Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

وضعت جائحة كورونا معايير جديدة "لعصرنا المتصل". وفرضت أساليب مختلفة للتعاون ما بين الشركات والموظفين من جهة، والشركات والعملاء من جهة أخرى. وتماشياً مع هذا التطور، ظهرت ابتكارات مهمة، كان ابرزها الذكاء الاصطناعي والميتافيرس. وقد احرزت هذه المفاهيم تغييرًا أساسيًا في كيفية تعاملنا مع العالم، وأثّرت على العديد من القطاعات.

الا ان السؤال المطروح اليوم: هل وضع الذكاء الاصطناعي المسمار الأخير في نعش الميتافيرس؟

بداية سقوط الميتافيرس؟

رغم كل الضجيج الذي حصل مع ظهور الميتافيرس، لكن الواقع يختلف في الحقيقة عن الأحلام التي ترافقت مع معها. فعندما أتيحت الفرصة للأشخاص لتجربة ميتافيرس، لم يتبنَ أحد استخدامها.

وبالرغم من أن هذا العالم غير المركزي والمستند إلى التشفير، والمرتكز على فكرة أن العالم الافتراضي حقيقي ويمكن للجميع التجول فيه عبر الإنترنت، فانه قد حصل على تمويل كبير. لكنه لا يزال يعاني من نقص في المستخدمين النشطين عبر منصته.

 فقد كان لدى ميتافيرس، الذي يملك نظاما بيئياً تبلغ قيمته 1.3 مليار دولار، حوالى 38 مستخدما نشطا يوميًا فقط، علماً أن بعض المنصات زعمت أن لديها 8 آلاف مستخدم نشط يوميا، ولكن حتى مع هذا العدد ما زال الرقم ضئيلا جدا مقارنة بعدد الأشخاص الذين يلتقون افتراضياً مثلاً خلال ألعاب جماعية عبر الإنترنت.

في سياق متصل، فان جهود ميتا، التي تم الإعلان عنها بشكل كبير، لاقت أيضا صعوبات عديدة. ففي تشرين الثاني2022، كان هناك أقل من 200 ألف مستخدم نشط شهريا، وهو رقم يبتعد كثيراً عن هدف ميتا المحدد والبالغ 500 ألف مستخدم نشط بحلول نهاية عام 2022.

كما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن ما يقرب من 9 بالمئة فقط من العوالم التي أنشأها المستخدمون في ميتافيرس تمت زيارتها من قبل أكثر من 50 لاعباً، فيما أوضح بعض المصادر أن هذه الأرقام تشكل فشلاً ذريعاً بالنسبة الى ميتا، لدرجة أن  حتى الموظفين تجنبوا استخدام هذه العوالم، وعلى الرغم من قوة الشركة التي كانت تُقدر في تلك الفترة بتريليون دولار، إلا أن ميتا لم تنجح في إقناع الناس بالاعتماد على المنتج الذي راهنت عليه.

ماذا عن مستقبل الميتافيرس؟

في هذا الاطار، من المتوقع أن يتجاوز سوق الميتافيرس العالمي 900 مليار دولار بحلول عام 2030. ويشير خبراء الصناعة وقادة الأعمال الى أن الجمع بين الذكاء الاصطناعي والميتافيرس يمثل تحولًا أساسيًا في تفاعل المستخدم مع العالم الخارجي. اذ ان لديها القدرة على إحداث ثورة في الصناعات والمؤسسات بطرق لم يسبق لها مثيل من قبل.

وقال رائد أعمال برمجيات كان ينشئ واجهة افتراضية لمتجر في الشركة أن الأمر لن يكون مجرد موقع لبيع البضائع؛ لأن التجربة من شأنها إشراك المستخدمين وتقديم مزايا تتجاوز المعاملات البسيطة. ورأى الأخير أن ما يجري التحضير له هو مستقبل البيع بالتجزئة، حيث أن الشركات التي لا تتبنى  هذه الأفكار ستكون بعيدة جداً عن التقدم.

اليوم، تسعى شركات عديدة الى البحث عن الطريقة الأفضل للتكيف مع الواقع الجديد. وفي السياق، أوضح أحد الخبراء أن هذه التقنيات المتشابكة توفر فرصة فريدة للشركات من اجل تطوير مساحات عمل افتراضية حيث يمكن للموظفين التفاعل والتواصل بطرق لم يكن من الممكن تصورها سابقًا في العالم المادي.

في المقابل، توقع البعض أن تطوير الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يجعل التجارب الافتراضية من الماضي، من خلال استبدالها ببدائل خوارزمية، فالذكاء الاصطناعي لم يطغَ على الميتافرس حتى الآن. وقد أصبح في الوقت الراهن أكثر أهمية من أي وقت مضى.

إنعكاس هذه التقنيات على مجال الأعمال

أطلق اتحاد الذكاء الاصطناعي والميتافرس عصرًا جديدًا من النمو التجاري والابتكار. اذ ان الشركات في جميع القطاعات تدرس إمكانيات هذا الاتحاد لبناء عوالم افتراضية أكثر واقعية وإثارة للاهتمام.

فعلى صعيد صناعة ألعاب الفيديو، يتم توظيف الذكاء الاصطناعي اليوم لبناء عوالم افتراضية أكثر ديناميكية وواقعية. تستعين بعض الشركات بالذكاء الاصطناعي لإنشاء إعدادات وشخصيات جديدة، مما يمكّن المستخدمين من الانغماس تمامًا في بيئات افتراضية تشبه إلى حد كبير العالم الحقيقي. أيضًا يتم استخدام واجهات المتاجر الافتراضية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لتوفير تجربة تسوق أفضل وأكثر شمولاً للعملاء.

علاوة على ذلك، تضع الشركات العقارية الذكاء الاصطناعي في خدمتها لناحية تقديم جولات افتراضية لممتلكاتها، مما يوفر للمشترين المحتملين إحساسًا واقعيًا لهذه الممتلكات.

عن امكانات هذا الاتحاد

لا تزال الميتافرس في مهدها، الا انه ومع الاحتمالات اللامحدودة للذكاء الاصطناعي، سيتمكن هذا المزيج من تصميم حقائق افتراضية أكثر تعقيدًا تتجاوز قدراتنا الحالية. ويعتقد كثيرون أن الميتافيرس والذكاء الاصطناعي معًا يتمتعان بالقدرة على إطلاق الإمكانات الكاملة للواقع الافتراضي. هذا الواقع سيسمح للمبرمجين بتجربة الخوارزميات والاستخدامات المبتكرة التي يمكن أن تغير تمامًا الطريقة التي نتواصل بها مع الآلات ومع بعضنا البعض.

بالنتيجة، عزز الذكاء الاصطناعي وضخّم إمكانات الميتافيرس، بحيث ظهر كلا الابتكارين كمزيج قوي يجب على الشركات أن تأخذه في الاعتبار في كل من خططها الحالية واستراتيجياتها المستقبلية. ويمثل الميتافيرس مجالاً مثيراً للابتكار والنمو. أما المحترفون والشركات والعلامات التجارية التي تتبنى هذا الواقع الجديد فسيشكلون مستقبل الأعمال. فالمكاسب المحتملة هائلة، رغم المخاطر العالية. وبالنسبة الى الشركات، الأهم يبقى مواكبة التكنولوجيا في أحدث تطوراتها واتجاهاتها.