Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تواجه الدول لا سيّما المتطوّرة منها أزمة حقيقية مع مخلّفات الأجهزة الذكية والالكترونية التي يتزايد عددها بالأطنان مع مرور السنوات. فبفضل التغيرات في المجال التقني، حذّرت الأمم المتحدة من تضاعف عدد النفايات الالكترونية بحلول العام 2050 التي قُدّرت بحوالى 53 مليون طناً خلال العام الماضي على أن تصل إلى 74 مليون طن بحلول العام 2030.

 تُستهلك الأجهزة الذكية على مدار السنة من دون أن يُدرك الأفراد والمستهلكون كيفية الاستفادة من مخلّفات هذه الأخيرة أو طريقة التخلّص منها. على ضوء ذلك، يشير بعض الخبراء إلى عدّة طرق يمكن اعتمادها للتعامل السليم مع مخلّفات الأجهزة الالكترونية على أنواعها: إنشاء مدافن النفايات الالكترونية، إعادة استخدامها  لخدمات متعددة أخرى أو الاستفادة من المعادن التي تحتويها الالكترونيات من نحاس، فضة وذهب وبلاديوم. على الرغم من خطورة بعض هذه المعادن لاحتوائها على مواد كيمائية إلا أن قسماً من المصانع الالكترونية  قد يستعين بها لتنفيذ أهم مشاريع إعادة التدوير على مستوى العالم.

 

 المخلّفات الالكترونية كنزٌ من ذهب والمصانع المعنيّة تتحرّك

تتعامل المصانع مع النفايات الالكترونية بحذر ودقّة لاحتوائها على خليط من كافة أنواع المعادن والبلاستيك وبقايا الزجاج والسيراميك. هذه الاشكالية طرحت مسألة إعادة تدوير النفايات إلى الواجهة لتعتمدها المصانع العالمية  نظراً لأهمية  هذه الخطوة على الصعيد الاقتصادي وفي المجال التقني. فكيف يمكن الاستفادة من بقايا الالكترونيات؟ أولاً عبر إعادة تدوير المعادن التي تحتويها الأجهزة الذكية والعمل على فصل المعادن الخطرة عن السليمة، فتُعد عملية تدوير المعادن مربحة إجمالاً. ثانياً، إعادة تدوير البلاستيك ومعالجته لاستخدامه في منتجات أخرى، فالنفايات الاكترونية تحتوي من 10% إلى 30% من البلاستيك.

 غالباً ما تكون إعادة تدوير البوليمرات البلاستيكية أكثر صعوبة من غيرها بسبب انخفاص قيمتها وقلّتها كما تتطلب عملية فرز دقيقة.

مقارنةً مع البلاستيك والمعادن، تُعتبر قيمة إعادة تدوير الزجاج منخفضة نسبياً؛ تُعالج المصانع المخلفات الزجاجية الصالحة لاعادة الاستخدام وهي تنقسم إلى نوعين، الزجاج الداخلي والزجاج الخارجي هذا الزجاج الذي يجب فصله بحسب الألوان منها الداكنة أو الشفافة، وهذه العملية تُحافظ على لون الزجاج حتى بعد إعادة تدويره.

 

اليابان تحوّل النفايات الإلكترونية إلى ميداليات أولمبياد طوكيو

منذ فوزها بحق تنظيم الأولمبياد عام 2017، دعت اللجنة المنظّمة لألعاب أولمبياد طوكيو اليابانيين للتبرّع بأجهزتهم الالكترونية القديمة من هواتف محمولة، أجهزة كمبيوتر وحواسب أو أجهزة لوحية دعماً لهذا الحدث العالمي.  وصل عدد التبرعات إلى 80 طناً من الأجهزة الالكترونية حيث ضمّت 6.2 ملايين هاتف محمول من قبل متاجر الالكترونيات اليابانية إلى جانب المنظمات والأفراد الذين تبرّعوا أيضاً. بهذه الخطوة، تمكّنت طوكيو من التخلّص من مخلفات الأجهزة الالكترونية القديمة والاستفادة منها لتوفير ميداليات دورة الألعاب الأولمبية 2020.

وبعد إعادة تدوير الأجهزة القديمة وتفكيكها، استخرج المنظمون 32 كلغ من الذهب، 7700 رطلاً من الفضة، 4850 رطلاً من البرونز. وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية إلى مساهمة هذه المخلفات بصناعة 4 آلاف ميدالية ذهبية كاملة 100% من المعادن التي تمت إعادة تدويرها. كذلك أنشأت اليابان منصة التتويج من البلاستيك المعاد تدويره بتقنية ثلاثية الأبعاد، بالاضافة إلى أطقم الفرق اليابانية المشاركة في الحدث.

هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها إعادة تدوير المعادن لصناعة الميداليات الذهبية، ففي أولمبياد ريو 2016 كانت النسبة نحو 30% من الفضة المستخدمة من بقايا اللحام والمرايا، بينما 40% من مادة النحاس كان من نفايات صك العملة. حتى في  أولمبياد فانكوفر الشتوية عام 2010 كانت 1.5% فقط من الميداليات مصنوعة من مواد مُعاد تدويرها من بلجيكا.

 

الصين والولايات المتحدة تتصدران إنتاج النفايات الالكترونية

تترافق زيادة نسبة المخلفات الالكترونية مع نمو شبكات الاتصالات والتكنولوجيا محلياً وعالمياً، وبحسب الدراسات فإن 78 بلداً فقط من بين 193 بلداً تملك سياسة تنظيم وإعادة تدوير المخلفات الإلكترونية لديها.

على هذا الخط، تشير أحدث الدراسات إلى تسبب الولايات المتحدة والصين بأعلى نسبة من النفايات الالكترونية  لا سيّما وأن عدد السكان لديهما يرتفع سنة تلوى الأخرى مما يؤدي إلى زيادة نسبة المخلفات بمعدّل أسرع ثلاث مرات من سكان العالم. هذا وأشار تقرير مراقبة النفايات الالكترونية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى تجمّع 54 مليون طن من النفايات الالكترونية حول العالم في العام 2019 لترتفع نسبتها 21% خلال خمس سنوات و19% من هذه النفايات تمت إعادة تدويرها عام 2019.

عبر اعتماد برامج توعوية وخطط طويلة الأمد، تُحدد الدول المتطورة هدفها بزيادة عمليات التدوير للأجهزة الالكترونية ومحاولة الحدّ من هذه المخلفات وكيفية التعاطي معها بالطريقة الأنسب خلال الفترة التي تكون صالحة بها للعمل أو حتى بعد نفاد صلاحيتها.

 

62.5 مليار دولار قيمة النفايات الالكترونية عالمياً فما الخطط لإيقاف هدرها؟

لم تدرك الشركات أهمية الأجهزة الذكية المنتهية صلاحيتها إلا بعد أن أصبح استخدامها حاجة ملحّة لحياة الانسان. حتى الآن، تُقدّر قيمة النفايات الالكترونية بـ62.5 مليار دولار عالمياً، لذا كثّفت الشركات استثماراتها بخطط إعادة تدوير النفايات الالكترونية. بدورها تدعم أوروبا هذه الخطوة خصوصاً سويسرا التي تملك اليوم أهم المصانع لإعادة تدوير النفايات الالكترونية في العالم.

أما على صعيد الشركات، فبإمكانها مساعدة المستهلك للحدّ من شراء أجهزة ذكية ووقف استراتيجية طرح الأجهزة الالكترونية المحدّثة على مدار السنة. كذلك يمكن العمل للسماح للمتسهلكين بإصلاح أجهزتهم بدلاً من شراء أجهزة جديدة غير قابلة للاصلاح.

أخيراً على المستهلك نفسه أن يكون متيقظاً لمشتريات الالكترونيات واقتناء الجهاز الذي هو فعلاً بحاجة اليه.

 

أول مصنع لإعادة التدوير في دبي ومبادرات من قطر والسعودية للحدّ من النفايات الالكترونية

عربياً، لا تزال إعادة تدوير الالكترونيات مسألة صعبة بعض الشيء لعدم توفّر الإمكانات المادية والتقنية لتنفيذ هذه الخطة في منطقة الشرق الأوسط.على الرغم من ذلك، تحاول المملكة العربية السعودية المشاركة بتدوير المخلفات الالكترونية وتوسيع هذا السوق سعودياً مع توسع رأس المال وزيادة أسهم الشركات المعنية.

ودعماً منها للنمو والاستدامة، تُشجّع دولة قطر المواطنين والمقيمين لديها على إعادة تدوير الأجهزة والمخلفات الالكترونية والتخلّص من الأجهزة القديمة – التي تشمل هواتف، كمبيوترات، تلفزيونات، كاميرات، ميكروفونات -  في ثلاثة مواقع مخصصة في المدينة التعليمية. ويسعى المعنيون في دولة قطر الى الاستمرار دائماً بدعم تدوير الالكترونيات في كافة أنحاء الدولة لتكون قطر مثالاً يُحتذى به بالتطور والاستدامة في المنطقة العربية والعالم.

وكما ارتبط اسم دبي بالابتكارات والريادة، سبق أن دشنت الإمارة أول مصنع مختص بإعادة تدوير النفايات الالكترونية  التي تُعد صديقة للبيئة في دبي ويُقدّر حجمها بأربعين مليون طن فيما القدرة الاستيعابية للمصنع تصل إلى 200 ألف طن سنوياً.

 

من المتوقع إزدهار سوق المصانع المخصصة لإعادة تدويرالمخلّفات الالكترونية في منطقة الشرق الأوسط لتكون نقطة إنطلاق لمجالات عمل أمام الجيل الجديد. أما الاستثمارات فتُقدّر بالملايين خصوصاً وأن سوق التكنولوجيا والالكترونيات بوتيرة تصاعدية للسنوات المقبلة.