Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تُعد البيانات الشخصية مصدراً أساسياً لملايين الشركات والمشاريع الناشئة لتكوين فكرة عامة عن المستخدم  من خلال المعلومات التي يتم جمعها من أجهزتنا الشخصية، إلى جانب المعاملات الإلكترونية. تُبنى على أساس البيانات هذه نظرة مستقبلية عن السوق التجاري لتتحول إلى توقعات يتم تنفيذها بهدف تحسين الخدمات الرقمية الشخصية.

 تُرفع الستارة عن البيانات الشخصية لتصبح مشتركة بين المستخدم والشركة أو بين المستخدم والحكومة لمنحها المزيد من قدرات التحكم؛ ومن هذا المنطلق بدأت الدول تتعامل مع  البيانات الشخصية كأصول يملكها الأفراد وتحتفظ بها الشركات كأمانة لديها. مع ظهور موجة جديدة من الابتكارات، بدأ العملاء يعبّرون عن رغبتهم في استخدام الانترنت مع الحفاظ على الخصوصية الرقمية. على ضوء ذلك، تطرح الشركات إجراءات تغييرية تشمل التعاملات المالية الالكترونية، إضافة إلى مؤسسات الرعاية الصحية فالتعليم وتجارة التجزئة للتكيّف مع الواقع الجديد وإرضاء العملاء. من ناحية أخرى تُعيد الشركات تنظيم عمليات البيانات الخاصة بها مع الموافقة على السياسات الجديدة. يتعرّض قطاع البيانات إلى ضغوطات متنوعة تُحتّم القيام ببعض التعديلات في طريقة التعامل مع المستخدم. فعدم ثقة المستخدم بالمواقع الالكترونية هو التحدي الأول الذي يواجه الشركات مؤخراً  في وقت تكثر فيه قضايا بيع وشراء البيانات دون موافقة المستخدم على منصتي تويتر وفيسبوك وغيرهما. بدورها تتحرّك الجهات الحكومية مع اقتراح الهيئات التشريعية أكثرمن مشروع قانون للخصوصية على الانترنت بالاضافة إلى تنظيم وحماية الحقوق الرقمية الشخصية. وبينما كانت الشركات تحرز تقدماً بارزاً على صعيد التكنولوجيا، حوّلت الدول اهتمامها إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء استجابةً لمتطلبات العملاء ولمكافحة الهجمات الرقمية المرتقبة. منافسة السوق هي التحدي الثالث الذي يواجه الشركات في المجال حيث شهدنا على ترقيات للبرامج والتطببيقات. كان الأمر صعباً أيضاً بالنسبة للشركات التي تعتمد على التتبع عبر التطبيقات: فقد كلفت مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسية 10 مليارات دولار من العائدات المفقودة في النصف الثاني من العام 2021. أما اليوم فيعتمد مصنعو الأجهزة الذكية ومطورو التطبيقات ميزات جديدة للخصوصية الشخصية تجذب العملاء الجدد من أي منطقة في العالم.

 

سياسات حماية الخصوصية الرقمية.. ما هي؟

مع مطالبة العملاء بحماية خصوصية بياناتهم باستمرار تُركّز المؤسسات على التوجهات التي يمكن أن تعتمدها لتلبية متطلبات المستخدمين. وفي هذا الصدد من المتوقع أن تخضع نحو 75% من بيانات سكان العالم إلى قوانين حديثة لحماية البيانات والخصوصية الرقمية. فمع المساعي لتنظيم حماية الخصوصية عبر تطوير نظم المؤسسات التشريعية والقضائية تُكثّف الشركات برامجها لتعزيز الحماية الالكترونية على مدار السنتين المقبلتين. وفقاً لشركة غارتنر قد يتخطى متوسط الميزانية السنوية المخصصة لحماية الخصوصية من قبل الشركات حاجز لـ 2.5 مليون دولار بحلول العام 2024.

تحدد الشركات خمسة توجهات لحماية خصوصية البيانات لقطاع الأعمال وغيره مما يسهّل العمل الالكتروني ويحمي المستخدم في آن معاً. يقضي التوجه الأول بتوطين البيانات الذي سيصبح أولوية قصوى بين كل منطقة مع تنفيذ خدمات الحوسبة السحابية.

تهدف المؤسسات إلى تطوير منهجية العمل بما يتماشى مع قدراتها ومزاياها الداخلية والخدماتية مع انتشار تقنية الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والحاجة إلى برامج الحوسبة السحابية لتعزيز الخصوصية وأمن البيانات. نتيجة لذلك بات بإمكان الشركات والمؤسسات الصغيرة والكبيرة تحليل البيانات ومعالجتها بعيداً عن المخاوف الأمنية لذلك من المتوقع أن تعتمد نحو 65% من الشركات على الحوسبة السحابية بحلول العام 2025.

مع ظهور المزيد من الابتكارات تدعم الشركات التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي مما قد يُعرّضها أكثر إلى هجمات سيبرانية خطرة. تعليقاً على ذلك يعتبر الخبراء التقنيون ورجال الأعمال إن على الموظفين معرفة كيفية استخدام هذه التقنيات وتحديداً الذكاء الاصطناعي للاستفادة من قدراته ومع تحقيق ذلك يصبح من الصعب التخلّي عن القدرات المدمجة مع البرامج الذكية مما سيدفع قادة الأعمال إلى تحديث أنظمتهم لايجاد مكانتها المناسبة في الأسواق العالمية والمحلية.

وفي إطار الجهود لاحترام الخصوصية الرقمية، قد تتعامل 30% من المؤسسات مباشرةً مع العملاء بحلول العام 2023 لمزيد من الشفافية في إدارة البيانات وتوفير الخدمات المطابقة لاحتياجاتهم.  

تحت مظلّة العمل عن بُعد  تزداد الحاجة إلى التحول لنموذج العمل الهجين لرفع الانتاجية وتحقيق التوازن بين الحياة العملية والشخصية. مع النموذج الهجين تتم مراقبة البيانات بشكل أفضل مع الارتقاء بتجربة الموظّف إضافة إلى تجنّب المخاطر والحدّ من التهديدات الرقمية المرتقبة. 

 

حماية البيانات 2022: تعديلها وتجديدها

تشمل قوانين حماية البيانات الشخصية تعديل الأنظمة المرتبطة باستخدام المواقع الالكترونية، كيفية جمع البيانات وتحليلها ومعالجتها وشروط الاحتفاظ بها. كما تحفظ هذه القوانين حقوق المستخدم والشركات مع إلتزام الطرفين بالشروط المفروضة.

مع اتجاه الحكومات إلى العمل الالكتروني تظهر حماية البيانات كأولوية لتحقيق الأمن الرقمي ومخالفتها تعرّض الشركة إلى عقوبات قانونية. وبحسب المعايير الدولية، تتعلق مسألة حماية البيانات بالخصوصية الرقمية وحق كل مستخدم بالاستفادة من التقنيات والبرامجيات بشكل آمن. في وقت تجمع فيه الشركات والحكومات مليارات البيانات من مختلف الحسابات الشخصية ومن مستخدمي الانترنت والمعاملات الالكترونية. يرتبط سن قوانين حماية البيانات بالمعايير الدولية  للحفاظ على الحقوق المدنية والفكرية والشخصية لاستخدام شبكة الانترنت كما يجب.

تُنظم دول منطقة الشرق الأوسط والدول العربية السلوك الالكتروني بما يتماشى مع الواقع الجديد إذ تُقدّم المملكة العربية السعودية نظام حماية البيانات الشخصية كأول قانون شامل لحماية المستخدم في المملكة. يُنظّم هذا القانون عملية جمع البيانات الشخصية وكيفية معالجتها والاحتفاظ بها من قبل الشركات، كما يشمل هذا النظام حقوق أصحاب البيانات وحقوق الهيئات المعنية في المقابل. ويتوافق نظام حماية البيانات في السعودية مع المعايير الدولية كتلك التي ينص عليها  الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الاوروبية. ويعتبر هذا النظام نقطة مهمة في مسيرة المملكة نحو التحول الرقمي ومجال التقنية والتكنولوجيا.

بدورها أصدرت الامارات قانوناً شاملاً لحماية البيانات الشخصية باستثناء السلطات المحلية وهيئات القطاع العام والحكومية التي لا تزال تمتنع عن توسيع نطاق حماية البيانات الشخصية ومعالجتها، وبالتالي سيكون من الممكن جمع البيانات ومعالجتها دون الخضوع لرقابة الهيئات الدولية. تطال الاستثناءات أيضاً البيانات الصحيّة الشخصية حيث تخضع المعلومات الصحية المنقولة خارج الامارات لتنظيم مكثّف تحت قانون استخدام تقنية المعلومات والاتصالات في القطاع الصحي. أضف إلى ذلك، القطاع المصرفي والبيانات فيه. ففي ظلّ الرقمنة الشاملة التي تطمح إليها الامارات منذ سنوات، تعتبر قضية الخصوصية الرقمية من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها مع انتقال أغلب القطاعات إلى الرقمنة واستثمار إمارة دبي وأبوظبي بالتكنولوجيا المالية حيث تسجلّت في الأخيرة نحو 8 ملايين معاملة عبر الانترنت خلال العام 2020.

ينص قانون حماية البيانات الشخصية في الامارات على حقوق المستخدم وأصحاب البيانات في الوصول إلى البيانات ونقلها وتصحيحها ومعالجتها أو الاعتراض على معالجتها آلياً أو تقليدياً. ولا تزال هناك بعض الثغرات القائمة في القانون المنصوص أعلاه على ضوء الاستثناءات التي تستبعد القطاع العام والبيانات الحكومية.

بدأت الشركات الجديدة في الظهور لتوفير الهيكلية اللازمة لتسهيل ترتيبات مشاركة البيانات. يتيح ظهور ممثلي البيانات والوكلاء والأوصياء إمكانية إدارة الموافقة على نطاق واسع، والعمل كمراكز موثوق بها لبيانات المستخدمين الشخصية.من جهتها تعتمد شركات الاتصالات على سياسة الخصوصية الخاصة بها مع الشروط والأحكام المرتبطة بالخدمات للتحقق من معلومات المستخدم وتحديثها على كافة المواقع الالكترونية. كما تحدد هذه الشركات المعلومات التي يتم جمعها: الاسم، المعلومات المصرفية، تاريخ الولادة، مكان السكن، معلومات ديموغرافية وحجم البيانات إلى جانب عنوان بروتوكول الانترنت عند زيارة الموقع الالكتروني. وتؤكد شركات الاتصالات حرصها على المعلومات الشخصية المقدمة من قبل المستخدم عند الاشتراك للحصول على الخدمات المتاحة.

 

دور متصفحات البحث وقوانين جمع البيانات

يعتبر جمع البيانات من العمليات الأساسية للتسويق الالكتروني إلا انه قد تتم مشاركتها مع طرف ثالث خارج عن الشركة والمستخدم مما يخالف القوانين الدولية لحماية البيانات الشخصية. تتمحور قواعد خصوصية البيانات حول إعطاء الحرية للمستخدم باختيار البيانات التي يريد مشاركتها والطريقة التي يريد أن تُجمع فيها.

بالنسبة للشركات القائمة، تمثل التغييرات البارزة في مجال الخصوصية تحدياً كبيراً أمام جمع المعلومات الشخصية. لطالما عانت غوغل وفيسبوك وتويتر من هذه المسألة التي اتُهمت بعدم حفظ البيانات والتسلل إلى ملايين الحسابات الشخصية. تعاني معظم الشركات من توترات داخلية بشأن بيانات العملاء. عادةً ما يكون هناك مسؤول معلومات يتمثل دوره في الاحتفاظ بالبيانات: جمعها وتشفيرها وتأمينها من المتسللين. إلى جانب المسؤول الرقمي الرئيسي الذي يتمثل دوره في إخراج البيانات: استخراجها، ووضع نماذج لها، واستخدامها لجذب المستخدمين.

لن تكون نهاية اقتصاد البيانات الشخصية خلال الفترة المنظورة بل ستساهم في ولادة ثورة رقمية جديدة تقوم على حماية المعلومات وتخزينها بأمان. كذلك ستعمل الشركات على تنشيط استثماراتها في البيانات الشخصية لما توفّر من أرباح وعائدات مالية وخدمات شخصية بشكل أفضل وبوتيرة أسرع.