Advertisement

Typography

تطرح مصر استراتيجية خاصة لتنمية القطاع الاقتصادي والاجتماعي لديها إستكمالاً لما توصلت إليه الثورة الرقمية في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا. فبهدف تحقيق التنمية المستدامة، تعتمد الجهات المعنية على الحلول التكنولوجية الذكية والمبتكرة لتغيير نمط الأعمال في مصر وتأمين استمراريتها في ظلّ الأزمة الصحية الراهنة وغيرها من التحديات.

 

تلعب الابتكارات التكنولوجية في الشرق الأوسط وأفريقيا دوراً بارزاً في إنجاح اقتصاد المنطقة من جهة وتوفير ملايين فرص العمل بحلول العام 2025. إلا أن هذا التطوّر يتطلّب هيكلة جديدة للقطاعات كافة ومتابعة نهج خاص لمواكبة المهارات والكفاءات الرقمية ودعم الشركات الناشئة للاستثمار أكثر في قطاع التكنولوجيا والتقنية. وبالحديث عن الدول التي غيّرت خططها الاستراتيجية، حققت مصر العديد من النجاحات خلال السنوات الماضية أثبتت مكانتها في عالم الرقمنة بعدما دخلت لأول مرة في العام 2020 ضمن تصنيف الدول المبتكرة، محتلةً المركز 58 من بين 60 دولة عالمياً. بدورها بدأت الحكومة والجهات المعنية تطوير البنية التحتية الرقمية لتعزيز استخدام كابلات الألياف لدمج التكنولوجيا والانترنت بالأجهزة الذكية التي يمكن التحكّم بها عن بُعد. مالياً، تتوجّه مصر إلى اعتماد التكنولوجيا المالية في وقت تُظهر فيه الدراسات ارتفاع إجمالي التمويل العالمي على هذه التكنولوجيا ليصل إلى 210 مليارات دولار في العام 2021 مع 5684 صفقة. كما زاد استثمار رأس المال في التكنولوجيا المالية عالمياً بأكثر من الضعف على أساس سنوي ليبلغ 115 مليار دولار في العام 2021 بعدما كان 46 مليار دولار في العام 2020. كذلك كان للتكنولوجيا المالية مكانة مميّزة في مسيرة الشركات المصرية التي اجتازت شوطاً كبيراً في هذا القطاع الأسرع نمواً في مصر. على ضوء ذلك، وصل حجم الاستثمار في ريادة الأعمال في مصر إلى 387 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2021 منها 64 مليون دولار في مجال التكنولوجيا المالية.

 

نجاح قطاع التكنولوجيا المالية يواكبه نمو ريادة الأعمال المصرية

تُعد مصر من أكبر الدول العربية من حيث تعداد السكان ما يضع الدولة أمام امتحان كبير لكيفية التجاوب مع احتياجات الشعب في مختلف المناطق. إستجابةً لذلك تبذل السلطات المصرية جهودها عبر أعمال البنك المركزي المصري ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث أصدرت مشروع قانون لتنظيم التكنولوجيا المالية في البلاد يهدف إلى تنمية التبادلات المالية غير المصرفية، الاستفادة منها ورفع كفاءتها.

بحسب الخبراء، يعزز قانون التكنولوجيا المالية الجديد وصول الخدمات المصرفية إلى قسم كبير من المستثمرين ورجال الأعمال والمتعاملين مع الشركات المالية غير المصرفية. في هذا الإطار، يشير رئيس الجمعية المصرية للتكنولوجيا المالية، شريف سامي إلى أهمية هذا القانون الذي يعزز دور التطبيقات الرقمية في مصر لمواكبة التحولات السريعة من جهة وتوسيع قاعدة الخدمات المالية في الدولة. وأكد سامي ضرور التنسيق بين الجهات المعنية في هذا المجال لتطوير النشاطات المالية الرقمية في مصر والاعتماد أكثر على قطاع الاتصالات وتنظيمه بما يخدم التكنولوجيا المالية.

وفي سياق التقدم الرقمي الذي تشهده مصر مؤخراً، تطرح الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية خدمات فريدة لقاعدة واسعة من المستثمرين مما يجذب الاستثمارات العالمية ويؤكد على المستقبل الواعد الذي في انتظار الشركات المالية المصرية.

ترتكز التكنولوجيا المالية على اعتماد الأجهزة الذكية لتقديم خدمة مالية سريعة، ومن المتوقع أن تصبح هذه التكنولوجيا من أساسيات  عمل الشركات خلال الفترة المقبلة على أثر التقدّم الرقمي. كما يحتضن السوق المصري العديد من الشركات المحلية والأجنبية وتسعى الشركات المصرية الى إحراز النجاح بالتنافس مع الشركات الأجنبية التي تأخذ الحصة السوقية الأكبر في هذا المجال. 

 

تضاعف استثمارات التكنولوجيا المالية ثلاث مرات في مصر وتأثيرها على الاقتصاد

شهد العام الماضي ارتفاع الاستثمارات بنسبة تزيد عن 300% نظراً لاستراتيجية الدولة المتبعة لتحقيق التحول الرقمي في كافة المجالات، بحسب تقرير صدر عن "فينتك إيجيبت"، التابع للبنك المركزي المصري.

وفي سياق التحولات التي تشهدها مصر حالياً، أشار التقرير الأول من نوعه الذي يصدره المركزي المصري، إلى أن عدد الشركات الناشئة التي تدعم التكنولوجيا المالية والعاملة في هذا المجال، ارتفع من شركتين ناشئتين فقط في 2014 إلى 112 شركة بنهاية عام 2021 في أكثر من 14 قطاعاً فرعياً من قطاعات التكنولوجيا المالية المبتكرة مثل المدفوعات والتحويلات، وأسواق الأعمال التجارية، والإقراض والتمويل البديل. كما لفت التقرير إلى أن أغلب شركات التكنولوجيا المالية المصرية تم تأسيسها من قبل شباب تتراوح أعمارهم ما بين 25 و 35 عاماً.

إضافة إلى ذلك، قامت 24 شركة بالتوسع في هذا المجال على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأصبحت تحظى بتواجد ملحوظ في كلٍ من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ودول مجلس التعاون الخليجي، وأوروبا.

تتطلّب التنمية التكنولوجية نشر الوعي الكافي لكيفية التعامل مع خدمات التكنولوجيا المالية وغيرها من التكنولوجيا المستقبلية. من هذا المنطلق تتعاون الجمعيات المختصة والأجهزة المعنية لتكامل التقدّم التقني في كل القطاعات وعدم الانحصار بقطاع المال والاقتصاد فقط. كما إرتبط حجم التبادلات والتحاويل المالية بأزمة كورونا، فمع فرض الاغلاق الجزئي في بعض المناطق اتجه العملاء إلى المعاملات المالية الالكترونية فارتفعت نسبة مستهلكي التكنولوجيا المالية من 33% عام 2017 لتصل إلى 64% بعد انتشار الوباء. وتتعامل اليوم أغلب الشركات الكبيرة والمتوسطة بخدمات التكنولوجيا المالية لمواجهة التحديات والتقلبات المتسارعة في عالم الانترنت والاعمال. فإلى جانب السرعة توفّر التكنولوجيا المالية خدمة آمنة ومرنة مقارنةً بالخدمات المالية التقليدية المعتمدة قبل الثورة الصناعية الرابعة والتوجّه نحو التحول الرقمي.

لا تقتصر جهود مصر على ذلك فحسب بل تطمح الدولة إلى تنشيط خدمات الذكاء الاصطناعي لتشكّل 7.7% من الناتج المحلي بحلول العام 2030. لتحقيق هذا الهدف، تركّز السلطات المصرية استراتيجيتها المستقبلية للتوسّع في مجال التحول الرقمي، جمع البيانات التي تتعلّق بالتكنولوجيا المالية وتحليلها.

 

تحديات تواجه القطاع المالي في مصر

تواجه مصر تحديات عدّة في مجال التكنولوجيا المالية يتمثّل أبرزها بقدرة المؤسسات المالية على مواكبة التغييرات التقنية والرقمية مهما اختلفت الظروف. تقنياً، تحتاج البنية التحتية إلى تأهيل مستمر للتجاوب مع حركة البيانات الكبيرة. مقابل ذلك، تؤمّن الشركات المزوّدة للخدمات سرعة كبيرة في شبكة الانترنت لتجربة مميّزة تستجيب لطلبات العملاء وتقّدم لهم مرونة في التعامل مع الخدمات المالية غير المصرفية. أما التحديات الأخرى فتتعلّق بجذب الكوادر المؤهلة للعمل بمجال التكنولوجيا المالية، إمكانية تطوير المنتجات ووضع خطة واستراتيجية فعّالة ضرورية لاستدامة التكنولوجيا المالية والمساهمة في تحقيق الأرباح.

أما الشركات الناشئة في مصر فتحتاج اليوم إلى دعم كبير في مختلف المجالات للانتشار في السوق المصري  والقدرة على مواجهة التحديات الداخلية لنشاط التكنولوجيا المالية. في هذا السياق، أكد الخبراء أهمية إعداد قانون يدعم دمج الصناعات بالتكنولوجيا المالية وارتباطها مباشرة ً بالخدمات والتداولات المالية من جهة ويساهم بتطويرها وتنظيمها من جهة أخرى.

 

تعمل المؤسسات المعنية على مجموعة من المحاور الأساسية لتطوير قطاع التكنولوجيا المالية في مصر بدءاً من محور السياسات المعتمدة، الاجراءات المتبعة لتخفيف القيود على الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، توفير رأس مال لتمويل العمليات المالية، حماية بيانات العملاء، جمعها ونقلها بأمانة عالية إلى جانب إمكانية رصد الهجمات الالكترونية. كما يعتبر دعم الشركات بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية من أهم العناصر لتطوير هذا القطاع بالاضافة إلى توسيع قاعدة المتعاملين وتوفير البنية التحتية الرقمية الضرورية لهذا النوع من العمليات.