Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تواصل الحكومات سعيها لنشر شبكات الاتصالات في كافة المناطق إلا أنه بعض الدول لا تزال تخضع إلى قيود متعدّدة تمنع الملايين من الوصول إلى خدمات الانترنت والاستفادة منها.

إرتفعت حالات تقييد الانترنت بين الحكومات العربية لا سيّما خلال الاحتجاجات الميدانية في العام 2022، أو أثناء الامتحانات الرسمية لمنع تسريب المعلومات والحدّ من عمليات الغشّ مما أدى في المقابل إلى عواقب اقتصادية وخيمة. شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 37 حالة تقييد للانترنت في 11 دولة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 62% عن عام 2021. ومن أهم الدول التي واجهت انقطاع الانترنت عنها قسراً السودان، ايران، سوريا، تونس، تركيا واليمن بحجة حفاظ الحكومات فيها على الأمن القومي والحدّ من الثغرات الأمنية والهجمات السيبرانية. ويتمثّل تقييد الانترنت بمنع المستخدمين من الوصول إلى الخدمات أونلاين وحظر المراسلات على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً.

حظر الانترنت يكلّف الملايين سنوياً

تظهر خطورة تقييد الانترنت على مستوى الأفراد والشركات التي ترتبط كل أعمالها بالشبكة العنكبوتية. وكما ذكرنا، تُعد ايران من أكثر الدول تضرراً نظراً لفرض القيود على الانترنت ومراقبة النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي باعتبار أن الحكومة تحافظ بذلك على الأمن والأمان وتحدّ من التحركات الاجتماعية وتحضن الغضب الشعبي القائم. بعد نشر عدّة رسائل على مواقع التواصل، أعربت شركات الاتصالات الأهم في الدولة عن امتعاضها من الوضع لما له من تأثير سلبي على عائداتها التي تراجعت بشكل ملحوظ نتيجة سياسة الحظر التي تعتبر من أكبر العوائق أمام تحقيق الأرباح بالنسبة لشركات الاتصالات والمشغلين في ايران أو حتى في العالم. على ضوء ذلك، تقترح بعض الجهات سبلاً للحدّ من الخسائر الناجمة عن قطع الانترنت ومنها التعويض المادي على شركات الاتصالات أو رفع التعرفة. وللعام الخامس على التوالي تصدّرت الهند دول العالم في عمليات حظر الانترنت التي بلغت 84 عملية.

تعارض شركات التكنولوجيا والاتصالات ممارسة قيود على الانترنت بسبب الأضرار التي تلحقها بالاقتصاد المحلي وبالمجتمع المدني من جهة وبخلل البنية التحتية للانترنت من جهة أخرى. على الرغم من ذلك، لا تزال بعض الحكومات تتجاهل العواقب السلبية لعمليات تقييد الانترنت خصوصاً على المهن التي تعتمد بشكل خاص على التواصل الافتراضي أو على استقاء المعلومات من الانترنت إلى جانب الحاجة الفردية لاتمام الأمور المدرسية أو المكتبية والترفيهية.

من جهتها، تُشدد مفوضية الأمم المتحدة على أهمية الوصول إلى الانترنت وكل الأدوات الرقمية والابلاغ عن عمليات التقييد التي تختلف مدتها وأهدافها. يرتبط استخدام الانترنت بحرية الانسان وحقوقه وحظره يعني انتهاك هذه الحرية ومنع التعبير عن الرأي الشخصي. لا تقوم عملية الحظر على تقييد الانترنت فقط بل هي تنطوي على سوء استخدام الانترنت للتجسس أو نشر العنف والعنصرية. لهذه الغاية، نشأت مجموعات خاصة لمراقية الفضاء الالكتروني ومحاولة الحدّ من الهجمات والانتهاكات في هذا الاطار وملاحقة المجرمين والمتسللين ومراقبة المحتوى على الانترنت والمواقع الاجتماعية مع الحفاظ على أعلى معيار للحريات الالكترونية.

"الانترنت الفضائي" يتجاوز القيود السياسية

توفر شركات الاتصالات ومزودو الخدمة للمستخدم شبكات الانترنت عبر الكوابل الدولية والخطوط الأساسية، فهي الوسيط. أما مع الانترنت الفضائي فيختلف الموضوع حيث أنه يمكن للمستخدم الوصول إلى شبكة الانترنت من خلال الأقمار الصناعية مباشرةً من دون أي وسيط ثالث. وفقاً للمعلومات، يقوم عمل الانترنت الفضائي على  المحطة الأرضية التي تشكّل نقطة وصل بين القمر الصناعي وشبكة الانترنت والاتصالات الأرضية. القمر الصناعي الذي يُطلق في الفضاء يدور ضمن رادار معيّن حول الأرض ليرسل ويستقبل ويعالج الاشارات التي تصله من المحطات الأرضية. ومن المهم أيضاً توفير الهوائيات التي تستقبل الردارات والاشارات من الأقمار الصماعية وتنقلها للأجهزة الالكترونية وتؤمّن الوصول إلى الانترنت. بعد ذلك، تستقبل أجهزة الراوتر الترددات التي تصل إلى الهوائيات فيتم تشفير المعلومات. وبحسب الخبراء، فإن خدمات الانترنت التي توفرها الأقمار الصناعية تعتبر ضمن "الانترنت عريض النطاق" وبالتالي يُمكّن وصول الشبكة وخدماتها إلى المناطق النائية والبعيدة.

في ظلّ عمليات التقييد المتتالية مؤخراً لسبب أو لآخر، يتجاوز الانترنت الفضائي كل الرقابات، فهي ليست بحاجة إلى المرور بمحطات الانترنت الأساسية الأرضية فلا يمكن للدولة السيطرة عليه لا بشكل كلي ولا بشكل جزئي– مع العلم أن هذه الشبكات تعمل ضمن الأنظمة والتشريعات الدولية والوطنية". أما عن عملية تسجيل شركات الانترنت الفضائي فتتم ضمن دولة أجنبية لا تخضع لسياسات رقابية صارمة.

مقابل ذلك، سلسلة من التحديات تواجه الانترنت الفضائي فاستخدامه يتطلّب كلفة عالية تُقدّر بنحو 600 دولار بالنسبة للمعدات التي سترسلها الشركات (الراوتر، الترددات، الهوائيات) إلى جانب الرسوم الشهرية التي لا تقل عن 100 دولار. أما التحدي الثاني فيكمن بقدرة تأمين الأدوات والأجهزة المطلوبة التي تمنعها الأنظمة الديكتاتورية التي تدعم سياسة القمع وحظر الانترنت.

أما من الناحية اللوجستية، فيجب توفر البنية التحتية الرقمية القوية لاستقبال البيانات وارسالها وضمان وصول الانترنت إلى المناطق البعيدة.

كم بلغ انفاق الدول العربية على أمن المعلومات

تميل الدول إلى الحلول الرقمية والتكنولوجيا في عصر سريع التقلّب والنمو. وعلى الرغم من التحديات التي تواجه شركات الاتصالات والانترنت وسط كل الضغوطات، تنفق الدول العربية ملايين الدولارات سنوياً على الحلول الذكية والتكنولوجيا. لغاية الآن، وصل حجم انفاق الامارات على تقنية المعلومات والاتصالات خلال العام 2023 إلى نحو 20.2 مليار دولار. تتفرّع الأموال بين الانفاق على التقنية بنحو 12.2 مليار دولار، و8 مليارات دولار على قطاع الاتصالات الثابتة والمتحركة. وأكّدت المعلومات أن اهتمام الامارات بهذه القطاعات يعود إلى اعتماد الدولة استراتيجية التحول الرقمي القائمة على الحلول السريعة والتكنولوجيا بالدرجة الأولى وأتمتة القطاعات ودمج الذكاء الاصطناعي لتحسين الانتاجية ورفع الكفاءة.

ومن المتوقع أن تواصل المنطقة انفاقها على الحوسبة السحابية والخدمات الرقمية لدمج التكنولوجيا في كافة القطاعات الاقتصادية والتربوية والبيع بالتجزئة. وتوقعت الدراسات أن يصل انفاق الشرق الأوسط وأفريقيا على التحول الرقمي إلى ما يتجاوز 48.8 مليار دولار خلال العام الجاري.

تبعاً للواقع الجديد، من المتوقع أن تزيد الحكومات انفاقها على تقنية المعلومات واعتماد التطبيقات الذكية بدلاً من الطرق التقليدية لانجاز الأعمال في القطاعين العام والخاص. فبحسب غارتنر، 57% من رؤساء تقنية المعلومات في المؤسسات الحكومية يخططون إلى زيادة استثماراتهم في مجال التقنية ودعم الميزانية المخصصة لتحديث التطبيقات الذكية بزيادة 42% مقارنةً بالعام السابق. كما تسعى الشركات الخاصة إلى تفعيل وجود المشاريع الناشئة لتحقيق التحول الرقمي الشامل. وفي هذا الاطار، من المتوقع ارتفاع حجم الانفاق على تقنية المعلومات والتكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا إلى 30.3 مليار دولار خلال العام الجاري بعدما وصل الانفاق في العام 2022 إلى 28.9 مليار دولار.