Advertisement

منتهي الصلاحية
تقارير وتغطيات
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

الدفع الرقمي والتحويلات المصرفية الفورية وتطبيقات المحفظة الرقمية على الهاتف المحمول، ثورة في مجال الخدمة المصرفية الالكترونية التي تجتاح منطقة الشرق الاوسط والعالم. تجعل المحفظة الرقمية معالجة الدفع أكثر سرعة وراحة وأمانًا من أي وقت مضى اذ نشهد حالياً تحولاً متسارعاً بهذا الاتجاه لرقمنة التعاملات المالية وتخزين نسخ رقمية من البطاقات المصرفية على الهواتف الذكية.

 شهد استخدام المحفظة الرقمية في منطقتنا نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة مع تقدم شبكات الانترنت على مستوى العالم. ففي عام 2022، بلغت قيمة المدفوعات الفورية في الشرق الاوسط نحو 675 مليون دولار ومن المتوقع أن تصل إلى 2.6 مليار دولار بحلول عام 2027. تُخزّن المحفظة الرقمية بيانات الدفع وتسمح باجراء المعاملات والتداولات الرقمية عبر الهاتف المحمول أو أي جهاز الكتروني بمجرّد تشغيل التطبيقات الرقمية الخاصة بشركات التكنولوجيا والاتصالات. لا يتطلب منك الكثير، فبنقرة واحدة ممكن أن تنجز كل ما يتطلب منك بسرعة ودقة وموثوقية. في ظلّ التحول الرقمي، ما الدوافع لاستخدام المحفظة الرقمية وما المحرّك لهذه الثورة الرقمية في القطاع المصرفي؟ وهل من تداعيات محتملة؟

 شهد العالم تغييرات ملحوظة في هذا المجال مع التوجه أكثر نحو المحفظة الرقمية

عوامل تدعم استخدام المحفظة الرقمية

يبلغ متوسط أعمال الشباب في الشرق الاوسط بين 22 و25 عاماً اذاً فهي تُعد منطقة شابة مقارنةً بالخارج. وقد نشأ هذا الجيل على الثورة التكنولوجية حيث بدأ الاهتمام فعلياً بمفهوم الحلول الرقمية وبأهمية الانترنت في مختلف المجالات. تنجذب هذه الأعمال إلى الخدمات الرقمية والابتكارات الجديدة خصوصاً للمهام اليومية لتوفير الجهد والوقت. تستجيب الشركات إلى هذا الواقع من خلال تطوير شبكاتها وبنيتها التحتية وخدماتها للوصول إلى الجميع دون استثناء خصوصاً مع انتشار الهواتف المحمولة في المنطقة. على ضوء ذلك، أصبح الدفع الرقمي حاجة وليس من الكماليات اذ تتعامل الحكومات مع هذه الظاهرة على أنها من أساسيات تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد رقمي ومواكبة الحدث. تتوفر المحافظ الرقمية منذ القرن الماضي وتم تطويرها اليوم من قبل شركات التكنولوجيا لتواكب العصر الحديث. كانت "باي بال" وعلى باي" أول الرواد في هذا المجال ثم أطلقت غوغل في العام 2011 محفظتها الخاصة تحت اسم "غوغل والت" ثم "آبل باي" في العام 2014 تلاها "أندرويد باي" في العام 2015 التي دُمجت في ما بعد مع محفظة غوغل.

وحتى العام 2019، شهد العالم تغييرات ملحوظة في هذا المجال مع التوجه أكثر نحو المحفظة الرقمية واستبادلها ببطائقات الائتمان المصرفية كوسيلة للدفع السريع والآمن. ويتوقع الخبراء المصرفيون أن تستخدم المحافظ الرقمية لاتمام معاملات رقمية بقيمة 16 مليار دولار بحلول عام 2028.

إلى جانب "جيل التكنولوجيا"، يشكل انتشار الهواتف الذكية واستخدامها محركاً مهماً آخر لنمو المدفوعات عبر البطاقات الرقمية في الوقت الفعلي في المنطقة، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث من المتوقع أن يرتفع معدل انتشار الهواتف الذكية من 76% في عام 2022 إلى 92% بحلول عام 2030.

انتشار الهواتف الذكية

مع تزايد استخدام الهواتف المحمولة، أصبحت المدفوعات الرقمية أسهل من أي وقت مضى. لذا، ليس من المستغرب أن تشهد دول المنطقة طفرة في استخدام المدفوعات عبر الهاتف المحمول في منطقة اعتمدت تاريخيًا على المعاملات النقدية. تُسهّل خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول حياة المستهلكين: إذ يُمكنهم استخدام تطبيقات مثل BenefitPay لتحويل الأموال، ودفع ثمن المشتريات، ودفع الفواتير، والوصول إلى خدمات أخرى في مكان واحد. تحظى تطبيقات الدفع العالمية، مثل "آبل باي" و"غوغل باي"  بقبول واسع في دول مجلس التعاون الخليجي، بينما تُقدم حلول إقليمية، مثل STCPay في المملكة العربية السعودية و"كريم باي" في الإمارات العربية المتحدة، حلولاً مُصممة خصيصًا للعملاء للدفع عبر الهاتف المحمول في سوق سريعة النمو. ومن المتوقع أن يُسجل سوق الدفع عبر الهاتف المحمول في الشرق الأوسط وأفريقيا معدل نمو سنوي مُركب بنسبة 30.1% بين عامي 2022 و2027.

التحول إلى الاقتصاد الرقمي:

حتى قبل جائحة كوفيد-19، كان قطاع التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط مزدهرًا، إلا أن الجائحة أدت إلى ازدهار أكبر في المنطقة: ففي عام 2021، كان 80% من الشباب العربي يتسوقون عبر الإنترنت بشكل متكرر، مقارنةً بـ 71% في عام 2019. كما ازدهر استخدام مزودي خدمات "اشترِ الآن وادفع لاحقًا"، مما أتاح للعملاء فرصة دفع ثمن السلع بأقساط بدون فوائد. وتفخر تابي وتمارا بامتلاكهما 10 ملايين مستخدم في كل من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين، وتُقدر قيمة كل منهما بـ 1.5 مليار دولار ومليار دولار على التوالي. أدى هذا التحول الرقمي أيضًا إلى انتقال سريع نحو المدفوعات الرقمية. ففي الإمارات العربية المتحدة، موطن إحدى أكبر قصص نجاح التجارة الإلكترونية في المنطقة، سوق.كوم، يتوقع 64% من المواطنين أن تصبح البلاد خالية تمامًا من النقد بحلول عام 2030.

اسثتمار الحكومات بالحلول الرقمية:

وفي حين كان نمو المدفوعات الرقمية في الشرق الأوسط مدفوعاً بطلب المستهلكين، فإن استعداد الحكومات في المنطقة لخلق النوع المناسب من البيئة المواتية كان له أيضاً تأثير كبير.

ساهمت خدمات شبكات الجيل الخامس التجارية، التي كانت متاحة في المنطقة منذ عام 2019، في تسريع اعتماد المدفوعات الرقمية، وكذلك زيادة سرعات الإنترنت. واعتبارًا من هذا العام، تقع أربع من الدول العشر ذات أسرع سرعات إنترنت في العالم في دول مجلس التعاون الخليجي: قطر، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، والبحرين. كما كانت البحرين من أوائل الدول عالميًا التي أطلقت شبكة الجيل الخامس التجارية. وقد أثبتت هذه الأنواع من الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية للشبكات أنها دافع رئيسي في ازدهار المدفوعات الرقمية.

كما أسهم التعاون بين القطاعين العام والخاص بشكل كبير في تهيئة بيئة تُطبّق فيها المدفوعات الرقمية على نطاق واسع. على سبيل المثال، تُمكّن أنظمة "خدمة اعرف عميلك إلكترونيًا" الشركات من تحويل عملية كانت في السابق طويلة ويدوية ومكلفة - ولكنها مهمة، إذ لا يُمكن إتمام المعاملات المالية بدونها - إلى عملية فعّالة وسلسة.

تُولي حكومات المنطقة أولويةً للتحول الرقمي كمحرك رئيسي لنموها وازدهارها المستقبلي. وتُعد رؤية السعودية 2030، ورؤية مصر 2030، والاستراتيجية الرقمية لدولة الإمارات العربية المتحدة أمثلةً عمليةً على ذلك. وقد نجحت مؤسسة النقد العربي السعودي في تعزيز المدفوعات الرقمية في المملكة. وفي عام 2022، شهدت المدفوعات الرقمية ارتفاعًا بنسبة 62%، حيث سُجِّلت 8 مليارات معاملة، أي ما يعادل أكثر من 426 مليار دولار أميركي.

تُعزز مناهج الشرق الأوسط المبتكرة في مجال المدفوعات الرقمية النمو الاقتصادي وتُحسّن الشمول المالي من خلال تلبية احتياجات الأسواق

هل تحول البطاقات الرقمية أساس المجتمعات العربية؟

تُعزز مناهج الشرق الأوسط المبتكرة في مجال المدفوعات الرقمية النمو الاقتصادي وتُحسّن الشمول المالي من خلال تلبية احتياجات الأسواق التي تعاني من نقص الخدمات.

على سبيل المثال، من خلال خدمات مثل المدفوعات الفورية القائمة على رقم الحساب المصرفي الدولي (IBAN)، تُساعد تطبيقات الدفع الرقمي الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على تقليل اعتمادها على النقد مع تجنب الحاجة إلى الاستثمار في بنية تحتية رقمية باهظة التكلفة. كما تُسهّل ميزات مثل التحويلات الإلكترونية إرسال أموال العمال المهاجرين، الذين لا يزالون يواجهون عوائق في الوصول إلى الخدمات المصرفية التقليدية، إلى أوطانهم بطريقة أكثر أمانًا وسهولة.

يُعدّ الشرق الأوسط في طليعة ثورة المدفوعات الرقمية، مدفوعةً بجيل شاب مُلِمٍّ بالتكنولوجيا، وزيادة في استخدام الهواتف المحمولة، وازدهار التجارة الإلكترونية. وكما أظهر الاستثمار الحكومي استعداده للتعاون مع القطاع الخاص، فإن المنطقة لا تغتنم الفرصة فحسب، بل تُساهم بنشاط في تشكيل المشهد.

أما القطاعات التي تستفيد من المحفظة الرقمية فهي:

تجارة التجزئة: تُحدث المحافظ الرقمية تحولاً جذرياً في قطاع تجارة التجزئة من خلال تمكين عمليات دفع أسرع، وتقديم عروض مُخصصة، وبرامج ولاء. ويستطيع التجار الاستفادة من بيانات المعاملات لفهم سلوك العملاء بشكل أفضل، وتصميم عروضهم بناءً على ذلك.

الرعاية الصحية: يمكن للمحافظ الرقمية تبسيط مدفوعات الرعاية الصحية وإدارة مطالبات التأمين وتخزين السجلات الطبية بشكل آمن، مما يعزز تجربة المريض بشكل عام.

قطاع النقل: أصبحت المدفوعات غير التلامسية عبر المحافظ الرقمية تحظى بشعبية متزايدة في أنظمة النقل العام، مما يوفر طريقة مريحة وفعالة لدفع الأجرة.

 يشهد سوق المحافظ الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نموًا ملحوظًا، مدفوعًا بأسس متينة ومنظومة عمل داعمة

تحديات أمام اعتماد المحفظة الرقمية

لا تزال بعض الدول – على نطاق أكبر - أوالشركات - على نطاق أصغر – تتردد في اعتماد المحفظة الرقمية وترفض هذا المفهوم في أحيان أخرى. يرتبط ذلك بمدى قدرتها المالية التي تمكّنها من استبدال أجهزتها بأجهزة مدعومة بالبرامج المطلوبة لأنظمة الدفع الرقمي. كما أن الانتقال إلى المحفظة الرقمية يرتّب على الشركة تكاليف اضافية قد تفوق الفوائد التي تعود إلى المستخدمين أنفسهم.

توازياً، لا بدّ من التركيز على أهمية حفظ الأمن الرقمي باستخدام المحفظة الرقمية وحماية المعلومات والبيانات في المعاملات الرقمية ومحاربة التهديدات السيبرانية. لذلك، تأخذ الحكومات التي تعمل على تطوير التكنولوجيا المالية لديها كل تدابيرها لتعزيز أمنها السيبراني وحماية مستخدمي المحفظة الرقمية وتطوير استراتيجيات وطنية تعزز أمن البنية التحتية الرقمية لحفظ المعاملات الالكترونية.

وبما أن الانتقال إلى المحفظة الرقمية 100% لا يزال أمراً غير ممكن في الوقت الحالي، تركز المصارف في الشرق الاوسط على تطوير تطبيقات الخدمة المصرفية لديها لتلبية الطلب على الخدمات السريعة وتمكين الاطر التنظيمية من تقديم حلول متكاملة.

يشهد سوق المحافظ الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نموًا ملحوظًا، مدفوعًا بأسس متينة ومنظومة عمل داعمة. ومن خلال مواجهة التحديات الرئيسية واغتنام الفرص، يمكن للشركات الاستفادة من المحافظ الرقمية لتحسين تجربة العملاء، وتعزيز الشمول المالي، وفتح آفاق جديدة للنمو. فمع الاهتمام بدمج التكنولوجيا في كل القطاعات لتكون أكثر تناغماً مع العمليات التشغيلية، بالاضافة إلى اعتماد تقنية البلوك تشين والعملات الرقمية المشفرة، من المتوقع أن تتطور الخدمات الرقمية في المنطقة وتعزز التعاون والمبادرات في هذا الاطار لتغيير أنظمة الدفع التقليدية وتحويلها إلى الأساليب الرقمية.