Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تستخدم المنظّمات والمؤسسات مركزاً ضخماً للإحتفاظ ببياناتها وتطبيقاتها أي بما يُعرف بمركز البيانات أو Data Center. يرتكز عمل مركز البيانات على التخزين عبر شبكة من الخوادم والتي تسمح بتسليم كافة التطبيقات والبيانات المشتركة بمجرّد الاتصال بالانترنت.

 

إن ظهور مراكز البيانات على صعيد المؤسسات ليس جديداً، حيث تواجد هذا النوع من المراكز  في أواخر خمسينات القرن الماضي ولو بشكل خجول. ومع بروز دور التكنولوجيا والبرمجيات الحديثة وتحوّل الأعمال إلى الشبكات الرقمية، توسّع إعتماد مراكز البيانات في جميع أنحاء العالم لحفظ المعلومات والملفات. لا يقتصر دور هذه المراكز على حفظ المحتوى فحسب بل هي تساهم بشكل أساسي في تعزيز القاعدة الرقمية للشركة أو المنظّمة وتوسيع قدراتها على شبكة الانترنت. ولكن منذ القرن الماضي حتى يومنا هذا لم  تبق مراكز البيانات على حالها بل تنوّعت وأصبحت محطّ أنظار الدول الغربية والعربية.

 

مراكز البيانات أداة جديدة بصدد التطوّر

تحوّلت البنية التحتية التي تعتمد عليها مراكز البيانات من خوادم تقليديّة ماديّة إلى شبكات إفتراضيّة بعدما باتت البيانات متّصلة بالسحابة العامة والخاصة. كما ترتكز البنية التحتية لمراكز البيانات على معايير معيّنة بدايةّ من الطبقة الأولى الاساسية للموقع والتي توفّر حماية من الحوادث المادية. أما الطبقة الثانية من البنية التحتية فهي بسعة كبيرة لتوفّر حماية أكبر لمركز البيانات. الطبقة الثالثة هي التي يمكن صيانتها في الوقت الآني  واستبدال أي مكوّن بدون تعطيل أي من خدمات المستخدمين. أما الطبقة الرابعة والأخيرة للبنية التحتية فهي التي يمكن أن تتحمّل الخطأ وتوفّر إمكانيات للصيانة دون توقّف الخدمة.

 وبما أن الحفاظ على أمن البيانات يُعدّ من العناصر الضرورية في تصميم مراكز البيانات، لا بدّ من توفّر البنية التحتية المطلوبة لتخزين عدد هائل من البيانات والاحتفاظ بها. إلى جانب ذلك، توفّر البنية الأساسية للشبكة توصيل الخوادم الحقيقة والافتراضية وتؤمّن الاتصال الخارجي للتخزين. أخيراً تبقى موارد الحوسبة وتُعتبر هذه التطبيقات المحرّك الأساس لمركز البيانات حيث توفّر هذه الخوادم ذاكرة وسعة كبيرة للتخزين.

أما عن آلية العمل، فيعمل مركز البيانات من خلال أجهزة أمن الشبكات التي تحمي المركز من الاختراقات الأمنية والهجمات الالكترونية. وفي حال تم العثور على أي ثغرة أمنية يتم توقيف التطبيق للحفاظ على أمن المستخدم.

                                                                                                              

إليك مختلف أنواع مراكز البيانات

لا تقتصر مراكز البيانات على نوع واحد فقط بل يختلف تصنيفها ونوعها بحسب ما إذا كانت أكثر من منظّمة تملكها أم لا، وبحسب مدى ملاءمتها مع سائر مراكز البيانات والتقنيات المستخدمة للتخزين.

في هذا الاطار يمكننا أن نذكر أربعة أنواع من مراكز البيانات: الأول، مراكز بيانات المؤسسات التي تُنشأ من قبل الشركات التي تمتلكها في الأساس ويتم تحسينها وتطويرها للمستخدمين النهائيين.

أما النوع الثاني فهو مراكز البيانات ذات الخدمة المُدارة التي تتم إدارتها من قبل جهة خارجية وتعمل الشركة على تأجير المعدات والبنية االتحتية المطلوبة.

النوع الثالث يعود لمراكز البيانات ذات الموقع المشترك، حيث تستأجر الشركات مساحة داخل مركز البيانات المملوك من جهة خارج نطاق الشركة لتخزين بياناتها وإدارتها.

وأخيراً مراكز بيانات السحابة حيث يتم إستقبال التطبيقات والبيانات من قبل مزوّد الخدمات السحابية.

 

مراكز البيانات مهمّة للأعمال والأسباب عدّة

بعيداً من الاستهلاك الشخصي لشبكة الانترنت، تُعتبر مراكز البيانات أساسية للأعمال والشركات والمهام العامة أولاً. من هذا المنطلق، يَعتبر التقنيون أن مراكز البيانات مهمة للأعمال كونها تسمح للشركات بمشاركة كل ملفاتها وبياناتها والبريد الالكتروني بسرعة بين الفريق الواحد. إلى جانب ذلك، تعزز مراكز البيانات الانتاجيّة وتساهم برفع مستوى إدارة العلاقات مع العملاء. وبحسب الدراسات، تعتبر مراكز البيانات مهمة كونها  توفر الامكانية لإستخدام التقنيات المتطوّرة في الأعمال: الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي بالاضافة إلى إدارة البيانات والحفاظ عليها مهما كانت سعتها.

 

الحصة السوقية لشركات السحابة وأكثر الدول إمتلاكاً لمراكز البيانات

تُعتبر مراكز البيانات ثورة فعليّة تسعى أكبر الدول حول العالم للسيطرة عليها فمن خلالها يمكن متابعة المستخدم ونشاطه على الانترنت ومعرفة أهم  توجّهاته. وبحسب آخر الدراسات الصادرة عن SRGResearch - Cloudscene، تصدّرت الولايات المتحدة المرتبة الأولى مع امتلاكها 2653 مركزاً للبيانات على الانترنت. تليها المملكة المتحدة مع 451 مركزاً، أما في  المرتبة الثالثة فحلّت ألمانيا مع 442 مركزاً للبيانات، في المرتبة الرابعة كندا مع 279 مركزاً والمرتبة الخامس كانت لهولندا مع 274 مركزاً للبيانات.

وفي ما يتعلّق بالحصّص السوقيّة لأكبر شركات الحوسبة السحابية، إحتلت شركة أمازون المرتبة الأولى بنسبة 32% تليها شركة مايكروسوفت Azur بنسبة 20% من الحصة السوقية لها، ثم غوغل كلاود بنسبة 9%، تليها شركة علي بابا كلاود بنسبة 6% أما آي بي إم كلاود فاحتلت المرتبة الأخيرة حيث بلغت حصتها السوقية 5% بين شركات التكنولوجيا في مجال الحوسبة السحابية.

 

البيانات: الكنز الأوّل لتطبيقات التواصل الاجتماعي

يبدو من الواضح رغبة التطبيقات الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي خصوصاً في جمع بياناتنا ومعلوماتنا بحجّة رفع مستوى الأمان وجودة النشاط عند التصفّح، غير أن الحقيقة ليست كذلك فعلياً.

تعمل منصات شهيرة مثل فيسوك إنستغرام أو واتساب (التابعة جميعها لشركة واحدة) للاستحواذ على معلومات إضافية عن المستخدم بهدف تطوير خدماتها وتحسين المحتوى الذي توفّره من الرسائل الصوتية إلى مشاركة الصور وغيرها من الخدمات.

فقبل العام 2009، كانت فيسبوك تقوم بإستئجار مراكز البيانات لخدمة المتصفّح. ولكن بعد ارتفاع عدد مستخدمي فيسبوك الذي وصل إلى 71 مليوناً عام 2016 كان لا بدّ من تحديث مراكز البيانات لديها لاستيعاب العدد الأكبر من البيانات المشاركة عبرها. لهذه الغاية بدأت فيسبوك تطوير مراكزها الخاصة لتحسين أدائها من جهة، وتوفير خدمة أفضل من جهة أخرى. إلا أن هذه الخطوة أقدم عليها العديد من شركات التكنولوجيا والاتصالات التي إرتفع الاقبال عليها في السنوات الأخيرة وبات من الضروري الاستجابة لعدد المستخدمين المتزايد منها مايكروسوفت، أمازون ويب وغوغل.

كا ساهم فيروس كوفيد-19 بزيادة حركة البيانات ضمن شبكات النطاق العريض حول العالم الذي سجّل نمواً بنسبة 25% خلال شهر واحد على أثر توجه ثلث سكان الأرض نحو التعلم والعمل عن بُعد. 

 

سوق الداتا سنتر في العالم العربي ومستقبله

نظراً للوضع الراهن، برزت أهمية البيانات في تطوّر شركات التقنية والتكنولوجيا والاتصالات. ووفقاً لما تشير إليه التقديرات، من المحتمل أن نشهد نمواً في سوق مراكز البيانات في منطقة الشرق الأوسط بمعدل سنوي مركّب يُقدّر بنحو 7% بحلول عام 2024.

على الخط نفسه من المرجح أن يرتفع عدد الأجهزة المتصلة بالانترنت مع حلول عام 2022 إلى 28.5 مليار جهاز في مختلف أنحاء العالم بينما سيكون هناك 4 مليارات جهاز متصل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذا الواقع يحتّم القيام بمشاريع مستقبلية تهدف إلى توسيع مراكز البيانات حول العالم وليس فقط محلياً. في هذا السياق، تشير الأبحاث الصادرة عن مجموعة Synergy للأبحاث أن هناك 132 مركزاً للبيانات يتم العمل عليها حالياً مما يرفع العدد الإجمالي إلى 562 مركزاً.

 

على ضوء ذلك، يُرسم مستقبل باهر لسوق مراكز البيانات الذي من المرجح أن يبلغ 3.7 مليارات دولار بحلول عام 2025  وبات من الضروري الاستعانة بها والعمل على الانتقال إليها في كافة الأعمال شرط أن تتميّز بالجودة والكفاءة والسرعة والكلفة الجيدة. أما الاستفادة فلن تكون للمستخدم فقط بل لمشغّلي مراكز البيانات الذين سيستفيدون من الأرباح لتطوير ما لديهم من بنية تحتية من دون خسائر مالية.