Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تُنعش الموانئ البحرية الذكية عجلة الاقتصاد وتلعب دورها في تطوير التجارة المحلية والدولية للبلاد، فهي ركيزة أساسية للتنمية البحرية. بين عمليات الشحن، التفريغ، الترصيف والتحميل تغيّر نمط العمل في الموانئ  لتصبح أكثر ذكاءً مجهزّة بالجيل الخامس، الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، والبلوك تشين وتكون متصلة بشبكات لاسلكية تعالج المشاكل قبل وقوعها حتّى، كما تؤمّن الاتصال الآني بين الأقسام وتسرّع حركة الأعمال.

 

الحاجة لتطوير الموانئ التقليدية باتت أمراً ضرورياً لمتطلبات التجارة العالمية وشحن البضائع بعيداً عن الآلية النمطية. فمنذ سنوات قليلة، بدأ قطاع الشحن البحري إدخال التقنيات التكنولوجية الجديدة لتجربة أفضل للتجّار والعملاء ولتأمين الاتصال السريع بين أقسام المرفأ. رغم ذلك، لا تزال القدرات الرقمية محدودة وغير مستغلّة من كافة الموانئ؛ فبحسب دراسة أجريت في فبراير 2021، بين 4900 ميناء في جميع أنحاء العالم، لا تزال 80% منها بعيدة عن الرقمنة معتمدةً على العمليات الورقية لإدارة الخدمات البحرية. مالياً، تزيد الموانئ الذكية إيرادات القطاع البحري لتمويل عمليات الصيانة والبنية التحتية وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين بيئة العمل. إن النمو السريع للتكنولوجيا الرقمية وضع المرافئ حول العالم تحت الضغط لتطبيق خطط الرقمنة والتأقلم معها مع تعزيز شبكات الخلوي لتوفير الاتصال الآمن بالأجهزة الذكية والتحكم عن بُعد بالميناء والرافعات الجسرية ومعالجة الثغرات بسرعة وإدارة البيانات. بهذه الخطوات تُترجم الموانىء المتطوّرة الرؤية المستقبلية للمشاريع الذكية استكمالاً للابتكارات المطروحة ودعماً للثورة الصناعية الرابعة.

 

موانئ دبي تحسّن كفاءة عملها مع تقنيات جديدة

ضمن مراحل رؤيتها القيادية  لتحقيق التحول الرقمي، وتبعاً لهدفها في تبني التقنيات الذكية، تركّز دبي على قطاع الموانئ والخدمات اللوجستية لتطبيق أنظمة الأتمتة فيه وإنجاز العمليات في الميناء بناءً على البرمجيات الالكترونية. في هذا الصدد، أعلنت موانئ دبي العالمية في وقت سابق عن إطلاق تطبيقها الرقمي في محطة الحاويات 3 لميناء جبل علي حيث من خلاله تمكّنت من تعزيز قدرتها اللوجستية لمواجهة التحديات والتحلّي بكفاءة رقمية عالية تضمن لها الاستمرارية والاستدامة على مدار السنوات المقبلة. في هذا السياق، يشير أحد المسؤولين في موانئ دبي العالمية الى ميزات الموانئ الذكية لا سيما في دبي كونها محطّة داعمة للثورة التكنولوجية من جهة ومواكبة لمتطلبات العملاء من جهة أخرى. كما يضمن العاملون في المرافئ الذكية تطبيق الأنظمة الرقمية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير أعلى معايير التجارة العالمية. يجمع التطبيق الذكي 18 نظاماً داخلياً يشمل كافة أعمال الميناء ويؤمّن مرونة في سلسلة التوريد، المساعدة في جمع البيانات وتحليلها، تحسين حركة التجارة، التحكم في أعمال الميناء عن بُعد، تسريع التعافي من تداعيات الجائحة والتغيرات التي أحدثتها وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، توفير عمليات سهلة بكفاءة عالية والاستفادة من أقصى القدرات التشغيلية للميناء لرفع أتمتة العمليات 100%. كما يتتبع التطبيق الذكي الأعمال من موقع الحاوية بشكل مباشر، يصدر الفواتير ويتابع عمليات تسليم وتخليص الحاويات عن طريق تقنية إنترنت الأشياء ونظام التحكم الآلي والأجهزة الذكية التي يحملها الموظفون. تتمركز اليوم دبي بين قائمة أهم الموانئ الأكثر ذكاءً وتطوراً متفوقةً على غيرها في المنطقة والعالم مما يعزز استعدادها للعصر الرقمي والمرحلة المستقبلية.

 

"رؤية كويت 2035" تُطوّر الموانئ الذكية متبعة بالنظام الالكتروني

تعتبر الموانئ البحرية ركيزة أساسية لحركة التجارة والتسليم ونقل البضائع من وإلى البلاد، فكلّما تطوّر نظام العمل فيها كلّما زادت الأرباح محاربةً الركود الاقتصادي. على خط الجهود التي تبذلها الدول من أجل تحقيق التحول الرقمي في كافة القطاعات، تمثل الموانئ البحرية في الكويت صورة عن الموانىء الذكية لترفع مستوى التجارة المحلية وتحقق جزءاً من الرؤية التنموية التي تطمح إليها الدولة. عبر خطة استراتيجية واضحة، تسعى الكويت إلى تثبيت مكانتها في العالم الرقمي لتكون دولة رائدة بابتكاراتها التكنولوجية. في هذا الإطار، تطرح الكويت اليوم مشروع الموانئ الذكية كمرحلة من مراحل تطبيق رؤية "كويت جديدة 2025" محققةً بذلك ازدهاراً على مستوى التجارة البحرية وداعمةً للقطاع البحري في وقت يساهم فيه قطاع النقل البحري العالمي بنقل 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية. بحسب المعنيين، قد تحقق  الموانئ البحرية أرباحاً سنوية هائلة للكويت تقدّر بنحو 495 مليون دولار سنوياً. ونظراً لامكانيات الميناء الذكي، تولي الكويت اهتمامها في تطوير هذا المشروع عبر افتتاح "ميناء مبارك كبير" الذكي إلى جانب تحويل الموانئ التقليدية إلى موانئ ذكية منها مشروع مدينة الحرير والجزر الخمس.

بدورها، تعمل الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع مؤسسة الموانئ الكويتية على دمج التكنولوجيا في الكويت عبر تطوير البنية التحتية لمؤسسة الموانئ، تحويل موانئ الشيوخ، الدوحة والشعبية إلى موانئ ذكية عبر اعتماد الأنظمة الالكترونية فيها وإعداد منظومة متكاملة لمراقبة الموانئ الثلاثة، متابعة المناطق التخزينية للبضائع عند استلامها وجمع المؤسسة مع العمال عبر برنامج إلكتروني.

 

السعودية تعتمد البيانات لرفع إمكانات موانئها البحرية

بين التجارة البحرية والاقتصاد المحلي علاقة وثيقة  تؤثر على سائر القطاعات الصناعية؛ لذا إعتمدت السعودية استراتجية فريدة لتعزيز قطاع النقل البحري لديها ورفع مستوى الموانئ البحرية الذكية المتميّزة بقدراتها التشغيلية، جودتها العالية وتكامل أقسامها وذلك ضمن خطط التحول التي تسعى المملكة إلى تحقيقها بما يتجانس مع رؤية السعودية 2030. يرتكز تحويل الموانئ التقليدية الى موانئ ذكية على تعزيز الحلول الرقمية لتسهيل الأعمال اللوجستية والتشغيلية. تتبنى المملكة مشاريع ضخمة للمدى البعيد تترجم من خلالها رؤيتها لتحقيق التحول الرقمي وتكثيف الاستثمارات في هذا المجال. هذه الخطوات فتحت فرصاً عدّة أمام القطاع العام والخاص لتنشيط أعمالهما والتبادلات مع الخارج بسهولة وسلاسة لخدمة المشاريع الصناعية، اللوجستية والتجارية. كما تهدف المملكة العربية السعودية إلى رفع القدرة الاستيعابية للموانئ لديها باعتبارها المصدر الأساس للإيرادات حيث تشكل نحو 70% من حجم التبادل التجاري السعودي غير النفطي. ترفع الموانئ السعودية مكانة المملكة عالمياً وتحوّلها إلى منصة لوجستية تربط القارات الثلاث، على أن تحتل المراتب الأولى بحلول العام 2030 وتكون من أفضل الموانئ على مستوى العالم العربي والعالم. تحافظ الموانئ الذكية على سلامة البيئة حيث تتم العمليات مع تقليل نسبة التلوث وخفض استخدام الطاقة مع استخدام التكنولوجيا والتطبيقات الذكية ورفع حركة البيانات.

 

ميناء حمد الدولي يجذب الاستثمارات الخارجية وينشّط النقل البحري

تواصل قطر عملياتها لتطوير بنيتها التحتية خصوصاً وأن الأنظار تتجه نحوها هذا العام مع استضافتها لأهم الأحداث الرياضية: كأس العالم 2022 وغيرها العديد من كافة المجالات. وبالحديث عن الانجازات التي أحرزتها الحكومة القطرية في تطوير الموانئ الذكية، قبل عامين، دشنت وزارة الداخلية ورئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ خالد خليفة آل ثاني محطة حاويات في ميناء حمد مزودة بأحدث التقنيات التكنولوجية كالجيل الخامس وغيرها الصديقة للبيئة. يعتبر ميناء حمد من أهم المراكز البحرية في منطقة الشرق الأوسط إلا أن هذان المشروعان عززا مكانة قطر لتنشيط تجارتها الداخلية والخارجية عن الطريق الميناء البحرية الذكية. كما سبق أن حصل ميناء حمد على جائزة أكبر مشروع ذكي وصديق للبيئة عام 2016.

 

جولة عالمية حول أكبر وأهم المرافئ الذكية

طوّر مرفأ لوس أنجلوس نظامه الالكتروني في العام 2020 لتحقيق المرونة في نقل البضائع وتسريع عملية الشحن مع تجنّب الهجمات السيبرانية بكفاءة أكبر. كما يستخدم عمّال المرفأ منصات رقمية للتخطيط وربط الأقسام بطريقة شفافة.

ومن التجارب الناجحة للموانىء الذكية العالمية "ميناء هامبورغ" في ألمانيا الذي يعتمد على التكنولوجيا والحلول الرقمية مما زاد طاقته الاستيعابية 56% وللملاحظة يُعد ثاني أكبر ميناء في أوروبا. كذلك مرفأ مدينة "كاوفيديان" الساحلية الذي يتم نقل الحاويات فيه عبر الشاحنات ذاتية القيادة بمجرّد التحكّم بها عن بُعد.

كما يحمل مرفأ فالنسيا استراتيجية عمل ذكية مرتكزة على البلوك تشين تُطوّر الأعمال وتحسّن جودة الخدمات وتخفف هدر الوقت. يوجّه الميناء  إجراءاته نحو الامتثال لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030. بدورها عززت برشلونة مرفأها بعد تطوير تكنولوجيا المعلومات لديها لتتنافس مع غيرها من المرافئ على مستوى العالم.

 

شبكات لاسلكية وتطبيقات أكثر استخداماً في أعمال الموانئ الذكية

إلى جانب العمل الرقمي لتخفيف الآثار البيئية  ومعالجة البيانات في الميناء، تمثّل شبكات الخلوي أحد أهم العناصر للاتصال الآمن والسريع فهي مدعومة بالجيل الخامس. تطرح التقارير الأخيرة أهم التطبيقات الالكترونية المستخدمة في الموانئ الذكية لتسهيل الأعمال وحركة البضائع: التطبيقات التي تسمح بالتحكّم السلس بالحاويات والسفن عن بُعد. تجميع الحاويات عبر تطبيقات التحكم الآلي. استخدام الآلات والمركبات ذاتية القيادة لنقل البضائع في الميناء مما يخفف نسب الحوادث ويخفّض تكاليف الشحن إلى جانب الطائرات المسيّرة التي يمكنها مراقبة الميناء ونقل البضائع في الوقت نفسه. التطبيقات الخاصة لمراقبة الآلة والكشف على الأعطال التقنية لتعزيز الانتاجية.    

 

قد تختار الحكومات استراتيجية التحول الرقمي والأتمتة تُناسب البيئة الرقمية حالياً لتوفير التواصل بين المرافئ والموانئ حول العالم، لكن مهما اختلفت الخطط يبقى الهدف واحداً، تحقيق الرقمنة الشاملة ودعم الأجهزة الذكية الصديقة للبيئة بدءاً من البوابة البحرية وصولاً إلى كافة القطاعات.