بقلم: هشام يوسف، حبيبة سالم، مريم رضا، إيزابيل جيجون، إياجو بوشوك ونيكول ستاروسيلسكي
تزايد الوعي بأهمية البنية التحتية للإنترنت وتأثيرها على كوكب الأرض خلال العقد الماضي، وقد سعى الباحثون وصنّاع السياسات والشركات إلى تقييم انبعاثات الكربون الناتجة عن البنية التحتية للإنترنت والحد منها، مع التركيز على مراكز البيانات. وعلى الرغم من امتداد شبكة خفية من الكابلات البحرية على مساحات شاسعة في قاع بحار ومحيطات العالم، والتي تمثّل العمود الفقري للاتصالات حول العالم وتحمل أكثر من 99% من حركة البيانات العالمية عبر المحيطات من خلال 4.1 ملايين كيلومتر من الكابلات في جميع أنحاء العالم، فقد كانت هذه الشبكة غائبة تمامًا عن المناقشات. ويرجع السبب وراء ذلك إلى أنّ الانبعاثات الكربونية لأنظمة الكابلات البحرية تُعدّ منخفضة نسبيًا. في الواقع، من المعروف أن الكابلات البحرية تتيح مستقبلًا أكثر استدامة من خلال الحدّ من السفر، وزيادة كفاءة الحصول على المعلومات، وتمكين علوم المناخ الدولية، ودعم النسيج الاجتماعي والاقتصادي لعالمنا من خلال الاتصالات العالمية.
وعلى الرغم من البصمة الكربونية الطفيفة للكابلات البحرية (حيث أن حجم الكابل البحري في قاع البحر يماثل تقريبًا حجم خرطوم الحديقة)، فإنّ العديد من الشركات والمؤسسات العاملة في مجالات الكابلات البحرية والاتصالات تعمل على تطوير نهجها الخاص لتقييم الاستدامة وتنفيذ الممارسات المستدامة. ومع ذلك، ظلت هذه الجهود فردية وغير متسقة حتى عام 2021.
في عام 2021، سعى مشروع مبادرة شبكات الكابلات البحرية المستدامة (SSN) تحت إشراف SubOptic Foundation إلى تغيير هذا الوضع. وبدعم من Internet Society Foundation، استطاع فريق عمل شبكات الكابلات البحرية المستدامة، والذي يتألف من مجموعة من الباحثين والعاملين في قطاع الكابلات البحرية، إلى تيسير التعاون من خلال إجراء البحوث واستضافة الفعاليات وتعزيز المناقشات حول الاستدامة بهدف تعزيز استدامة الكابلات البحرية.
في عام 2014، نشرت شبكة الكابلات البحرية تقريرًا عن أفضل الممارسات في استدامة شبكات الاتصالات البحرية ، ويضمّ عامين من البحث في جهود الاستدامة الجارية. تم إعداد التقرير بالتعاون بين مجموعة من الأكاديميين والشركات على مستوى العالم. ويحدد هذا التقرير الهام أفضل الممارسات في استدامة الكابلات البحرية، كما يقدم دليلًا شاملًا للجهود الحالية التي تبذلها شركات الكابلات البحرية للتخفيف من انبعاثات الكربون، ليس فقط من مالكي ومشغلي أنظمة الكابلات ولكن أيضًا الجهود المبذولة من موردي خدمات الكابلات البحرية، من شركات تركيب الكابلات إلى شركات المسح البحري. بالإضافة إلى ذلك، يصف التقرير الطرق المحتملة للحد من انبعاثات الكربون مستقبلًا.
ويوثق التقرير، استنادًا إلى البيانات المقدمة من 27 شركة وإفصاحات أعضاء SubOptic، أمثلة على أفضل الممارسات في حساب انبعاثات الكربون والكشف عنها، وتحديد الأهداف، والتصميمات والعمليات المستدامة، وشراء وتركيب مصادر الطاقة المتجددة، وإعادة التدوير، من بين مجالات أخرى. ويختتم التقرير البحث بمناقشة الدوافع الرئيسية للاستدامة مثل احتياجات العملاء، والتغيرات المستقبلية، والتمويل الأخضر، والقيم المناخية للشركات الكبرى، والالتزام الفردي للمؤسسات. ويسلط التقرير الضوء على الحاجة إلى تعزيز التعاون لمواءمة المقاييس في جميع مستويات القطاع استنادًا إلى الجهود الحالية، والتي يمكن استخدامها داخليًا لمراجعة الأداء ومتابعته بالإضافة إلى تحديد فرص التحسين في المستقبل.
وتقدّم المعلومات التي تم جمعها في هذا التقرير صورة متكاملة عن هذه الصناعة خلال مرورها بمرحلة انتقالية؛ نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة عبر دورة حياة الكابلات البحرية. ويقدّم التقرير، من خلال المعلومات التي تمّ جمعها عن هذه الجهود، نظرة متعمقة عن مبادرات الاستدامة وكيفية توسيع نطاق تطبيقها وتكرارها على مختلف مستويات القطاع في جميع أنحاء العالم.
تؤدي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دورًا استراتيجيًا في الاتصالات العالمية، حيث تعمل كنقطة التقاء أساسية للعديد من أنظمة الكابلات البحرية الرئيسية التي تربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا. وتعمل شركات الاتصالات الرئيسية على تعزيز البنية التحتية للاتصالات لتلبية الطلب الإقليمي المتزايد على الوصول للإنترنت، بالإضافة إلى دورها الأساسي كمركز رئيسي لحركة البيانات الدولية. وتقود بعض الشركات العالمية، مثل شركة E-marine، الابتكار في تصميم السفن المستدامة، كما أن رؤية الشركة المصرية للاتصالات لاستخدام مصادر الطاقة الأكثر خضرة ونظافة تدفعها لتلبية المطالب المتزايدة التي تسلط الضوء على الاستدامة والموثوقية كأساس لنموها. على طول طرق العبور لديها، تُدير حاليًا أكثر من 13 محطة بينية تعمل بالطاقة الشمسية وتُخطط لتشغيل المزيد من منشآتها باستخدام الطاقة المتجددة بدون انبعاثات كربونية.
وقد تمّ تطوير خريطة شبكات الكابلات البحرية المستدامة بالتعاون مع شركة TeleGeography (انظر أدناه). وتمثل هذه الخريطة أفضل الممارسات لعشرين شركة تشارك في بناء الكابلات البحرية أو تشغيلها أو صيانتها أو استعادة الكابلات البحرية من قاع البحر، كما تقدّم لمحة عن المساهمات المتنوعة لهذه الصناعة العالمية.
الشكل 1 خريطة شبكات الكابلات البحرية المستدامة
رسم لشبكات الكابلات البحرية المستدامة (https://suboptic.org/page/sustainability-map)
ومع استمرار تطوّر الشبكات البحرية، سيكون للجهود المشتركة التي تبذلها بعض المناطق الهامة مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دور حاسم في تعزيز مستقبل الاستدامة والاتصالات. وتضمّ المبادرة البحثية للشبكات البحرية المستدامة فريقاً بحثياً متخصصاً، مقره القاهرة، مصر، معنياً بدراسة الاستدامة في صناعة الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ندعوكم للتواصل مع المبادرة عن طريق الإيميل (عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.) لمعرفة المزيد من المعلومات والتفاعل مع هذه الصناعة في مسيرتها نحو مستقبل أكثر استدامة.
لمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على الموقع الإلكتروني للشبكات البحرية المستدامة: Sustainable Subsea Networks
نبذة عن فريق البحث في مجال الشبكات البحرية المستدامة:
هشام يوسف: يتمتع الباحث هشام يوسف، وهو عضو في فريق بحث محطات إنزال الكابلات البحرية التابع للشبكات البحرية المستدامة وكبير مهندسي التراسل الدولي، بخبرة تزيد عن 12 عامًا في مجال الاتصالات والكابلات البحرية في الشركة المصرية للاتصالات، الشركة الرائدة في مجال الاتصالات والبيانات وخدمات الإنترنت في مصر والمنطقة. حصل هشام على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية والإلكترونيات والاتصالات من جامعة الإسكندرية.
حبيبة سالم: مساعدة باحث جامعي في مجال الشبكات البحرية المستدامة، وتدرس حاليًا إدارة الأعمال في الكلية الكندية الدولية بالقاهرة، تخصص تمويل. ينصب تركيزها على تطوير أبحاث مقاييس استدامة الكابلات البحرية في محطات إنزال الكابلات، وتتضمن إدارة نقطة اتصال الكابلات البحرية بالبنية التحتية الأرضية.
مريم رضا: مساعدة باحث جامعي بفريق البحث العالمي للشبكات البحرية المستدامة، وطالبة في السنة الأخيرة في كلية إدارة الأعمال في الكلية الكندية الدولية بالقاهرة.
إيزابيل جيجون: تشغل منصب مساعد باحث دراسات عليا في فريق المقاييس البحرية التابع للشبكات البحرية المستدامة وقائدة الأبحاث العالمية. حصلت إيزابيل على بكالوريوس العلوم الإنسانية السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس بفرنسا وجامعة كاليفورنيا في بيركلي بالولايات المتحدة الأميركية، وهي حالياً طالبة ماجستير بكلية الشؤون الدولية - معهد الدراسات السياسية في باريس بفرنسا.
إياجو بوشوك: مستشار السياسات العالمية للشبكات البحرية المستدامة ومرشح لنيل درجة الدكتوراه في علوم الاجتماع من جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة. يبحث إياجو من خلال عمله الأبعاد المادية والثقافية والاقتصادية والسياسية للبنية التحتية الرقمية في جنوب الكرة الأرضية.
نيكول ستاروسيلسكي: أستاذة دراسات الإعلام في جامعة كاليفورنيا في بيركلي بالولايات المتحدة الأميركية. يركز بحث الدكتورة نيكول على تاريخ صناعة الكابلات والجوانب الاجتماعية لبناء وصيانة الكابلات البحرية. وهي مؤلفة كتاب The Undersea Network (2015)، الذي يفحص الأبعاد الثقافية والبيئية لأنظمة الكابلات العابرة للمحيطات. نشرت نيكول أكثر من أربعين مقالًا وهي مؤلفة لخمسة كتب عن وسائل الإعلام وتكنولوجيا الاتصالات والبيئة، وهي باحثة رئيسية في مبادرة أبحاث الشبكات البحرية المستدامة التابعة لمؤسسة SubOptic.