Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

 غيّرت الحوسبة السحابية وحركة البيانات الضخمة هيكلة الأنظمة وطريقة عرض البيانات ومشاركتها ضمن شبكة واحدة تعتمد عليها المؤسسات. يرتكز تحليل البيانات على مزودي الخدمات وكيفية استجابتهم إلى الشبكة بالاضافة إلى تحسين الجودة لتجربة فريدة وايجاد الحلول المناسبة لمواجهة الثغرات التقنية في الشبكة.

 

يمثّل اكتشاف الثغرات التي تحتويها البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحدياً أمام مهندسي الشبكات والشركات المزوّدة للخدمات، في وقت يحافظون فيه على عمل شبكاتهم ويحرصون على منافسة السوق المحلي. ومع وجود العديد من الطرق لتحليل الشبكة وتدفق البيانات وحمايتها،  تستعد شركات التكنولوجيا لمعالجة جميع أنواع البيانات مهما كانت السيناريوات المطروحة. على ضوء ذلك، يكون استخدام البيانات الوصفية أو Meta data معياراً أساساً لتكوين صورة واضحة عن صحة شبكة الانترنت والمعلومات المتشاركة عليها كما أنها تقدّم وصفاً واضحاً حول البيانات. وأعلنت شركات التكنولوجيا الضخمة مثل مايكروسوفت عن تخصيص مساحة كبيرة من مشاريعها لبناء الميتافيرس – Metaverse، الشبكة التي يعوّل عليها خبراء التقنية باعتبارها ستحل مكان الانترنت خلال السنوات المقبلة للتحكّم في البيئة الافتراضية. بحسب الدراسات من المتوقع أن ينمو حجم سوق البيانات الوصفية من 6.3 مليارات دولار في العام 2021 إلى 15.1 مليار دولار بحلول العام 2026. ففي وقت يصعب علينا فهم أهمية الميتاداتا والميتافيرس إلا أن هذه التقنيات ستجتاح العالم، المنازل والأعمال والشركات بكافة أنواعها. 

 

شبكة ميتاداتا...آلية العمل وتكافئها مع البنية التحتية الرقمية

تجمع البيانات الوصفية أو ميتاداتا جميع تدفقات الاتصالات التي تحدث داخل الشبكة فتوفّر رؤية مثيلة لأجهزة الكمبيوتر الشخصية. وتُعد البيانات الوصفية أكثر قابلية للتوسع حيث يمكنها مراقبة الشبكة بالكامل.

تُستخدم البيانات الوصفية في كل القطاعات وفي مختلف المجالات وأنظمة المعلومات من مواقع وبرامج إلكترونية، وهي تنقسم إلى عدّة أنواع بين المجالات التقنية، التسويقية أو الفنية كما  تعتبر مفيدة لأصحاب التجزئة والتسويق الالكتروني لمراقبة وتحليل سلوك المستهلك الرقمي ورصد اهتماماته وجمع المعلومات عنه. أما نجاح الموقع الالكتروني أو فشله فيعود إلى وجود هذه البيانات التي تلعب دوراً أساسياً في نتائج بحث المحرّك. تدمج البيانات الوصفية معلومات خفية على كل ملف يتم إنشاؤه على الكمبيوتر أو أي جهاز محمول: تاريخ الانشاء، إسم الناشر، الموقع الجغرافي. في المقابل يعتبر البعض أن الميتاداتا تشكّل خطراً على أمنهم الرقمي خصوصاً بالنسبة للصور والفيديوات المحفوظة على الهاتف لذلك يتم منع حفظ المعلومات المتعلّقة بالصور  كالموقع الجغرافي مثلاً بمجرّد الدخول الى قائمة الاعدادات وتوقيف هذه الميزة.

تُخزّن الميتاداتا كل البيانات والمعلومات بمستند واحد لا يمكن تناقله بسهولة بين شخص وآخر. وتسعى الدول إلى تحقيق التحول الرقمي على ضوء التغيرات المتسارعة  في عالم التقنية والتكنولوجيا إلا أنه تُرجم ذلك بالحاجة إلى بنية تحتية أكبر لاستيعاب البيانات والكم الهائل من المعلومات المسجّلة.

على ضوء ذلك، تتكثّف الجهود لتحديث البنية التحتية للبيانات أكثر من مجرّد العمل على صعيد ضيّق يطال الأفراد فقط بل تطمح المؤسسات إلى تنفيذ استراتيجية البيانات الوصفية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والأتمتة لتوفير المرونة في الأعمال. ومع دمج إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، بات بإمكاننا استخدام الميتاداتا لأتمتة الشبكات وتنسيق المعلومات مباشرةً من دون تدخل بشري. هذه الخدمات حققت للشركات المرونة والكفاءة وساهمت بتحقيق الأمن لعمليات نقل البيانات وبكلفة منخفضة.

 

عالم الميتافيرس: خيال أقرب إلى الواقع!

يتخبّط العالم بين العالم الافتراضي والمادي ويحاول خبراء التقنية من خلال البرامج والابتكارات الناشئة ربط الخيال بالواقع. في وقت يزيد اهتمام الجميع بالعملات الرقمية والمعاملات الالكترونية ورقمنة الأعمال،  يجتاح الميتافيرس عالمنا المادي  خصوصاً وأن الجميع يدرك أهمية الاتصال بالانترنت لترجمة الأفكار إلكترونياً، تطبيق المشاريع وتنفيذ الاستراتيجيات والابتكارات من أي مكان في العالم بغض النظر عن المسافات أو الظروف المحيطة.   

تبدو ملامح عالم الميتافيرس غير واضحة تماماً فلا أحد يدرك كيف سيكون شكله النهائي مع السنوات المقبلة. هو صورة جديدة عن تطور الانترنت، فبحسب الخبراء سيحقق قفزة نوعية ومرنة في العالم الافتراضي. كما أنه سيكون أساس المرحلة المقبلة لما بعد عصر الهواتف المحمولة والشبكات اللاسلكية التقليدية،  فإذا كنت تتابع أحد المشاهير على إحدى المنصات وكنت ترغب بالتحدث معه ستتمكّن من تحقيق ذلك والتفاعل مع الأشخاص على صورة "أفاتار" من مكانك.

يجمع اليوم ميتافيرس العديد من التقنيات كالسينما ثلاثية الأبعاد، نظارات الواقع الافتراضي وغيرها من الابتكارات التي تقرّب المستخدم إلى العالم الرقمي. يرى عمالقة التكنولوجيا أن ميتافيرس سيكون منصة التواصل على مستوى العالم بحلول العام 2030.  لكن ماذا عن خصوصية البيانات؟ تجمع شركات التكنولوجيا ومواقع التجزئة معلومات عن المستخدم لمراقبة اهتماماته اليومية واستغلالها من خلال توفير الاعلانات والمنتجات التي تهمّه. على ضوء ذلك، لا تزال مسألة الخصوصية والميتافيرس مجهولة، فالميتا شبكة مفتوحة للجميع تدمج العالم الافتراضي والعالم الحقيقي وإن البيئة الافتراضية التي توفرها هذه التقنية  ستخلق المزيد من التحديات والهجمات بخصوص الأمن الرقمي. توازياً مع الواقع الجديد، تبحث الشركات عن المهارات الرقمية التي بإمكانها التكيّف مع أجهزة الواقع الافتراضي لبناء قاعدة الميتافيرس. كما تربط هذه الأخيرة البيئات الافتراضية التي تتيح للمستخدم تجربة الهولوغرام والانضمام إلى الاجتماعات الافتراضية من مختلف أنحاء العالم.

 

عمالقة التكنولوجيا قلقون بشأن الميتافيرس فماذا عن المخاطر؟

للتقنيات الافتراضية سلبيات عدّة يصعب التعامل معها في الوقت الآني. أما التحول تماماً إلى الواقع الافتراضي قد يعرّض المستخدم إلى المراقبة على مدار الوقت خصوصاً وأن بياناته باتت على العلن وهذا ما يرفع مستوى الجرائم الرقمية والاستهدافات الالكترونية. للحصول على الميتافيرس بأقل ضرر ممكن، يقول الخبراء إنه بجب اعتماد معايير معيّنة للغة البرمجيات واستخدامها على المواقع الالكترونية، فبعد دمج العالم الافتراضي بالعالم الحقيقي سيصعب التفرقة بينهما. يمثّل عالم الميتافيرس مخاطر عديدة منها تتبع حركة المستخدم، تتبع حركة الجسد والعيون ما يتطلّب نظام انترنت سليماً بعيداً عن المخاطر الالكترونية. بحسب آخر الدراسات، المدة التي يتطلبها انتشار الميتافيرس بشكل كامل تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات ليتحكم كلياّ بالعملاء وحركتهم وبيانتهم.

ومع الخطوات المتخذة لتسريع التحول الرقمي تتوسّع بذلك التكنولوجيا لتدخل حياة الانسان في وقت يقترب فيه موعد ظهور الميتافيرس الذي سيعيش عليه أكثر من 2.8 مليار مستخدم.

   

استثمارات الشركات بالهواتف الذكية: إلى تزايد أو إلى زوال؟

تقدّم الهواتف الذكية خدمات محدودة مقارنةً بالميتافيرس والأجهزة الافتراضية مما يسرّع الاتجاه للاستثمار في تقنيات الواقع الافتراضي وثلاثية الأبعاد لمواكبة المرحلة المستقبلية. لذلك تركّز شركات التكنولوجيا على طرح سلسلة جديدة من الأجهزة والبرامج الذكية التي تغني المستخدم عن الهاتف المحمول.

في العام 2021 بدأت الحكومات تغيير نمطية العمل التقليدي واعتماد الرقمنة خصوصاً وأن انتشار وباء كوفيد-19 فرض على الجميع التقيّد باجراءات معينة للحفاظ على سلامة العملاء والموظفين والحد من التلامس المباشر. يُعد الميتافيرس  قاعدة الواقع الجديد الذي ينتظره العالم.  

مع مطلع العام 2022، سيختصر العالم المسافات لتكون تحركاتنا مكشوفة للجميع على الانترنت. أما مشروع ميتافيرس فهو أبعد من مجرّد مشروع افتراضي، بل يستهدف شركات الاعلانات والألعاب الالكترونية التي ستزيد أرباحها مع تتبع سلوك المستخدم في الواقع الحقيقي. أما التقنيات الافتراضية، فستشهد تطورات أكبر على صعيد الذكاءالاصطناعي، إنترنت الأشياء والواقع المعزز بينما في المقابل سيزيد العمل على التقنيات التي توفّر الأمن الرقمي مثل البلوك تشين والخوارزميات.