفكّر المستخدم بالحركة التي يريدها ليقوم بها الجهاز بظرف أربع ثوانٍ لا أكثر.

  

 الحفاظ على أمن وخصوصيّة أفكارنا

يحذّر الباحثون من خطورة إطلاع إنترنت الحواس على أفكارنا مما يمكن أن يعرّضنا إلى مجموعة من التهديدات.. فسرقة أفكارنا باتت واردة فعلاً.

توضح الدراسات أن مع هذه التقنية سيكون للخصوصية والأمن مفهوماً جديداً. نتيجة لذلك يهتم أغلبية المستخدمون لضرورة الحفاظ على البيانات المتشاركة مع الخدمات الفكرية لا سيّما في الأعمال حيث لا يجوز أن تكون كل الأفكار مكشوفة للعلن. تعليقاً على ذلك، يشير أحد الاختصاصيين بمجال التقنية أننا نشهد اليوم على إنتقال البشرية من الاتصال بالانترنت والهواتف الذكية إلى تجارب أكثر تفاعلية مع حواس الانسان وجسده وهذا ما سيطرح أمامنا مجموعة من التحديات في وقت سيتم فيه رقمنة كل الحواس البشرية. فما هو الخطر المحدق؟

يتخوّف المستخدمون من أن يتم التلاعب بأفكارهم من قبل المعلنين والتجار للتهافت على شراء سلع ما أو خدمات معيّنة هم فعلاً ليسوا بحاجة لها.

ماذا بانتظارك بعد اعتماد إنترنت الحواس؟

تكثر التوقعات وتتعدد الاتجاهات التي سيسلكها البشر بعد اعتمادهم إنترنت الحواس. فوفقاً لاستبيان تم نشره على الانترنت، يتوقع 45% من المستخدمين أنه بعد انتشار انترنت الحواس سيتم إبتكار أجهزة للفم يمكن التحكم من خلالها بنكهة الطعام مثلاً.

7 من أصل 10 يجدون أنه مع حلول عام 2030 سيكون من الصعب علينا التمييز بين الألعاب الافتراضية والواقع الحقيقي. وفيما يُعبّر العديد عن خوفهم من التقنية الحديثة إلا أن هناك من يجدون أنفسهم بكامل الجهوزية لحل مشكلة الخصوصية وهم على استعداد للاستفادة من الخدمات المستحدثة.

كما أن 45% من المستهلكين يجدون أنه مع حلول عام 2030 ستُنشأ مراكز تجارية للتسوق تسمح لهم بإستخدام كافة حواسهم عند التسوّق.  

 

إذاً كيف سيبدو أسلوب العمل وحياتنا الاجتماعية مع بداية الـ2021 لغاية حلول 2030؟ هل سنحافظ على علاقاتنا ومحيطنا الواقعي أم أن إنترنت الحواس والحلول الرقمية ستجرفنا نحوها لتتملّك أفكارنا وتحرّكاتنا؟