Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تطوّرت آلية العمل عن بُعد منذ سنة إلى اليوم، حيث خفّت الصعوبات وزادت الرغبة لدى الأفراد والشركات في خوض هذه التجربة. ورغم أن الكثير من الدول العربية والغربية لم تكن تملك هذا المفهوم إلا أن فيروس كوفيد-19 فرض عليها إعتماد إستراتيجية جديدة كلياً على صعيد التعامل مع الموظفين وكيفية إدارة الأعمال إفتراضياً.

تغيّرت العلاقات الاجتماعية والبروتوكولات الإقتصادية والعملية والمهنية على حد سواء. في هذا السياق، يشير أستاذ في علم الاجتماع في جامعة بادوفا الإيطالية لأحد المواقع الالكترونية، الى ان هذه التغييرات تتجلى على كافة المستويات وفي كافة أنحاء العالم الذي عانى من تداعيات الوباء. فبعدما كان التواصل الجسدي المباشر هو الأساس لبناء العلاقات، دخلت الرقمنة إلى سلوكيات الانسان اليومية حتى أصبح العمل عن بُعد وسيلة "ذكية" تلجأ إليها الشركات للإستمرار. فكيف يتفاعل الأفراد مع العمل عن بُعد وكيف تستغل الشركات هذه الوسيلة لتعزيز التواصل والاتصال على المستويين المحلي والعالمي؟

 

تكثيف البرامج التدريبية لزيادة الإنتاجيّة

خلق العمل من المنزل فرصاً أمام العاملين والموظفين في القطاعات العامة والخاصة لتأهيل معلوماتهم ومعرفتهم وتطوير مهاراتهم في التعامل مع التقنيات الرقمية إلى جانب البرامج والتطبيقات الذكية.

يشير الخبراء إلى إرتفاع عدد المؤتمرات والندوات الافتراضية التي من شأنها تدريب الموظّف للإعتياد على الواقع الجديد وزيادة الانتاجية لديه من المنزل. بينما عانت القطاعات الفنيّة أي التي تتطلب الوجود الشخصي للعمال وتم تجميد أغلب الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عملت بعض الشركات على إصلاح أنظمتها وإدخال الحلول الرقمية إلى أعمالها، فمن خلال ذلك واصلت خططها المطروحة ووسّعت مشاريعها لتشمل العالم أجمع من دون حدود.

كما ساعد العمل عن بُعد في خلق العديد من الوظائف على الانترنت ومن أهمها مصمم الغرافيك الذي يتولى تصميم المنشورات والإعلانات أونلاين، مصمم واجهة المستخدم أو User Interface Designer الذي يصمم الواجهة في التطبيقات والمواقع الالكترونية مع تنسيق الألوان والصور والروابط. إلى جانب هؤلاء نذكر مصمم العلامات التجارية الذي يعمل على تصميم الشعارات للعلامات التجارية.

إلى جانب التصميم، تأتي وظائف البرمجة في طليعة المجالات المطلوبة في سوق العمل عن بُعد من خلال تصميم وتنفيذ مختلف برامج الكمبيوتر. من بعدها تأتي وظائف تطوير البرامج إن كان للهواتف الذكية أو للكمبيوتر أو لأي جهاز ذكي. ومن الوظائف المطلوبة حالياً التخصص في كيفية التعامل مع البيانات، هذا الاختصاص الذي شهد نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة. 

 

تصنيف الدول العربية على مؤشر العمل عن بُعد

في ظلّ موجة العمل عن بُعد، أصدرت شركة "سيركل لووب" المختصة بتزويد الاتصالات السحابية في المملكة المتحدة مؤشراً لقياس "العمل عن بُعد". أما ترتيب الدول فيرتكز على عدة عناصر أوّلها متوسط سرعة الانترنت ذات النطاق العريض الثابت.

على المستوى العربي، تصدّرت الامارات العربية المتحدة القائمة و31 عالمياً، تليها الكويت في المرتبة الثانية عربياً وفي المرتبة 49 عالمياً. أما في المرتبة الثالثة فحلّت السعودية والمرتبة 57 على المستوى العالمي بينما في المرتبة التاسعة والأخيرة حلّت الجزائر على المستوى العربي وفي المرتبة 79 عالمياً.

وبين الدول التي اعتمدت أيضاً العمل عن بُعد تونس التي عملت المؤسسات فيها على إيجاد الحلول المناسبة لتحسين تجربة العملاء من جهة وتطوير المصالح من جهة أخرى. على الخط نفسه،  يشير أحد الخبراء الاقتصاديين أن التنقل إلى العمل يكلّف الدولة والموظّف معاً في وقت يمكن إنجاز الكثير من الوظائف عن بُعد وهذه الخطوة تتطلّب رقمنة الخدمات والادارات وتطوير البنية التحتية الرقمية.

كذلك الأمر في العراق والمغرب اللتين لجأتا إلى العمل عن بُعد مع فرض الحكومة قرار الإغلاق التام لكل من المراكز الرسمية والحكومية والخاصة.

أما على المستوى العالمي فحلّت كندا في المرتبة الأولى، المملكة المتحدة في المرتبة الثانية، رومانيا في المرتبة الثالثة، السويد في المرتبة الرابعة والدنمارك في المرتبة الخامسة والأخيرة عالمياً.

 

2021: إنطلاقة جديدة لمفهوم العمل عن بُعد

إلى كل من يعتقد أن العمل عن بُعد سيخفت وهجه مع ظهور اللقاحات المضادة لكورونا، فالبداية ستكون مع إنطلاقة 2021. بحسب النتائج الظاهرة لاستطلاع أجرته مؤسسة أبحاث التكنولوجيا (ETR) من المرجّح أن يرتفع عدد العمال من المنازل كما كشف إستطلاع أجرته الإدارة المالية لشركة غارتنر أن أكثرمن نسبة 74% من العمال يخططون لنقل كافة وظائفهم إلى المنزل والعمل عن بُعد لمرحلة ما بعد الجائحة.

أمام هذه الأرقام يقع دور شركات التكنولوجيا التي عليها أن تؤمن الأرضية المناسبة لنقل البيانات بسرعة وأمان والحفاظ على خصوصية المستخدم.

بدورها قررت شركات عدّة مثل فيسبوك وتويتر السماح لموظفيها بالعمل عن بُعد من دون مدة محددة. نتيجة لذلك، يقترح بعض المسؤولين في العمل الرقمي أن يتم تحديد إجتماعات خلال الأسبوع لفريق العمل حيث يتم اللقاء في ما بينهم جسدياً لمناقشة المشاريع أو الأفكار أو التطلعات المستقبلية للشركة على أن يُستكمل العمل إفتراضياً لباقي الأيام.

 

التحديات أمام الأفراد والشركات

لا شكّ أن العمل عن بُعد يمثّل تحدياً كبيراً أمام الموظّف ورب العمل ما يتطلّب الجهد والمثابرة لمتابعة الأعمال بصورة طبيعية والحفاظ على نموذج عالٍ.

يتمثّل العائق الأول للعمل عن بُعد بالتقيّد في الحركة أي لا يمكن تنظيم الاجتماعات وورش العمل الحضورية التي  يعتمدها البعض لتنمية معارفهم المهنية.

ثانياً، قد يواجه العديد من الشركات أو المهن خطر الزوال خصوصاً تلك التي لا تتواجد على خريطة العمل الافتراضي مع العلم أن الأغلبية تتّجه نحو الانترنت والحلول المتوفرة على الشبكة اللاسلكية لتوفير الوقت والتعب.

قد يشعر الموظّف في بعض الأحيان أن العمل عن بعد يحدّ من قدراته فلا يمكنه أن يثبت نفسه بين الفريق العامل في الشركة. على الرغم من ذلك، تشير الدراسات إلى أن المدخول الاجمالي للشخص الذي يعمل عن بُعد ممكن أن يصل إلى 4000 دولار سنوياً.

وكذلك يقع الضغط على صاحب الشركة الذي يبقى عليه أن يحافظ على تماسك فريقه وموظفيه، والتأكد من أن كل الأمور تسير كما يجب إفتراضياً وتنظيم الجلسات الحوارية على التطبيقات الذكية مثل زووم وغوغل ميت ومايكروسوفت تيمز لمتابعة التطورات وإعطاء الملاحظات الضرورية.

 

بهدف مواكبة هذه الموجة، تتجه المؤسسات إلى تأهيل الفريق العامل لديها في كل ما يتعلّق بعالم التكنولوجيا لتطوير الامكانات المهنية وإفتتاح المشاريع أونلاين من دون أي عائق، فالعودة إلى العمل الطبيعي قد تكون شبه مستحيلة. من هنا فإن الاطلاع على الحلول والتقنيات الرقمية هي الضمانة لإستمرارية الأعمال ومواجهة تحديات الوباء والانتقال إلى المرحلة الجديدة المرتقبة بعد إنحسار كوفيد-19 تماماً.