Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تتصدر مُولِّدات الطاقة الكمية أول المراكز في الثورة التكنولوجية. وتظهر كلاعب بارز في زيادة سرعة الانترنت بطريقة غير مسبوقة كما تغيير طريقة التواصل المعتمدة حالياً. فما هي الطاقة الكمية؟ كيف تعمل؟ وكيف لها أن تساهم في تطوير التكنولوجيا؟

تعريف الطاقة الكمية

تشكل الطاقة الكمية واحدة من المفاهيم المستندة إلى المبادئ الأساسية لميكانيك الكم، وهو فرع من علم الفيزياء يرتكز على الظواهر التي تحدث على مستوى الذرات والجزيئات والجسيمات الصغيرة. من أهم مفاهيمه "التراكب" حيث يمكن لجسيمة أن تكون في حالات متعددة في وقت واحد. ويعتبر هذا المبدأ أساس مولدات الطاقة الكمية، التي تقوم بتنفيذ العديد من المهام بشكل متزامن، ما ينتج عنها زيادة كبيرة في الكفاءة والسرعة.

وعلى عكس الفيزياء الكلاسيكية التي تصف الطاقة على أنها كيان مستمر يتدفق، تعمل الطاقة الكمية على مستويات مكمنة ومكملة. إنها تشمل الفكرة التي تنص على أن الطاقة موجودة في حِزَم مكمنة تُسمى الكمان، والذي يمكن ان يشهد على ظواهر مثيرة مثل التراكب والتشابك، مما يمكّن أنظمة الكم من تخزين المعلومات ونقلها ومعالجتها بطرق فريدة. وقد أثبتت التجربة أن الاستفادة من الطاقة الكمية تحمل إمكانيات هائلة، لا تقتصر فقط على اجراء اتصالات عالية السرعة بل تشمل أيضاً التقدم الرائد في مجالات الحوسبة والعديد من المجالات الأخرى.

كيف تعمل هذه الطاقة؟

الأنظمة التقليدية للإنترنت والاتصالات تعمل على البيانات الثنائية المتمثلة بـ 0 و 1. أما الأنظمة الكمية، فهي تستفيد من التراكب لتمثيل البيانات عبر حالات متعددة وبشكل متزامن. وبناءً على ذلك، فان الأنظمة الكمية تتمتع بقدرة على معالجة ونقل البيانات بسرعات مذهلة، ما من شأنه أن يرفع سرعة الإنترنت إلى مستويات تتجاوزالسرعات الحالية الى حد كبير.

وبالانتقال الى تعزيز الأمان من خلال التشابك الكمي، تعد مولدات الطاقة الكمية السبيل من أجل تحسين الأمان لأنظمة الإنترنت والاتصالات. اذ تقدم ميكانيكا الكم مفهومًا مثيرًا يُعرف بـ "التشابك"، المتمثل باتصال معقد بين جسيمتين، يجعل أي تغيير في جسيمة واحدة يؤثر فورًا على الأخرى، بغض النظر عن انفصالهما الفعلي. وتقوم هذه الخاصية الأمانية بانشاء قنوات اتصال آمنة تجاه أي محاولة للتسلل،عبر تعطيل التشابك وتنبيه المستخدمين فورًا لوجود محاولات اختراق محتملة.

مع ذلك، فان تجاوز التحديات الكمية يتضمن التعامل مع التعقيدات المرتبطة بمولِّدات الطاقة الكمية في مجال الإنترنت والاتصالات. اذ تُظهر الأنظمة الكمية حساسيةً استثنائية لمحيطها، حيث أنه من الممكن أن تحدث الاضطرابات الطفيفة "فقدان التراكب"، مما يؤدي بدوره إلى انقطاع التراكب وعودة النظام إلى حالة ثنائية تقليدية.

تحديات كثيرة في المرصاد

على الرغم من أهمية هذه التقنية، الا انه من الضروري الاشارة الى أن مجال الحوسبة الكمية المبتكر يواجه بدوره مجموعة من التحديات، نذكر منها:

  • مشكلات الاتصال: اذ تُظهر الحواسيب الكمية حساسية استثنائية تجاه الضوضاء والأخطاء الناجمة عن تفاعلاتها مع البيئة
  • تحديات تتعلق بقابلية للتوسيع: ويعني ذلك محاولة توسيع الحواسيب الكمية لتشمل مئات أو حتى آلاف البتات، مع الحفاظ على مستويات عالية من التراكب والحد الأدنى من معدلات الأخطاء.
  • إنشاء معايير وبروتوكولات: مع تقدم مجال الحوسبة الكمية، ظهرت حاجة ملحة لوجود معايير وبروتوكولات تنظم واجهات الأجهزة والبرمجيات والاتصالات. ما يشير الى أن تطوير هذه المعايير سيشكل أمرًا لا مفر منه من أجل ضمان التوافق والتشغيل المتعدد بين منصات الحوسبة الكمية المختلفة.

البحث في مجال مولِّدات الطاقة الكمية لا يزال مستمراً

بالرغم من التحديات المذكورة، يشهد العالم على تقدم ملحوظ في مجال مولِّدات الطاقة الكمية بالتوازي مع التقدم التكنولوجي الحاصل. اذ يعمل العلماء والمعنيون بجهد، من حول العالم،على تجاوز العقبات الموجودة، مما يساعد على تحقيق مولِّدات الطاقة الكمية. وقد نجح الباحثون مؤخراً في الحفاظ على حالة كمية مستقرة من هذه الجزيئات عبر مسافات كبيرة وبشكل ملحوظ.

وبالعودة الى فوائد مولِّدات الطاقة الكمية، لا يقتصر الأمر على السرعة العالية للانترنت بل يتعداها الى العديد من الايجابيات. اذ تشكل هذه المولدات فرصة لإعادة تعريف الحوسبة، من خلال تقديم حواسيب كمية قادرة على حل مشاكل معقدة بسرعة تفوق بكثير نظرائها التقليدية. كما يحمل هذا الخرق أيضاً آثاراً هائلة على أصعدة متنوعة، بدءًا من ثورة نمذجة المناخ واكتشاف الأدوية وصولاً إلى العديد من مجالات العلوم والتكنولوجيا الأخرى.

التكنولوجيا الكمية في العالم العربي

بدأ بعض الدول العربية أخيراً الاهتمام بالإمكانيات التحويلية للتكنولوجيا الكمية. وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر موقع الصدارة في إنشاء مجموعات بحثية مخصصة للحوسبة الكمية وتبنيها. وعلى الرغم من بعض البدايات الواعدة، الا أن تطوير هذه التكنولوجيا في المنطقة لا يزال يواجه عدداً من التحديات، كنقص العمالة الماهرة، محدوديَّة الاستثمارات في البحث والتطوير، عدم وجود الموارد المادية والمؤسسية والبنى التحتية اللازمة لدعم تطوير تقنيات الكم ما يؤدي الى صعوبة تطبيقها.

في الخلاصة، تمثل مولِّدات الطاقة الكمية جبهة مُشجعة في ميدان الإنترنت عالي السرعة والاتصالات. وبالرغم من ظهور تحديات كبيرة في هذا الاطار سواء في العالم أو في المنطقة العربية، إلا أن الجوائز المحتملة لتخطّيها مثيرة. ومع استمرار البحث والتطوير، قد نشهد قريبًا على تحول ثوري في المجال التكنولوجي يعود سببه الأول الى تكنولوجيا الكم.