Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

لعبة تنافسية تخوضها المنطقة العربية باستخدام الذكاء الاصطناعي وسط تقلّبات الاقتصاد العالمي ومساعي الدول النامية إلى تحقيق التنمية والتطور. في سياق متصل، تعمل الشركات على توسيع استثماراتها في هذه التقنية وسائر الخدمات التشغيلية والأجهزة المبتكرة.

تنطلق استراتيجية الدول العربية في مجال الذكاء الاصطناعي بغية الاستجابة إلى متطلبات المستقبل وعليه تقوم بتشريع وتنظيم مجتمعاتها وتحسين قطاع التكنولوجيا بالذات مما يتيح فرصاً واعدة أمام الشركات. يدخل الذكاء الاصطناعي في استثمارات الشركات على المديين المتوسط والبعيد مع تطوير الحياة اليومية. عبر التعاونات والمبادرات الهادفة، تقود الدول العربية مسيرة الرقمنة لانشاء مراكز أبحاث رائدة في هذا المجال. هذا وتراهن الحكومات على المهارات الشابة لتحويل المشاريع القائمة على الرقمنة واعتماد الذكاء الاصطناعي إلى أمر حقيقي يستفيد منه كل فئات المجتمع بالاضافة إلى تحقيق النهوض الاقتصادي.

 الذكاء الاصطناعي ما بعد 2024

يهيمن الذكاء الاصطناعي على المشهد العالمي. ونموّه السريع دفع بالدول الكبرى إلى تحديد شروط استخدام هذه التقنية بشكل لا يهدد البشر واقرار أول قانون للذكاء الاصطناعي للحدّ من تأثيره السلبي. قد يساهم هذا القطاع بنحو 320 مليار دولار في الناتج المحلي لدول الشرق الأوسط بحلول عام 2030 فضلاً عن ظهور تطبيقات عدّة تبرز امكانات الذكاء الاصطناعي وتتيح فرصاً واعدة. وسط التحولات المتتالية، توجّهت الحكومات نحو التقنيات المتقدّمة والحلول الذكية على أن تكون جزءاً من هذا النمو. 

وسط مسيرة التحول الرقمي، قد يتراوح النمو السنوي في مساهمة الذكاء الاصطناعي بين 20% إلى 34% سنوياً في جميع أنحاء المنطقة. تقود المملكة العربية السعودية النسبة الأكبر من المكاسب حيث  من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 135.2 مليار دولار لاقتصاد البلاد أي ما يوازي 12.4% من الناتج المحلي بحلول عام 2030. كذلك تتأثر الامارات العربية المتحدة بهذا التحول مع تأثير الذكاء الاصطناعي بأكثر من 14% من الناتج المحلي لعام 2030.

تنعكس قدرات الذكاء الاصطناعي على نشاط أسواق المنطقة إن كان من خلال الخدمات أو نماذج الأعمال المبتكرة أو الحلول الرقمية. تستغل المنطقة العربية المراحل المبكرة من النمو لتثبيت مكانتها بين اللاعبين الأساسيين في استراتيجية التحول. انطلاقاً من ذلك، تتبنى اليوم منطقة الشرق الأوسط الذكاء الاصطناعي مع إلتزام دول الخليج بهذه التقنية. تشكلّ الشركات أيضاً جزءًا لا يتجزأ من التكنولوجيا الحديثة استجابةً إلى متطلبات العملاء ولتقديم تجربة فائقة للمستخدمين. تركيزاً على منطقة الخليج، تبرز المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وقطر في هذا المجال مع البنية التحتية الرقمية التي تملكها وغيرها من العوامل المساعدة لتمكين الذكاء الاصطناعي أكثر فأكثر. وتستثمر دول الخليج في القطاعات غير النفطية في وقت يشهد العالم تقلبات في الاقتصاد قد يمتد تأثيرها للسنوات المقبلة.

قدرات فائقة لكافة القطاعات

تحقق القطاعات كافة مكاسب مباشرة من الحلول الذكية ضمن مسار متواصل يبدأ مع دمج التكنولوجيا في العمليات التشغيلية، تأثير ذلك على الانتاجية ورفع مستوى الكفاءة، الاستجابة إلى زيادة الطلب الاستهلاكي وضمان الاستمرارية. كما تعتمد صناعات اليوم على عنصرين أساسيين يشملان أتمتة العمليات التشغيلية لتحقيق مكاسب أكبر ومن المتوقع اعتماد الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر في هذا المجال. أما العنصر الثاني فيقضي بتطوير الحلول الذكية وتحليل البيانات لتقييم أكبر عدد ممكن من حالات الاستخدام وتحديد الأهداف على هذا الأساس.

من الناحية التنفيذية، نلحظ حماسة كبيرة نحو الاقتصاد الرقمي أما من الناحية الاستراتيجية فتضع الدول تصورّها للحياة المستقبلية مع كل ما تحمله التكنولوجيا من تحولات.

إستراتيجية الامارات للذكاء الاصطناعي: تتقدّم الامارات العربية المتحدة عن سائر الدول في بنيتها التحتية الرقمية نتيجةً للقرارات الحكومية المتخذة بغية توظيف الرقمنة لتحسين الحياة على صعيد الخدمات. تم توقيع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي عام 2017 والتي ترتكز على الذكاء الاصطناعي لادارة الشبكات والبيانات والاتصالات وتطوير الآليات والقطاعات والارتقاء بالمدن الذكية عبر استخدام الطاقة المتجددة ودراسة المشاريع المستقبلية بما يتوافق مع رؤية الامارات. هذا وقد تم تعيين وزير دولة للذكاء الاصطناعي للاشراف على هذه المشاريع مع توقع أن تدعم هذه التقنية الاقتصاد الاماراتي بأكثر من 96 مليار دولار بحلول عام 2030 أي ما يعادل 14% من الناتج المحلي الاجمالي.

المملكة العربية السعودية ورؤية 2030: ازدهار وتفوّق، يختصران مكانة المملكة العربية السعودية التي تستقطب اليوم أهم الاستثمارات وأكبر الشركات الأجنبية وتشهد مبادرات على مستوى عالمي. أما عن رؤية السعودية 2030، فهي تجسيد لاسترتيجية المملكة ونظرتها للمستقبل الرقمي والتأكيد على دور الذكاء الاصطناعي وأهميته لتحقيق التنمية الوطنية. على ضوء ذلك، تم انشاء "الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي" وهي تعمل على ادارة المبادرات القائمة ودعم المهارات في هذه الصناعة.

وقد برهنت المملكة قدراتها في الحلول الذكية مع اعتماد الذكاء الاصطناعي في التجارة وقطاع الرعاية الصحية والمدارس والأبحاث وسائر قطاعات الحوسبة السحابية. نتيجة لذلك، يقُدر خبراء التقنية أن تثابر المملكة في هذا النجاح خلال السنوات المقبلة مع تحقيق مكاسب أكبر في مجال الذكاء الاصطناعي تتجاوز الـ135.2 مليار دولار في الناتج المحلي للمملكة وذلك بحلول عام 2030.   

ركائز استراتيجية - قطر: تستعرض الجهات القطرية استراتيجية قطر الوطنية للذكاء الاصطناعي وهي تهدف إلى تمكين هذا المجال على المستويات كافة تماشياً مع رؤية قطر الوطنية 2030. تُشجّع هذه الاستراتيجية الاستثمارات التقنية وهي قائمة على المنحى الاقتصادي والاجتماعي وتخصص اليد العاملة البشرية والحفاظ على بيئة خضراء أيضاً. تحرص قطر على مواكبة النمو السريع مع ارتباط نحو 94% من سكانها بشبكة الانترنت مما يتطلّب تنمية مستمرة للذكاء الاصطناعي، ورقابة أكبر من قبل المعنيين لمحاربة الهجمات السيبرانية واعداد نهج خاص لادارة الحلول الذكية وتعزيز التفاعل الرقمي عبر التطبيقات كافة. هذا ونذكر أهمية البيانات الضخمة وعلاقتها بنماذج الذكاء الاصطناعي حيث تعمل الشركات القطرية على ادراة بياناتها والتحكم بها توازياً مع الاستراتيجية الوطنية.

بينما ترتقب الدول العربية وأفريقيا والمنطقة المجاورة مستقبل التكنولوجيا وتحولات عام 2024، تعزز الثورة التكنولوجية نماذج الابتكار التي تحقق من خلالها قفزة كبيرة على مستوى الاستثمارات والاقتصاد الرقمي بل وأكثر من ذلك.

وبخطوات متقدّمة تظهر مصر قدراتها التقنية مع اطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في 2021 والتي تعكس مكانة الجمهورية المصرية الرائدة. في هذا الاطار من المتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد المصري أكثر من 42.7 مليار دولار ونحو 46 مليار دولار في الناتج المحلي الاجمالي لاقتصاد البحرين والكويت وعمان وقطر بحلول نهاية العقد في صورة تجسّد استعداد هذه الدول إلى المرحلة الجديدة حيث الرهان الأكبر على الحلول الرقمية والأتمتة وتحليل البيانات الضخمة ودعم الأجهزة الالكترونية، وأخيراً يبقى الذكاء الاصطناعي في صدارة مشهد التحول هذا على سلبياته والتساؤلات بشأن استخدامه على المدى البعيد.   

عمالقة التكنولوجيا تتحرّك

تركز شركات التكنولوجيا في المقام الأول على الحلول الذكية وخصوصاً على أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تسعى إلى توسيع استثماراتها فيها خلال العام الجاري. في هذا الاطار، أعلنت شركة غوغل أنها ستقدم تجارب جديدة تشمل أنظمة التشغيل لديها والأجهزة المبتكرة وتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي للحفاظ على أمن البيانات وخصوصية المستخدمين.

هذا وتقدم شركات التكنولوجيا منصاتها لتطرح من خلالها خدمات الذكاء الاصطناعي بهدف تبسيط الأعمال ورفع الكفاءة. بدورها عملت شركة ميتا على نظام جديد للذكاء الاصطناعي لمنافسة "OpenAI" ومن المتوقع أن يتم طرحه هذا العام. يساعد نظام "لاما 2" الشركة لتقديم خدمات متطورة. وتعليقاً على ذلك قال الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ: "توصلنا إلى نتيجة مفادها أن بناء المنتجات التي نريد بناءها، يتطلب منّا العمل نحو الذكاء الاصطناعي العام".

تضع شركات التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بمتناول اليد إذ أننا ندخل مع عام 2024 مرحلة جديدة من الابتكارات والحداثة سترافقنا على مدار العقود المقبلة.