Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

مع اندماج التقنيات التكنولوجية في حياتنا اليومية أكثر فأكثر إنطلاقاً من الهواتف الذكية إلى السماعات اللاسلكية والساعات الذكية، حان الوقت لإختصار كل هذه التقنيات بزرع شريحة إلكترونية صغيرة تحت جلد الانسان. تحمل هذه الشريحة رقم تعريف خاصاً بالمستخدم، تحفظ له بياناته الطبية والصحية والشخصية.

 

يلجأ الملايين حول العالم إلى زرع الشريحة الالكترونية تحت الجلد باعتبارها وسيلة تسرّع الروتين اليومي وتسهّل حياة الانسان. فبحسب الدراسات، توصّل الخبراء اليوم إلى حقن الشريحة الالكترونية بحقنة طبية بسيطة إما في اليد أو في أي مكان داخل الجسم. ويمكن التحكّم بالشريحة من خلال الموجات فوق الصوتية – الطاقة الكهرومغناطيسية فهي تعمل بدون بطارية، وحجمها لا يتعدى الميلليمترات. كما من الممكن أن تحمل معلومات دقيقة عن صحّة الانسان وتسمح بالتحكّم بكل الأجهزة الذكية من حولنا: السيارات الذكية، الهواتف والحواسب وغيرها العديد بالاضافة إلى تخزين البيانات. وفيما يعبّر البعض عن مخاوفه بشأن الرقاقات وخطر القرصنة إلا أن الشركات المتخصصة بصناعتها والمؤسسات الداعمة لها في ازدياد خصوصاً بعد أزمة كوفيد-19. فبعد اختلاف الآراء، يطرح خبراء التقنية ومتخصصون بالتكنولوجيا ملامح الشريحة الالكترونية، أهدافها المستقبلية، أبعادها وتأثيرها الكامل على حياة الانسان خلال المرحلة المقبلة.

 

الشريحة الالكترونية: تقنية جديدة مليئة بالتحديات

قد يصعب علينا فهم الشريحة الالكترونية والتعامل معها بهذه السهولة، فالموضوع يتطلّب فترة معيّنة إلى أن يتمكّن الانسان من استخدام هذه التكنولوجيا بدون شكوك. تعتبر الرقائق الالكترونية إمتداداً لمفهوم إنترنت الأشياء والأجهزة المتصلة التي سيصل عددها بحلول العام 2025 إلى 75 مليار جهاز.

كغيرها من التقنيات التكنولوجية الجديدة تواجه الشريحة الالكترونية ثلاثة تحديات يتمثّل أوّلها بمكانته في عالم التكنولوجيا، التحدي الثاني على صعيد الاعمال، والتحدي الثالث مدى اندماج الشريحة في المجتمع.

وفي عالم تتصل فيه كل الأجهزة الذكية ببعضها، تعتبر الشريحة الالكترونية من أهم عناصر إنترنت الأشياء، حيث يرتكز عملها على الحوسبة السحابية، الاتصال اللاسلكي والحواس البشرية (اليدان، قلب الانسان، الدماغ) هذا التطوّر أثار قلق العديد من خبراء التقنية بشأن أمن البيانات وحمايتها.

على صعيد الأعمال، يعمل العديد من الشركات على استبدال الهوية في المتاجر والمكاتب والمطارات والمستشفيات بالشريحة الالكترونية. تُعالج الرقائق الصغيرة البيانات في السحابة لتقديم رؤية واضحة ومعالجات جديدة وخدمات أفضل – كما تقدم فرصة كبيرة للعديد من اللاعبين في جميع أنواع الأعمال والصناعات في القطاعين العام والخاص مما سيترك فجوة كبيرة في قطاع الأعمال بين الشركات المؤيّدة لهذه التكنولوجيا والمعارضة لها.

إجتماعياً، قد يبتعد البعض عن الأجهزة الذكية قدر الامكان بحجة حماية الخصوصية فتأتي الشريحة الالكترونية لتدخل في تفاصيل لم تكن في الحسبان. بمجرّد زرع الشريحة تحت الجلد، أصبح الانسان معرضاً أكثر إلى هجمات رقمية جديدة واحتمال القرصنة، على الرغم من كل التطمينات بشأن الخصوصية والأمن السيبراني.

طبياً، يعتبر الخبراء أن عمل الشريحة لا يقتصر على ربط الانسان بالأجهزة الذكية فقط بل هي تقدم خدمات متعددة للمصابين بأمراض مزمنة أو بالشلل حيث تسمح لهم بتصفح الانترنت والتعبير عن أنفسهم وتحذيرهم من التجلّطات، أو نوبات قلبية أو أي عارض صحي مفاجئ. أما إذا حصل لك أي عارض مفاجئ، فيمكن أن يتواصل ماسح الشريحة مع قاعدة البيانات فيدرك ما هي حالتك ويتعرّف على كافة معلوماتك. على ضوء ذلك، سيسارع العالم إلى اعتماد هذه الشريحة لتوسيع تفاعل الانسان مع محيطه بالاضافة إلى تطوير قدراته بما يتماشى مع قدرات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء واستخدامها حتى في العمليات الالكترونية في وقت لا يزال العديد من الناس يجهلون أبعاد هذه التقنية.

 

زرع شريحة إلكترونية في دماغ الانسان.. قريباً

ما زال تاريخ زرع الشريحة الالكترونية في دماغ الانسان غير محسوم بعد لكنه قريب جداً. وفي هذا السياق، أعلنت بعض الشركات التكنولوجية عن نيتها ببدء زرع رقاقات إلكترونية في الأدمغة البشرية مع مطلع هذا العام. وقد طرح هذا المشروع جدلاً واسعاً فالبعض اعتبر أن هذه الخطوة ستكون نقلة فريدة على صعيد التقنية والتكنولوجيا والبعض الآخر اعتبر أن زرع الشرائح الالكترونية بجسد الانسان هو انتهاك لخصوصيته وتحويله إلى آلة مبرمجة.

من ناحية الشركات المصنّعة لهذه الرقائق، ستكون الشريحة الالكترونية صلة وصل بين الآلة والانسان لتسهّل المهام على أصحاب الهمم وتسمح لهم بالتحكّم بالأجهزة الذكية. كما ستنمي الرقائق الذكية القدرات البشرية لمواجهة تقنيات المستقبل كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء إضافة إلى أنها ستعزز الاتصال الافتراضي.

 

كوفيد-19 ونظرية المؤامرة

منذ انتشار فيروس كورونا وظهور اللقاح، انتشرت نظرية المؤامرة التي تدّعي أن الوباء سلاح بيولوجي واللقاح يحتوي على رقائق إلكترونية صغيرة تستخدمها الشركات للتجسس ومراقبة الملقّح. وقد تم تدعيم هذه النظرية بمقاطع عديدة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تبيّن أن أذرع الملقحين باتت ممغنطة إلا ان العلم والخبراء نفوا كل هذه الادعاءات. ومن إحدى النظريات التي انتشرت، ربط الفيروس بشبكة الجيل الخامس مما أثار تساؤلات عدّة حول هذه التكنولوجيا وعن تأثير الترددات الكهرومغناطيسية الصادرة عن الأجهزة الذكية على صحة الملقّحين.

يتستفيد العديد من الجهات من هذه الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصية، فبعيداً عن الصحّة، تسببت هذه الاشاعات بتراجع عدد الملقحين في بعض الدول نظراً للمخاوف التي تم الاعلان عنها. على ضوء ذلك، كثّف الأطباء وخبراء التكنولوجيا دراساتهم عن فعالية اللقاحات وتأكيد عدم تأثير الجيل الخامس عليها على عكس المعلومات الكاذبة التي رُوّج لها. وتؤكّد الدراسات أن لا تأثير للهواتف المدعومة بالجيل الخامس على نسبة المناعة أو بنشر الفيروس. تعليقاً على ذلك، يقول أحد أساتذة العلوم والتكنولوجيا إنه  من المستحيل أن تجمع الرقاقات الالكترونية جميع البيانات حتى بعد الحقن.

بدورهم، استبعد اختصاصيو الجينات احتمال وضع رقائق إلكترونية في اللقاحات نظراً للحجم المطلوب لهذه الشريحة. وبحسب المعلومات يتم حقن لقاحات كورونا بإبرة قياسها 22-25 وتترواح أقطارها الداخلية بين 0.26 ملم و0.41 ملم،أما الشريحة المدعومة بالجيل الخامس فيصغر حجمها عن ذلك.

 

تحرّك عمالقة التكنولوجيا بعد هذا الجدل للحدّ من انتشار الفيديوات المفبركة والأخبار المضللة حول لقاحات كورونا وزرع الشريحة الالكترونية. هذا وتم إغلاق ملايين  الحسابات الوهمية التي كانت تروّج لنظرية المؤامرة وتعمل على نشر الأكاذيب بالاضافة إلى متابعة إدارة مواقع التواصل الاجتماعي لأي منشور يتضمن معلومة غير مؤكّدة عن كوفيد-19 وسلامة اللقاحات. من جهتها، كثّفت وسائل الاعلام حملات التوعية داعيةً إلى تصفّح موقع منظمة الصحة العالمية للتأكد من أي معلومة في هذا الإطار والمساهمة في نشر المعلومات الصحيحة.