Advertisement

Typography

 عن دور المرأة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مكانتها ومساهمتها في قيادة الأعمال والابتكارات، تحدّثت د. نادين عكاري، باحثة وأستاذة مشاركة بكلية جدة العالمية وعضو معهد مهندسي الكهرباء والالكترونيات IEEE عن هذه المواضيع وأكثر في مقابلة حصرية مع تيليكوم ريفيو عربية، حيث طرحت التحديات والحلول لتحقيق مسيرة ناجحة في مجال التكنولوجيا والاتصالات.

 

بين التطوّر والتحوّل الذكي، أين المرأة من العالم الرقمي وما الآفاق الجديدة التي ترسمها النساء الرائدات في مجال الرقمنة والانترنت؟

للذكاء الاصطناعي قدرة على تمكين المرأة من خلال تزويدها بإمكانية أكبر للوصول إلى كافة الفرص المتعلّقة بقطاع التعليم والاقتصاد والأمن والسلامة والصحة. 

خلال السنوات الأخيرة، حققت المرأة خطوات كبيرة في العالم الرقمي، لا سيّما في مجالات تطوير التكنولوجيا والتحول الذكي. يرتبط هذا التقدم ارتباطاً وثيقاً بحقيقة أن النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتمتعن بمستوى عالٍ من التعليم أكثر من أي وقت مضى حيث يتم تمثيلهن بشكل أفضل في التعليم العالي في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) ويلعبن دوراً مهماً في دفع الابتكار الرقمي والاستفادة من التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والسحابة وإنترنت الأشياء.

تشهد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل ملحوظ عدداً متزايداً من رائدات الأعمال والشركات الناشئة التي تقودها النساء. بالإضافة إلى ذلك، تشكل النساء نسبة كبيرة من القوة العاملة في مجال التكنولوجيا في المنطقة. وبالتالي، أصبحت النساء تتولى أدواراً قيادية بوتيرة أكبر في شركات التكنولوجيا.

في الواقع، تستثمر الشركات التي تقودها النساء بشكل كبير في التقنيات الرقمية وتعطي الأولوية للابتكار والتحول. في هذا السياق، هناك العديد من النساء الرائدات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا اللواتي يقدن التكنولوجيا والتحول الرقمي. على سبيل المثال، تلعب النساء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، دوراً رائداً في قيادة التحول الرقمي في القطاع العام من خلال تولي مناصب رئيسية في الوكالات الحكومية المسؤولة عن قيادة التحول الرقمي في البلاد.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجهنا، من الواضح أن النساء بتن يساهمن في العالم الرقمي بشكل كبير. لسوء الحظ، لا تزال مسيرتنا طويلة من حيث تحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز التنوع في قطاع التكنولوجيا.

 

يزدهر دور النساء في مهن العلوم في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ما الفرص والتحديات المحتملة في الوقت نفسه؟

تأخذ المرأة دوراً مهماً في المهن العلمية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا مما يمثل سلسلة من الفرص والتحديات. تعزّز مشاركة المرأة في المهن العلمية التنوع والاندماج في مكان العمل مما سيؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل وزيادة الإبداع وتحسين أداء الأعمال. وقد تقدّم المرأة للقوى العاملة وجهات نظر مختلفة ومهارات جديدة، والتي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الابتكار والإنتاجية من جهة وتساهم في تحقيق النمو الاقتصادي في المنطقة من جهة أخرى.

على الرغم من التقدم المُحرز في السنوات الأخيرة، لا يزال هناك مجال كبير لتحسين آفاق العمل والفرص الوظيفية للشابات. في حين أن التقنيات الرقمية لديها القدرة على تمكين المرأة وإفادتها في العالم الرقمي، إلا أن هناك أيضاً تحديات وصعوبات يجب معالجتها من أجل ضمان المساواة بين الجنسين.

ووفقاً للتقارير الأخيرة الصادرة عن البنك الدولي، لا تزال النساء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا يواجهن عقبات كبيرة في الوصول إلى فرص التعليم والعمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ولا يزال تمثيل المرأة ناقصاً خصوصاً في مجالات مثل الهندسة وعلوم الكمبيوتر. وكذلك التحيز الجنساني يشكل عائقاً كبيراً أمام مشاركة المرأة في المهن العلمية في المنطقة. فقد تواجه النساء التمييز في التوظيف والترقية والأجور، فضلاً عن الحواجز الثقافية والاجتماعية التي تحول دون متابعة المرأة للمهن في مجال العلوم.

وبحسب تقرير حديث صادر عن "عرب نت" فإن تمثيل المرأة ناقص في المناصب القيادية في قطاع التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. هذا وقد سلّط التقرير الضوء على بعض الاتجاهات الإيجابية، بما في ذلك العدد المتزايد من النساء اللواتي يسعين إلى وظائف في مجال التكنولوجيا والعدد الأكبر من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز التنوع والاندماج بين الجنسين في هذا المجال.

في هذا الاطار، من المهم طرح التحديات وتوفير الدعم والموارد المطلوبة لضمان قدرة المرأة  على المشاركة في تقدم العلوم والتكنولوجيا في المنطقة.

 

بعد الانتشار الواسع، ها هو يخفت وهج تكنولوجيا ميتافيرس ليقتصر استخدامها على دعم الألعاب الالكترونية في العالم الافتراضي، برأيكِ هل استفاد الانسان فعلاً من كل مقومات هذه التكنولوجيا أم بقيت مجهولة بنسبة كبيرة منها؟

لا تزال تقنية ميتافيرس في مراحلها الأولى من التطور، ولم يتم بعد فهم تأثيرها بشكل كامل من قبل المجتمع والأفراد. إلى جانب ذلك، قد يكون الوصول إلى تقنية ميتافيرس محدوداً لذا لم يتم استكشاف هذه التقنية بشكل كامل. حالياً، يقتصر استخدام تقنية ميتافيرس إلى حد كبير على أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الأجهزة الضرورية والاتصال بالإنترنت. وهذا يعني أن الأشخاص الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى هذه الموارد، مثل أولئك الموجودين في البلدان النامية قد لا يتمكنون من الاستفادة من ميتافيرس. عندما يصبح ميتافيرس متاحاً بشكل أكبر، سيكون من الممكن للمستخدمين استكشاف فوائده وتطبيقاته.

يتم تشكيل ميتافيرس من خلال التطورات التكنولوجية، مثل الجيل الخامس والحوسبة المتطورة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. ستتيح تقنية ميتافيرس تجربة فائقة حيث سيكون المستخدمون داخل العالم الافتراضي يقومون بأي نشاط مثل التعلم واللعب والعمل والسفر وغيرها العديد. على هذا النحو، يمكن أن يوفر عالم ميتافيرس فرصاً جديدة للأعمال وقطاعات التعليم والتجارة بالإضافة إلى الترفيه، كما أنه يتيح طريقة جديدة للتواصل مع الأشخاص من جميع أنحاء العالم.

وبالتالي، من المهم ملاحظة أن تقنية ميتافيرس تفيد المجتمع بطرق عدّة، مثل تمكين أشكال جديدة من التعاون والتواصل. كما سيمهد ميتافيرس الطريق لوظائف جديدة وفرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تحسين التجربة التعليمية والترفيهية.

في ديسمبر 2022، أفادت "عرب نيوز" أن مدينة نيوم السعودية الضخمة قد أنشأت ميتافيرس للسماح للناس بالتواجد في المدينة افتراضياً والاستمتاع بالتجربة الكاملة. كما أنهم يفكرون أيضاً في الميتافيرس كمحرك رئيسي لقطاع السياحة من خلال إنشاء جولات ميتافيرس إلى منطقة العلا، والتي لا تشمل الزيارات فحسب بل من ضمنها تأتي المهرجانات والفعاليات الترفيهية والرياضية. بما أن الميتافيرس قد يساهم في نمو الاقتصادات، فقد أنشأت بدورها الإمارات العربية المتحدة  أول حاضنة للميتافيرس في الشرق الأوسط.

بينما تقدّم هذه التقنية العديد من الفوائد، مثل زيادة الروابط الاجتماعية وتوفير أشكال جديدة للترفيه، فمن الصعب التنبؤ بالمزايا وتحديد المدى الذي ستؤثر فيه على المجتمع.ويرتكز مدى استفادة الناس من هذه التقنية أو عدمها على مدى تطوير ميتافيرس وكيفية استخدامه. في هذا السياق، سيكون من المهم التأكد من أن فوائد تقنية ميتافيرس متاحة للجميع، وأن آثارها السلبية المحتملة يتم تناولها والحدّ منها. لذلك، سيكون للمطورين وواضعي السياسات أولوية عالية للترويج للفوائد المحتملة ومعالجة المخاطر والمخاوف المحتملة في نفس الوقت.

 

بالحديث عن الجيل الخامس وشبكات الاتصالات والحوسبة السحابية، هل من الصعب على الأعمال أن تستمر بعيداً عن هذه الحلول؟

قد يكون من الصعب على الشركات الابتعاد عن شبكات الجيل الخامس وشبكات الاتصالات وحلول الحوسبة السحابية، حيث أصبحت هذه التقنيات ضرورية بشكل كبير لإجراء الأعمال في عالم تحرّكه الخدمات الرقمية. ستقدم شبكات الجيل الخامس والسحابة فرصاً استثمارية عدّة بالاضافة إلى الابتكارات.

تتبنى العديد من الشركات التقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتحليلات وإدارة سلسلة التوريد وتصنيع العمليات للتعامل مع العالم الرقمي والتحول الذكي. ومع تطور تطبيقات الأعمال، سيُعتبر الجيل الخامس المحرك الأساس لجذب الابتكارات إلى القطاعات والأعمال مثل السفر والرعاية الصحية والترفيه. كما وستعزز أيضاً شبكات الجيل الخامس عالم ميتافيرس من خلال تحسين جودة تطبيقات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، وجذب المزيد من الابتكارات في القطاعات.

هذا وقد تساهم شبكات الجيل الخامس وحلول الحوسبة السحابية في زيادة الكفاءة في الأعمال. توفر شبكات الجيل الخامس معدلات نقل بيانات أسرع وزمن وصول أقل وعرض نطاق ترددي أكبر، مما يسمح للشركات بنقل البيانات ومعالجتها بكفاءة أكبر.كما و ستوفر الحوسبة السحابية إنتاجية أفضل وتحسّن تجربة العملاء.

في العالم الرقمي المتطور، يمكن للشركات التي تتبنى هذه التقنيات أن تكتسب ميزة تنافسية ستؤدي إلى زيادة حصتها في السوق ونمو إيراداتها. ومع ذلك، قد تكون هناك أسباب خلف اختيار الشركات الابتعاد عن هذه الحلول، مثل المخاوف المتعلقة بالأمان والخصوصية والتكلفة.

 

أخيراً، كيف اختلف دور المرأة وتأثيرها في مجالات التكنولوجيا والاتصالات بين الحاضر والماضي؟ وما الاستراتيجية المستقبلية لتفعيل اندماج النساء في هذا الاطار؟

إختلف دور المرأة وتأثيرها في مجالات التكنولوجيا والاتصالات بشكل كبير بين الحاضر والماضي. في الماضي، كان تمثيل النساء ناقصاً وغالباً ما يتم استبعادهن عن هذه المجالات.

ولطالما تم عدم تشجيع النساء على ممارسة مهن متعلّقة في مجال التكنولوجيا والاتصالات، أما اللواتي دخلن إلى هذه المجالات فواجهن الكثير من التمييز والعوائق التي منعتهن من المضي قدماً. ويعود ذلك إلى عدّة عوامل، بما في ذلك المعايير الثقافية والاجتماعية، وعدم الوصول إلى التعليم والتدريب الكافيين، والتحيز والتمييز بين الجنسين.

وعلى الرغم من ذلك، فقد تحسن الوضع بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. فها هي النساء اليوم يساهمن بشكل كبير في قطاع التكنولوجيا والاتصالات حيث يتم الاعتراف بإنجازاتهن وخبراتهن. فقد بدأت النساء في قيادة أعمال ناجحة، وتطوير تقنيات جديدة، والتوجه نحو الابتكار عبر مجموعة من القطاعات.

ولا تزال تواجه المرأة العديد من التحديات في هذه المجالات، مثل فجوة الأجور بين الجنسين والتحيز والتمييز. ومع ذلك، هناك أيضاً العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين والتنوع في التكنولوجيا والاتصالات، مثل برامج الإرشاد، ومجموعات التركيز والتدريب على التنوع والشمول. بالاضافة إلى ذلك، يجب تفعيل الاستراتيجيات لتشجيع الفتيات والشابات على متابعة تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتصدي للتحيز والقوالب النمطية بين الجنسين.

وبالتالي، لا بد من وجود عدة استراتيجيات يمكن استخدامها لتفعيل دمج المرأة في مجالات التكنولوجيا والاتصالات. في هذا الصدد، من المهم توفير برامج تعليمية وتدريبية تشجع المرأة على ممارسة مهن في مجال التكنولوجيا وتساعد على زيادة عدد النساء في هذه المجالات. من المهم أيضاً أن تكون هذه البرامج سهلة المنال وبأسعار مدروسة.

ولزيادة الشمول الرقمي، من الضروري وضع استراتيجية ومقاييس واضحة لقياس التقدم المحرز في دعم الشابات للتقدم في حياتهن المهنية مقابل مقاييس محددة بوضوح في كل مرحلة من مراحل مسارهن المهني. وبالتالي، من المهم أيضاً التعاون مع قادة القطاع وواضعي السياسات وأصحاب المصلحة الآخرين لإنشاء قطاع تقنية أكثر شمولاً وإنصافًا يعود بالفائدة على الجميع.