Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

 أصبحت العملات الرقمية الأكثر تداولاً بين الأفراد والشركات والشبكات الاجتماعية، مما أدى إلى انتشار تقنية البلوك تشين أو "سلسلة الكتل". تُخزَّن البيانات من خلال البلوك تشين ويتم الحفاظ عليها عبر شبكات مركزية ولامركزية. وعلى الرغم من أهميتها، لا تزال تقنية البلوك تشين غير واضحة بالنسبة للكثيرين في سوق التكنولوجيا.

 

طوّرت تقنية البلوك تشين العالم الرقمي بعدما سهّلت طريقة تداول البيانات والمعاملات من دون اللجوء إلى وسيط لا سيّما في قطاعات البنوك والتأمين والمؤسسات الحكومية والرسمية. ولا تزال البلوك تشين في مراحل تطوّرها الأولى إلا أن استخدامها بات محتّماً في العملات المشفّرة وتخزين البيانات. على ضوء ذلك، يتم العمل حالياً على تمكين استخدام التقنية الحديثة في القطاعين العام والخاص عربياً وعالمياً.

 

مميّزات البلوك تشين وتأثيرها على المستقبل

تُخزّن تقنية البلوك تشين كافة أنواع البيانات كما يمكن استخدامها كمنصّة للتطبيقات. هي غير قابلة للتعديل فهذا يتطلّب قوة حوسبية كبيرة. ومن أهم المميّزات التي تتمتع بها "سلسلة الكتل" هي الشفافية حيث يمكن لأي شخص الاطلاع على البيانات الموجودة سواء كانت عملات مشفّرة أو غيرها.

على عكس التقنيات التقليدية التي تخزّن البيانات، فالبلوك تشين لا تملك سلطة مركزية لحجبها والتحكّم بها. توفّر التقنية الحديثة الأمن الرقمي على مدار السنة في حال تعرّضت الشبكة لأي اختراق أو خلل أمني. على ضوء ذلك، ستواجه تقنية البلوك تشين تحديات كبيرة وانتقادات من قبل الحكومات والسلطات التي تفّضل السيطرة المركزية على الانترنت للتحكّم بالشبكة وبيانات المستخدمين.

 

العلامات التجارية تعتمد البلوك تشين لمحاربة السلع المقلّدة

تعاني العلامات التجارية في كافة القطاعات من السلع المقلّدة أو المزيّفة التي من المتوقع أن تصل قيمة التجارة بها إلى 991 مليار دولار بحلول عام2022. لذلك، اعتمدت أهم العلامات التجارية الفاخرة على تقنية "أورا بلوك تشين" وهي أداة غير قابلة للاختراق وتضمن جودة المنتجات. في هذا الإطار، يقول أحد أصحاب هذه الشركات أن البلوك تشين هي الحل الرقمي الأنسب للتصدي للاختراقات والتأكد من جودة المنتج من خلال تقديم شهادة ضمان مشفرة. بدورها، تعمل مايكروسوفت على تطوير البنية التحتية الرقمية لكل الشركات المتحالفة.

 

إستراتيجة الإمارات لتعزيز تكنولوجيا البلوك تشين إقليمياً

تحتضن الإمارات العربية المتحدة كل الطاقات والخبرات التقنية  لتطوير بنيتها التكنولوجية محلياً وعالمياً لا سيّما في ما يتعلّق بتقنية الغد بلوك تشين. وعلى الرغم من كل التحديات التي مرّ بها الشرق الأوسط جرّاء كوفيد-19  تمكّنت الإمارات من أخذ التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة بأقل ضرر ممكن.

إستناداً إلى ذلك، كشف العديد من الشركات إنضمامها إلى العملات الرقمية المشفّرة والدخول إلى نظام الدفع الجديد الرقمي في الإمارات. ونظراً لأهمية التقنيات الحديثة، وضعت الإمارات استراتيجيتها الخاصة بالبلوك تشين لعام 2021 المؤلفة من خطوات عدّة أبرزها توظيف التقنية الحديثة في مختلف القطاعات إلى أن يتم تحويل 50% من التعاملات الحكومية إلى البلوك تشين وتوفير الجهد والتكاليف من التعاملات التقليدية.

أما من الناحية المالية، فستوفّر هذه الاستراتيجية مبالغ كبيرة تصل إلى أكثر من 11 مليار درهم يتم إنفاقها سنوياً على التعاملات والمستندات اليومية، إلى جانب توفير 389 مليون وثيقة حكومية.

وفي إطار الجهود لتطوير الخدمات الرقمية وتحسين حياة المقيمين والمواطنين في الدولة، تعمل المؤسسات في إمارة دبي على تفعيل التعاملات الرقمية ضمن القطاعات كافة.

 

 

من هي الدول الرائدة باعتماد تقنية المستقبل؟

أظهرت سلسلة من دول العالم اهتمامها بتقنية البلوك تشين ورؤيتها المستقبلية القائمة على اعتمادها.

إنطلاقاً من العام 2013 أدركت الشركات الأميركية ضرورة تنظيم المعاملات المتعلقة بتبادل العملات المشفرة مما أجبرها على تطوير بنيتها واعتماد "سلسلة الكتل".

 بدورها سويسرا تصدّرت شركات البلوك تشين وتُعرف Zug، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى بناء النظام البيئي الرائد في العالم لتقنية البلوك تشين، باسم CryptoValley كونها توفر منصة قوية للنمو العالمي في مجال العملات المشفرة. وفي العام 2016 ، أصبحت أول مدينة في العالم تقبل عملة بيتكوين للمدفوعات الضريبية، واستمر هذا النجاح مع السنوات.

كذلك أستراليا حيث تمت إزالة الضرائب لجميع المعاملات والصفقات التي تتم باستخدام العملات المشفرة. وأعلنت بورصة الأوراق المالية الأسترالية (ASX) أنها ستعتمد تقنية البلوك تشين بالكامل بعد عامين من فترات الاختبار. ومن الدول الرائدة أيضاً بتقنية البلوك تشين: الصين، اليابان، سينغافورة، المملكة المتحدة، وإستونيا.

  

البلوك تشين تُخيّب ظنّ من يعتمدونها والعيوب تتعدّد

 بين الأمان وتنوّع المزايا والقدرة على تخزين سعة كبيرة من الخدمات، تمثّل تكنولوجيا البلوك تشين بعض العيوب في العمل نذكر أهمها:

 عدم قدرة البنك المركزي على فرض سيطرته: مع انعدام سيطرة البنك المركزي يصبح من الصعب التدخّل في السوق في حين لا توجد فيه شبكة أمان وعدم قدرة على استرداد العملات المشفّرة مما يرفع نسبة الخطر لدى الشركات في هذا المجال.

عدم القدرة على تعديل البيانات: ليس من السهل تغيير بيانات البلوك تشين والرمز فغالباً ما يتم التغلّب على واحدة من سلسلة الكتل واستبدالها بسلسلة جديدة.

نمو حجم التخزين: قد تنمو سلاسل الكتل مع الوقت لتتطلّب مثلاً أكثر من 200 جيغابايت من التخزين أي بحجم يفوق نمو محركات الأقراص الثابتة.

التغيّر المستمر بأسعار العملات المشفّرة: بما أن قيمة العملات الرقمية غير مستقرة، يصبح من الصعب تحديد الضرائب المتعلقة بها. 

 

لم تُدمج بعد تكنولوجيا البلوك تشين بشكل كامل في القطاعات العملية أو الصناعية. وكما مرّت العديد من التقنيات الجديدة في حقل تجارب قبل أن اعتُمدت تماماً في المجتمع – مثل إنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي، الأجهزة الذكية - كذلك تقنية البلوك تشين ستكون أمام مراحل وتحديات عدّة قبل اعتمادها كلياً. أما الرهان فيبقى على عامل الوقت لاختبار تقنية المستقبل.