Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

رغم التقدم الكبير الذي يشهده عالمنا الحالي، إلا أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ما زال يواجه تحديات كبيرة في ما يتعلق بمشاركة النساء في مجال العمل. فالفجوة بين الرجل والمرأة لا تزال واضحة وبارزة في هذا المجال.

الأرقام تلخص الواقع

في ما يتعلق بالأرقام، فإن نسبة مشاركة المرأة في مجال الاتصالات في العالم وصلت الى حوالى 40%، ويعتبر مؤشراً ايجابياً مقارنة بالسنوات الماضية. ومع ذلك، فان نسبة تبوؤ السيدات مناصب عالية في هذا القطاع لا تتخطى أيضاً 40%. فعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة النساء العاملات في الشق التقني للقطاع في الشركات الأوروبية 22% فقط. وتشير بعض الدراسات الى ان هذه الفجوة في دول الاتحاد الأوروبي، المقدرة بين 1.4 مليون و 3.9 ملايين عامل بحلول عام 2027، من  شأنها أن تساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي المحتمل من 260 مليار يورو إلى 600 مليار يورو. ويمكن تحقيق ذلك من خلال رفع نسبة النساء في قوى العمل التكنولوجية إلى حوالى 45%، ما ينعكس تمثيلًا إضافيًا لأكثر من ثلاثة ملايين امرأة.

يُذكر أن نسبة النساء في المهام التقنية تختلف بشكل كبير، اذ وصلت معدلات المرأة في تصميم وإدارة المنتجات الى 46% وهي الأعلى، فيما بلغت هذه المشاركة في هندسة البيانات والعلوم والتحليلات 30%. وتسجل وظائف الحوسبة والعمليات نسبة مشاركة أقل بلغت 15%، فيما انخفضت نسبة وظائف تطوير البرامج والحوسبة السحابية الى 8%. وما هذه الأرقام سوى دليل على الفجوة الكبيرة الموجودة بين الجنسين، وضرورة التصدي لها.

نقص في التنوع أو مشكلة في الاندماج؟

يواجه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحديات جوهرية في ما يتعلق بالتنوع والاندماج. اذ تشهد المجالات التقنية غياباً شبه تام للنساء، حيث يشغلن الأدوار الأقل قيادية ويواجهن العديد من الحواجز للدخول والتقدم. هذا وتشكل هذه القلة في التنوع عائقاً حقيقياً يحد من الابتكار والتفكير المتنوع، كما تعزز الانحيازات. من هنا الحاجة الملحة للتصدي لهذا الواقع.

فالتحيز غير المدرك على سبيل المثال، يعتبر مشكلة جوهرية في هذا المجال، بحيث يعزز صوراً نمطية واعتقادات خاطئة حول قدرات النساء التقنية، مما يحد لا بل يُشوه تقدمهن المهني. هذا بالاضافة الى التمييز والتحرش في بيئات العمل، مما يحولها الى بيئات سلبية تثني النساء عن الانضمام اليها أو حتى البقاء في هذا المجال. ولا بد من الاشارة الى أن غياب النماذج القوية والمرشدين الذين يفهمون تجارب النساء في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يرفع الى حد كبير سقف التحديات التي تواجهها النساء المحترفات والطموحات.

تعزيز مكانة المرأة في بيئة العمل

لا تكمن أهمية تحقيق التوازن بين الجنسين وتعزيز الشمولية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بمجرد انها قضية عدالة اجتماعية، فهي أيضًا معادلة حاسمة لنجاح ونمو هذا القطاع. فقوى العمل المتنوعة تجلب مجموعة أوسع من وجهات النظر والخبرات والنهج في حل المشكلات، كما من شأنها تعزيز الابتكار وتحقيق نتائج أفضل. وفي السياق، خلصت مجموعة من الأبحاث الى أن تنوع الأفراد ضمن مجموعة واحدة من شأنها أن تعزز الإبداع وعمليات اتخاذ القرار والإنتاجية. ومن خلال هذا الأمر، يمكن لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الاستفادة من مواهب وقدرات هائلة تتمتع بها النساء، بالاضافة الى فتح آفاق للأفكار الجديدة، وتعزيز للنمو الاقتصادي.

على طريق الحل

كثيرة هي المبادرات والاستراتيجيات التي ظهرت في هذا الاطار. اذ تقوم بعض الشركات والمنظمات بتنفيذ تدابير مثل برامج المرافقة، وفرص التواصل، والمبادرات التدريبية والتنموية وترتيبات العمل المرنة. وتهدف هذه الجهود إلى تقديم الدعم والتوجيه والموارد للنساء في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما يمكنها من تحقيق التقدم المهني والترقية. وعلاوة على ذلك، تعمل مجموعات الدعم والجمعيات الصناعية والمؤسسات التعليمية بالتعاون لزيادة الوعي، وتحدي النماذج النمطية لتحقيق  المساواة بين الرجل والمرأة، وخلق مسارات لتحقيق النجاح للنساء في صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

ومع ذلك، يبقى تحقيق التوازن بين الجنسين وتعزيز دور المرأة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحديًا كبيرًا. والأهم يكمن في التوعية على أهمية التنوع والاندماج، وتنفيذ تدابير استباقية، كما وتعزيز البيئات الداعمة. هذه العناصر من شأنها أن تساعد النساء في التغلب على هذه التحديات وتحقيق مساهمات هامة لصناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

بالعمل المشترك من جميع الأطراف المعنية بما في ذلك الشركات والمنظمات والحكومات والأفراد، يمكن لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن يصبح أكثر تنوعًا وشمولًا ونبضًا بالحياة، فاسحاً المجال أمام المزيد من الابتكارات لتحقيق مستقبل أفضل.