Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

في خضم التقدم والتطور الذي يشهده العالم، لم تعد الاستدامة مجرد مفهوم اختياري لدى الشركات أو ميزة ايجابية تتباهى بها. بل أضحت عاملاً مفصلياً أساسياً في مسار تطور هذه الشركات التكنولوجية. 

على رغم الانعكاسات السلبية التي حمّلتها التكنولوجيا لكوكب الأرض على مر السنوات الماضية، إلا أنها قدمت في المقابل الكثير من الايجابيات كخفض انبعاثات الكربون. وقد يتمثل ذلك عبر قدرة الكثيرين على العمل عن بُعد والتواصل عبر تقنية الفيديو والتي قللت بطبيعة الحال من التنقل، وبالتالي من كمية استهلاك الطاقة. ويشير أحد التقارير إلى أن تقنيات الاتصال بالمعلومات تستهلك حوالى 6% من إنتاج الكهرباء العالمي. فيما تحسنت كفاءة استخدام الطاقة خلال السنوات القليلة الماضية، ولا سيما في ما يخص فرع تكنولوجيا المعلومات.

ما هو مفهوم الربح الثلاثي؟

يتمثل الربح الثلاثي: بالناس، الكوكب والربح. ويتم تحقيقه عبر دمج العوامل الاجتماعية والبيئية والاقتصادية في عملية اتخاذ القرار، على أن تكون الاستدامة الهدف الأول لكل القرارات المتّخذة. هذا النهج يمكن أن يؤدي إلى تعزيز مشاركة المسؤولين والموظفين، تحسين سمعة العلامة التجارية والاستدامة المالية على المدى الطويل للشركات التكنولوجية. وتشير الاستطلاعات الأخيرة الى استعداد 67% من المستهلكين لدفع المزيد من المال مقابل منتجات مستدامة. كما أن 97% من المديرين التنفيذيين الذين شاركوا في الاستبيان واجهوا عوائق في مهامهم بسسب تغير المناخ، مما دفعهم إلى اللجوء للحلول المستدامة.

وضوح أهداف الاستدامة أساس التقدم

من المهم أن يحدد أصحاب القرار في القطاع التكنولوجي أهدافاً واضحة للاستدامة. إذ يجب على التنفيذيين تحديد أهداف تتوافق مع أعمالهم ودمجها في استراتيجية عامة وشاملة للقطاع. ويمكن لهؤلاء أن يعملوا على تقليل انبعاثات غاز الكربون، أو زيادة كفاءة استخدام الطاقة، أو التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة أو ايجاد حلول للكثير من المشكلات التي تصب في اطار التنمية. واليوم، تتجه مجموعة كبيرة من الشركات والمؤسسات العاملة في القطاع الى وضع خارطة طريق واضحة تجمع بين أهدافها المستدامة وتلك التقنية في سبيل تحقيق أفضل الابتكارات.

أما الأهم فيكمن في معرفة نقطة البداية لكل هدف، من أجل ضمان التحقيق الفعلي للأهداف التنموية، ودمجها مع الأهداف الرئيسية للشركة، والتي تشمل أيضاً الأهداف القصيرة والطويلة الأمد. وأخيراً، تتطلب هذه الخطة أيضاً تتبعاً دقيقاً للجهود المبذولة والتقييم المستمر.

تعزيز ثقافة الاستدامة

أما الابتكار المستدام فيتطلب تغييراً في التفكير والسلوك على جميع المستويات. إذ يجب على التنفيذيين تعزيز ثقافة الاستدامة عبر تعزيز الوعي والتعليم بين جميع المعنيين والعاملين في هذا القطاع. ويمكن تحقيق ذلك عبر اعتماد برامج تدريبية والتركيز على المبادرات المتعلقة بالاستدامة.

إحدى الاستراتيجيات الفعالة في تحقيق هذا السلوك تكمن في تحديد أهداف تتعلق بالاستدامة على مستوى الشركة، كتنظيم منافسات أو منح حوافز للأفراد المشاركين في مبادرات خضراء. على سبيل المثال، تعمد بعض المؤسسات الى تشجيع موظفيها على استبدال سياراتهم بالدراجات للوصول الى مكان العمل، ويكون ذلك عبر تخصيص مواقف للدراجات فقط. ويمكن لهذه المبادرة أن تقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون والحفاظ على البيئة.

في سياق متصل، تعمد بعض الشركات الى تقديم حوافز لاعتماد ممارسات أكثر استدامة في المنازل، مثل المساعدة في تركيب الألواح الشمسية أو ضمان تجهيز معدات تكنولوجيا المعلومات التي يتم إرسالها إلى الموظفين بمعايير توفير الطاقة.

يشكل العمل عن بُعد استراتيجية استدامة قوية بحد ذاتها. وهو يخفض من الانبعاثات الناتجة عن الفرد بنسبة 80%، مما يجعلها مساهمة كبيرة في الحفاظ على البيئة.

الشراكات والتعاون تشكل أساساً لبناء خطة مستدامة

لا يمكن لأي شركة أن تحقق أهداف التنمية المستدامة بمفردها، فكيف الحال إذا كان الأمر متعلّقاً بالاتصال والتواصل ضمن القرية الكونية. لذلك وعلى غرار التعاون الذي يحصل من أجل تقديم حلول للمشاكل التكنولوجية، عبر مشاركة أفضل الممارسات والمعرفة والموارد في ما بينها، يجب على الأخيرة أن تتكاتف وأن تتبادل الخبرات من اجل التسريع في تطوير التكنولوجيا الخضراء واعتمادها في كافة المجالات.

ويشمل هذا التعاون جميع الجهات كاللاعبين الأساسيين والمتمثلين في الموزعين، المصنعين والبائعين من جهة، والجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية لناحية المساهمة في الأفكار والدعم في الجهود من جهة أخرى.

وقد شهدت بعض الشركات زيادة بنسبة 200% في مشاريع التكنولوجيا الخضراء منذ عام 2019، وشملت مبادرات مثل منصات مقدمي الألواح الشمسية، وأدوات إدارة الطاقة المتجددة، ونظم مراقبة انبعاثات غاز الكربون. وقد ساهم التعاون على هذا الصعيد في تحصيل الكثير من المعرفة والابتكارات في مجال الاستدامة.

اليوم، هو الوقت المناسب للابتكار المستدام في التكنولوجيا. فالتنفيذيون الذين يعطون الأولوية للتكنولوجيا الخضراء ويتبنون الممارسات المستدامة لا يساهمون فقط في التخفيف من حدة التغيرات المناخية، بل يرفعون شركاتهم الى الطليعة. ويكون ذلك من خلال اعتماد نهج الربح الثلاثي، وضع أهداف استدامة واضحة، تعزيز ثقافة الاستدامة، واستغلال الشراكات والتعاون لتقديم مساهمة حيوية في سياق مساعٍ عالمية لتحقيق الاستدامة البيئية.