Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

يعمد بعض الدول الى قطع الانترنت عن المستخدمين لمحاربة المعلومات والمواقع الالكترونية المضلّلة. قد تكون تكلفة هذا القرار سيئة بالنسبة للأعمال والخدمات والقطاعات. فإلى جانب الأضرار التقنية، تتكبّد الحكومات خسائر اقتصادية جسيمة نتيجة الانقطاع الكامل عن الشبكة.

 

تتخطى تكاليف حجب الانترنت العشرة مليارات دولار، فيما تُحذّر المنظّمات العالمية وشركات التكنولوجيا والاتصالات من تداعيات هذا القرار باعتباره انتهاكاً لحقوق الانسان. تسري عملية الحجب عبر خفض مستوى تدفق البيانات والحدّ من قدرات النطاق العريض وتراجع مستوى الشبكات اللاسلكية لتصل إلى الجيل الثاني مما يُصعّب مراحلة التواصل والاتصال ويمنع عمليات تنزيل الفيديوات بدقة عالية. تم الابلاغ ما بين عامي 2016 و2021، عن نحو 931 حالة حجب للانترنت لفترات طويلة وبشكل متقطّع بين 74 دولة مختلفة. تنقسم عملية حجب الانترنت الى ثلاثة أقسام، منها تتدهور الاتصال بالشبكة، قطع الانترنت بشكل كامل عن المواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، أو بطء في سرعات نقل البيانات على الهواتف والأجهزة المحمولة فتتعذر امكانية تبادل الرسائل النصية وإجراء المكالمات بشكل طبيعي. غالباً ما تترافق حالات حجب الانترنت مع الاحتجاجات العامة أو الثورات الاجتماعية، بحجة الحفاظ على السلامة العامة. فبين التعطيل الاقتصادي والاجتماعي تزيد المخاوف حول التعرّض لمخاطر قطع الانترنت بصورة متكررة.  

 

قطع الإنترنت يزيد الفجوة الرقمية والإجتماعية

يؤدي قطع الانترنت إلى تعطيل المعاملات التجارية والتسويقية والمالية والصناعية مما يُفاقم الفجوة الاجتماعية بين الدول المتصلة بالانترنت وتلك الممنوعة عنها الشبكة أو الدول الأقل نمواً أو ضمن عناصر الدولة نفسها. على ضوء ذلك، تحرص منظمات حقوق الانسان والجهات المعنية على التأكد من تأمين الانترنت للجميع دون استثناء واتخاذ الاجراءات القانونية بحق الدول التي تحجب الانترنت عن مجتمعها لأي سبب كان. تتكاثر عمليات حجب الانترنت بعد تطوّر العالم الرقمي واندماج الحلول التكنولوجية بالحياة العملية واليومية حتى أصبح الانترنت حاجة ملحّة للاستمرارية وليس من الكماليات كما يعتقد البعض. يتم احتساب تكاليف عملية القطع الاقليمي للانترنت كنسبة من الناتج المحلي القومي. أما عمليات الانقطاع الجزئي فيتم احتسابها نسبةً إلى المعلومات المتاحة حول سوق الانترنت في الدول المستهدفة. لغاية اللحظة، شهدت نحو 16 دولة 54 عملية حجب للانترنت عمداً مما كلّف 10.16 مليارات دولار، فيما شهدت في العام 2021، 50 عملية حجب بتكلفة 5.45 مليارات دولار. وترصد المنظمات المعنية انقطاعات الانترنت في كافة أنحاء العالم لمراقبة التحولات السياسية وطريقة التعاطي مع حرية التعبير الالكترونية إلى جانب رصد تبعات هذا القرار على الاقتصاد العالمي.

يؤدي قطع الانترنت إلى نهيار سوق الأعمال ويهدد الوظائف خصوصاً التي ترتكز على التواصل الافتراضي. فلا تقتصر تداعيات قرار قطع الانترنت على التجارة الالكترونية فقط بل تطال كافة القطاعات وتعطيل المعاملات المالية والتجارية والاقتصادية والصناعية والعاملين في الشركات النشطة في مجال التقنية والتكنولوجيا. وفقاً للدراسات قد تصل الخسائر المالية نتيجة حجب الانترنت إلى نصف مليون دولار للساعة الواحدة. ويشير الباحثون الاجتماعيون إلى الاضطرابات الاجتماعية التي تسببها قرارات تعطيل الانترنت والانقطاع التام عن الشبكة.

على ضوء ذلك، تعمد  المؤسسات والمنظمات الى نشر آثار عمليات قطع الانترنت وفرض المزيد من الاجراءات واتخاذها سريعاً للانتهاء من هذه الظاهرة.

 

 

خسائر قطع الإنترنت بين عامي 2021 - 2022

أرقام خيالية، تسجّلها الدول على خلفية قطع شبكة الانترنت لمدة يوم واحد قد تصل إلى أكثر من احتياطي النقد الأجنبي في دولة من الدول النامية. على هذا الخط، انتشرت دراسات تُظهر تأثير قطع الانترنت على ايرادات الدول حتى لو لساعات قليلة: تصدرت الولايات المتحدة القائمة مع خسائر بأكثر من 7 مليارات دولار بسبب قطع الانترنت ليوم واحد، كما جاءت الصين في المرتبة الثانية مع خسائر تُقدّر بنحو 6 مليارات دولار تلتها بريطانيا بخسائر لامست الملياري دولار، ثم كوريا الجنوبية حيث سجّلت خسائر بقيمة 852 مليون دولار. كذلك ايران التي تواجه أزمة كبيرة لديها، حيث وصلت خسائر قطع الانترنت فيها إلى 1.5 مليون دولار في الساعة.

تكبّدت روسيا الخسائر الأكبر هذا العام جراء انقطاع الانترنت عنها  ومنع الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي حيث بلغت كلفتها 1.5 مليار دولار وذلك بعد حربها مع أوكرانيا. تلتها كازاخستان مع خسائر بلغت 429.5 مليون دولار، ميانمار مع 207.7 مليون دولار، أخيراً السودان مع خسائر 4.8 ملايين دولار وصولاً إلى زيمبابوي مع خسائر بقيمة 1.8 مليون دولار. وصلت مدة انقطاع الانترنت حول العالم في العام 2022 إلى 7456 ساعة كمدة اجمالية.

من المستحيل فصل المجتمع عن العالم الرقمي، فالاتصال بالانترنت بات من الحقوق الدولية الانسانية التي يجب احترامها مهما كانت الظروف. وبعد تداعيات الوباء، أيقنت الحكومات أهمية الانترنت على كافة الأصعدة لتسيير الأعمال خصوصاً في القطاع الصحي ولاجراء العلاجات عن بُعد.

في هذا السياق، توضح شركات الاتصالات الآثار السلبية وانعكسات قطع الانترنت على نسبة ايراداتها وأرباحها السنوية؛ فالمشكلة تطال كل المجتمع وليس فئة معيّنة. على مقلب آخر، تحرص شركات الاتصالات المحلية والعالمية على توفير الخدمة الأفضل وأكبر سرعات للانترنت كون تجربة العملاء هي الأهم لضمان نجاح الأعمال على المدى الطويل.

كما تعمل شركات التكنولوجيا على تطوير النظام التشغيلي لمنع عمليات حجب الانترنت ومساعدة المستخدمين في الوصول إلى كل المواقع الالكترونية دون انقطاع لرفع جودة الحياة والارتقاء بالأعمال على المستوى الفردي والاجتماعي.

على الرغم من ذلك، يشهد العالم ارتفاعاً متزايداً بقطع الانترنت مع ارتفاع الشكاوى في الدول العربية والعالم (مصر، العراق، لبنان..) حول رداءة خدمات الانترنت أو بطء الخدمات. لذا يلجأ المستخدمون إلى المنصات والتطبيقات الذكية الأسرع بما يتماشى مع المتطلبات المتغيّرة باستمرار.

 

سرعة الخدمات أولاً وتحدّيات ربط العالم بالانترنت

بلغ عدد الاشتراكات النشطة في الانترنت عبر الهواتف المحمولة 5 ملايين حول العالم، وفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات. بينما بلغ إجمالي السعة الدولية للانترنت مليونين خلال العام الجاري، بارتفاع 66.8% مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق. بدورها تُشدد شركات الاتصالات على تحسين الخدمات للاتصال بالنطاق الترددي العريض.

وبالرغم من التقدم الكبير في العالم الرقمي وتوسع الاتصالات، لا يزال ثلث سكان العالم بلا انترنت.

وتُشكّل مسألة ربط العالم بالانترنت مشكلة حقيقية نظراً لنقص المهارات في المجال التقني وغياب الكفاءات والبنية التحتية المناسبة. فلغاية العام 2030، لن تكون فرص سكان العالم للاتصال بشبكة الانترنت كبيرة، حيث لا تزال أفريقيا من أقل المناطق اتصالاً بالانترنت فيما 40% من سكانها فقط يتمتعون بشبكة الانترنت بينما يصل المعدل في الدول العربية إلى 70% وفي الأميركتين وأوروبا 80%.

عن هذه المشكلة، يرى الاتحاد الدولي للاتصالات أن التحديات الأكبر تتمثّل برفع التعرفة للاشتراكات بالانترنت وعدم الوعي الكافي حول أهمية الشبكات اللاسلكية والافتقار إلى المعدات التقنية لنشر الانترنت على نطاق أوسع، فلا يمكن مخالفة ذلك إلا عبر زيادة الاستثمارات في مجال الرقمنة والتقنية لاتاحة مجموعة أكبر من الخدمات تُغني تجربة المستخدم وتؤمّن له الانترنت.