Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

 يتسابق مزودو خدمات السحابة على تأمين خدمات الحوسبة لكافة شركات ومؤسسات القطاع العام والخاص إلا أن كوفيد-19 دفع عجلة الأعمال لتأخذ وتيرة أسرع. وقد شهدنا في السنوات الأخيرة الماضية العديد من عمليات انقطاع شبكة الانترنت والكوابل في منطقة الشرق الأوسط والخليج مما أدى إلى خسائر بالملايين وحالة فوضى في قطاعات الأعمال.

 

بعض شركات الاتصالات والتكنولوجيا لم تكن على استعداد  لمواجهة تحديات الأزمة الراهنة  فانعكس ذلك على جودة خدماتها وضعف شبكاتها. على ضوء ذلك، كانت الكوابل البحرية من أهم الانجازات في مجال نقل البيانات الرقمية حيث أن 80% من الاتصالات والبيانات يتم نقلها الآن بواسطة هذه الكابلات. ومن المميزات التي تتمتع بها الكوابل البحرية، سرعة ودقة عالية بحركة البيانات، حفاظها على الأمن السيبراني، كلفتها المدروسة مقارنةً مع غيرها من وسائل نقل البيانات كالأقمار الصناعية مثلاً. بدءاً من فرنسا  وبريطانيا، والجزيرة العربية والهند كانت بداية الامدادات للكابلات البحرية التي اعتمدت لاجراء المكالمات الهاتفية. أما اليوم ومع تطور قطاع الاتصالات كيف يبدو واقع الكابلات البحرية؟

 

تركيب وتمديد الكابلات البحرية  لاتصال أسرع

تتكوّن شبكة الانترنت من أجزاء ورموز صغيرة تتنقّل بين الكابلات البحرية الممتدة على آلاف الأمتار في قعر البحر، فما المسار الذي تسلكه البيانات لتأمين اتصال سريع بالانترنت؟

تبدأ مسيرة البيانات مع الألياف الزجاجية التي تُطلق الليزر الموجود في أحد أطراف البيانات ليتلقاها طرف آخر بسرعة خيالية بواسطة الألياف الضوئية. بعد ذلك تستكمل البيانات طريقها براً من خلال الكابلات الأرضية التي تشكّل صلة الوصل بين المناطق والمدن. بعد وصول البيانات إلى شبكة الاتصال المتوفرة أمامها يتلقى حينها المتلقي الرسالة الالكترونية مثلاً. بحسب الدراسات، تنقل الكابلات البحرية نحو 99% من حركة البيانات والاتصالات عالمياً بسرعة تصل إلى 640 غيغابايت في الثانية الواحدة.

ووفقاً لآخر احصائية لعام 2019، يوجد 378 كابلاً بحرياً في الخدمة تحت البحر، ومع زيادة استخدام الانترنت بات من الواضح ضرورة ايجاد سبل جديدة لحركة البيانات كالكابلات البحرية التي قد يطول عمرها إلى أكثر من 25 عاماً؛ ففي العام 2017، وصل معدل حركة الانترنت الشهري 16 جيغابايت للفرد الواحد على أن يصل هذا المعدل إلى 50 جيغابايت للفرد الواحد بحلول العام 2022.

 

شركات التكنولوجيا تدعم الكابلات البحرية وفيسبوك يستثمر بـ250 مليون يورو

تدخل شركات التكنولوجيا والتقنية عالم الاتصال البحري مع تطوير البنية التحتية للانترنت والاستثمار أكثر في الكابلات البحرية. في هذا الاطار، يؤكد الخبراء على ايجابيات اعتماد الكابل البحري نظراً للسرعة التي يوفّرها بحركة البيانات أو بمعالجة مشاكل انقطاع الانترنت التي تعاني منها سائر الشركات. على ضوء ذلك، تُمنح التراخيص اليوم أكثر من أي وقت مضى لانشاء كابلات بحرية حديثة مما يفتح منافسة عالمية وأسواقاً جديدة بين الدول العربية والغربية.

وعلى رأس شركات التكنولوجيا التي خصصت جزءاً كبيراً من استثماراتها في هذا المجال تأتي فيسبوك التي تموّل بالشراكة مع شركة أورانج الفرنسية مشروع تركيب كابل بحري يمتد من المحيط الأطلسي إلى السواحل الأميركية بطول 6800 كيلومتر حيث سيوفّر أسرع شبكة اتصالات في فرنسا. ومن المتوقع أن يكون المشروع في الخدمة بحلول العام 2022 مع تكلفة قدرها نحو 250 مليون يورو.

ويجري العمل على مشروع ضخم للاتصال عبر الكابلات البحرية في الولايات المتحدة والهند. بينما أفريقيا تعتبر المقر الرئيس لأهم وأكبر الكابلات البحرية بطول 37000 كلم حيث سيربط 16 دولة في أفريقيا و23 دولة بالعموم. يقدم الكابل سعة هائلة تصل إلى 180 تيرابايت في الثانية على 16 زوجاً من الألياف.

 

الإمارات تستقبل أطول كابل بحري للانترنت

على ضوء المشاريع المُقامة لتوسعة شبكات الانترنت البحرية، أعلن تحالف 2Africa الذي يتألّف من "شركة الصين الدولية لخدمات المحمول" وفيسبوك وشركة "إم.تي.إن غلوبال كونكت" وشركة "أورنج" وشركة الاتصالات السعودية والشركة المصرية للاتصالات وشركة فودافون وشركة "وايوك"، عن تمديد مساحات جديدة للكابل البحري والذي سيمتد نحو منطقة الخليج ويضيف نقاط إنزال حيوية في عُمان، الامارات، قطر، البحرين، الكويت، العراق، الهند، باكستان والسعودية. مع مشروع التمديد هذا، سيزيد طول كابل 2Africa 45 ألف كلم  مما يجعله أطول نظام كابلات بحرية للانترنت في العالم.

أما الفوائد من هذا الكابل البحري، فمن شأنها أن تسرّع خدمات الانترنت لتصبح على نطاق أوسع، دعم الجهود لتحقيق الاقتصاد الرقمي والتنمية المستدامة للمجتمعات التي تعمتد على الانترنت. بالاضافة إلى ذلك، توفير خدمات الرعاية الصحية، خدمات التعليم الافتراضي وغيرها من النشاطات. مع القطاع الجديد 2 AfricaPearls، سيوفر كابل 2Africa  ربطاً دولياً إلى 1,8 مليار شخص إضافي.

 

التجسّس وجمع البيانات... صراع يعود إلى الواجهة

تستغل القوى العظمى ومنها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الكابلات البحرية لاتمام عمليات التجسس وجمع المعلومات والبيانات الخاصة بسهولة. على ضوء ذلك، تُعد الخصوصية من الأزمات البارزة الأساسية التي تأخذ اهتمام الدول المسيطرة على الكابلات البحرية. ففي العام 2017، دشنت فيسبوك وشركة مايكروسوفت الكابل البحري "ماريا" الذي يربط الولايات المتحدة واسبانيا بطول 6400 كلم مع قدرة على نقل 160 تيرابيت من البيانات في الثانية الواحدة.

يُعتبر تأمين شبكات الكابلات تحدياً بارزاً على مستوى العالم نظراً للخطر الرقمي الذي يسببه للشركات والأفراد. بحسب الخبراء، تسيطر الولايات المتحدة على قطاع الكابلات البحرية، إلى جانب روسيا التي تملك كابلات بحرية تربطها بفنلندا، جورجيا وكابلين يربطانها باليابان، من دون أن ننسى الصين التي تملك مجموعة كبيرة من الكابلات البحرية التي تربطها مع أوروبا ومناطق أخرى من أميركا.

 

تهديدات مائية تعيق خدمات الكابلات تحت البحر

على غرار المشاكل التقنية التي تتعرّض لها الكابلات فوق الأرض خصوصاً بسبب الأزمات البيئية  أو أحوال الطقس، كذلك الكابلات البحرية قد تتعطّل بسبب المشاكل التقنية تحت البحر، حيث هناك العديد من التهديدات المائية التي تهدد كابلات الانترنت. تتعرّض شبكة الانترنت إلى خطر الانهيار بسبب مرور السفن والقوارب وشباك الصيد، هذا من دون أن نذكر الزلازل والعناصر الطبيعية.

أما من الناحية التقنية، فيجب توخي الحذر عند تمديد الكابلات البحرية لتجنّب السفن الغارقة والعوائق البيئية خصوصاً وأن الكابلات البحرية أرفع بكثير من سائر أنواع الكابلات وعملية اصلاحها صعبة جداً ودقيقة. وبالنسبة للتكلفة، تختلف بحسب طول الكابل والوجهة النهائية التي سيتخذها مما يُكلّف مئات ملايين الدولارات.

تتميّز الكابلات البحرية بطول عمرها حيث يبلغ متوسّط عمرها 25 عاماً ونظراً لعمليات التطوير والتحسينات التي تشهدها الكابلات على مستوى العالم من المتوقع زيادة استخدامها أكثر على مدى السنوات المقبلة لا سيّما مع تعزيز دور التقنيات الحديثة في هذا المجال لتكون الكابلات البحرية أكثر جهوزية لاستقبال حركة أكبر من البيانات.